علي عرمش شوكت
الجمعة 27 / 7 / 2007
لنتعلم كيف نختلف لكي نأتلف
علي عرمش شوكت
نسمع بين اونة واخرى بأن احدى الكتل المشاركة في العملية السياسية قد علقت عضويتها في البرلمان ،او في الحكومة خلف حجة عدم تحقيق مطالبها من قبل المسيطرين على مركز اتخاذ القرار، ووصل الامر الى حد التهديد والوعيد بالانسحاب من العملية السياسية ذاتها ، وهذا ما لمسناه من الكتلة الصدرية ، وحزب الفضيلة ، والتحالف الكردستاني ولكن هذا الاخير قد حدد ذلك باتخاذ موقف معين ازاء عدم تطبيق المادة 140 من الدستور وليس الانسحاب، واخيرا جاء من جبهة التوافق ، وبطبيعة الحال تدعو هذه المواقف المتشنجة الى التأمل قبل الحكم عليها سلبا او ايجابا ، فالناخب او حتى المواطنون بصورة عامة يبقون امام امر يكتنفه الالتباس طالما لم تفصح الحكومة عن حقيقة موقفها من حقوق تلك الكتل المشاركة معها في السلطة ، والمثبتة في الدستور وبمواثيق الشرف التي تمت على اعتاب تشكيل الحكومة ، ومن دون ذلك سيصبح اللوم على النخبة التي بيدها سلطة القرار، بل سيتحول بكل تأكيد الى تعاطف مع هذه الكتل المختلفة .
ولكن من يصل الى درجة الاختلاف مع الاخر عليه ان لا ينسحب من ساحة المسؤولية ويعتكف لان في ذلك خسارة لاتعوض ، وفي المقدمة يخسر الزمن ويعني ضياع الفرص المتاحة اليوم وربما لاتتوفر بالغد، وكذلك يخسر تأييد الرأي العام غير المختلف معه الذي لايرتضي بالانطواء حول الصغائر ذات الطابع الخاص ، ثم في انسحابه سيخلو الميدان لمن يختلف واياه، وبالتالي يمكن نده من الترويج اكثر لطروحاته ، خصوصا اذا ماكان الانسحاب مصحوبا بالتهديد والوعيد الذي لايفسر الا بالعجزعن امكانية الاقناع وضعف الحجة والبينة وافتقاره للنفس الطويل في مواصلة الحوارالحضاري ، كما يعكس عدم الاستعداد بقبول (انصاف الحقوق) التي عادة ما تكون النتيجة الممكنة لحل الخلافات او فك الاشتباكات وفض النزاعات .
ان انصاف الحقوق لايستحصل عليها الا بالحوار الهادف بعيدا عن كل وسائل الابتزاز والتهديد والعنف بكل اشكاله السياسة والفكرية والعسكرية وغيرها ، صحيح ان وسائل العنف توصل احيانا الى الحصول على كافة الحقوق للطرف المنتصر ولكن ستبقى تلك النتيجة قلقة وفي مهب الريح ، لان الخسران لكل حقوقه لايستكين بل سيحاول بكل ما يمتلك من قوة وربما يستعين حتى بالشيطان لأستعادة حقوقه او بعض منها، لهذا يعتبر الحوار- الحضاري- ونؤكد على ذلك هو الدرس الاول لمعرفة كيف نختلف ، والاختلاف لايفسد للود قضية كما يقال ، ومن دون الاختلاف لايوجد التنافس الايجابي ولا تجدد اوتطور الافكار والطروحات ، ولكن يصبح الاختلاف غير مستساغ من قبل الرأي العام الذي هو الفيصل في مثل هذه الحالات عندما يأخذ طابعا عنفيا ، لكونه وهو على هذه الشاكلة سوف لن يؤدي الا الى مزيد من التداعيات التي لاتحمد عواقبها .
وهنالك من يقول ان اللجوء الى العنف هو بسبب استنفاذ كافة الوسائل السلمية الاخرى ، وهو ايضا ناتج عن تعنت الطرف الظالم المستكبر صاحب القرار، اذن اين شروط العملية السياسية التي تعمدت باحد عشر مليون صوت ناخب ، لكي تكون ميدانا للتوافق وتحقيق انجازات لاعادة بناء الوطن والموطن على حد سواء ، وليس سيادة روح الاستحواذ على القرار واقصاء الاخر والتجاوز على حقوقه التي اقرها الدستور و تستغل موادا معينة فيه للتطاول على الحقوق والحريات العامة والخاصة ، علما ان الدستور لم يحظ بالقناعة الكاملة لكل المكونات العراقية ، لكنه مازال لحد الان يعتبر هو المرجع الوحيد للعملية السياسية ، واستنادا عليه يمكن تحقيق التوافق المطلوب ، وبالتالي اعادة تأسيس مابات غير نافع من مفردات العملية السياسية بما في ذلك فقرات عدة من الدستور ذاته ،
نعود الى الانسحابات وتأزم الاختلافات فهي لاتعكس قطعا روح التضحية وتواصل العمل المشترك لانقاذ الشعب العراقي من محنته رغم ماتعتريه من تعقيدات او تجاوزات احيانا على بعض قواعد العملية السياسية ، فبقدر الحرص والتواصل يكون ايضا التواصل والتصدي لكافة اشكال التجاوزعلى اصول لعبة الديمقراطية او اجتزائها حسب ما ينفع هذا الطرف او ذاك ، فليعلم المسؤولون بأن من انتخبهم يقتل منهم كل يوم المئات واذا ما استمرأوا ذلك فسوف لن يجدوا احدا ينتخبهم في الدورة الانتخابية القادمة.