علي عرمش شوكت
الأثنين 27/ 8 / 2007
اتقوا غضب الشعب الجريح
علي عرمش شوكت
كان في الماضي يعبر العراقيون عن من يتعرض للمزيد من الأذى في حياته بانه ( جلده مدبغ ) اي انه قد دبغ جلده ، فيكون قادرا على تحمل المزيد من الأذى والنكبات ، فهل يستند المسؤوليون في الحكومة العراقية على هذه المقولة ويظنون ان الشعب العراقي يتحمل المزيد من قساوة الظروف التي يعيشها الآن لكونه قد تعود خلال اربعة عقود مضت على الحياة القاسية في كل مناحيها مما جعله مدبوغ الجلد ؟، صحيح ان الانسان له قدر معين من التحمل ، وبخاصة المواطن العراقي الذي عاشت اجياله الاربع الاخيرة ظروف استبداد لاسابقة لها ، ولكن بعد ان كسرت قيوده اصبح يخطؤ من يتوهم بأن الشعب سيتحمل المزيد من التلاعب والتعسف بمقدراته ، وهو يرى صورة النخبة الحاكمة السابقة تتكرر ولكن في بروزة من طراز جديد ، اي ان هنالك نخبة اقلية حاكمة مترفهه وكثرة محكومة مسحوقة ، لابل مصحوب كل فرد من المواطنين بلحظة موت مجهولة الوقوع ، هذا وناهيك عن الموت البطيئ الذي يلف السواد الاعظم من جراء سوء الاحوال المعاشية المتدهورة على كافة الاصعدة .
كان في زمن النظام السابق عندما يموت الاطفال بالجملة من جراء الحصار يأخذها المتسلطون ويعملون منها عراضة في شوارع بغداد مقتصرين اسبابها على النتيجة ( الحصار) دون اية اشارة الى من الذي تسبب بفرض الحصار، الذي هو دون شك بفعل حماقات النظام الدكتاتوري ذاته ، واليوم يعلق المسؤولون اسباب الازمة الخانقة على النتيجة ( الارهاب ) دون اي ذكر للاسباب الحقيقية التي افرزت المناخ الصالح لنشوء وتزايد اعمال الارهاب وتدهور اوضاع الشعب العراقي ، الا وهي الاستنفار والتجييش والصراع الطائفي السياسي على السلطة والنفوذ ، غير ان هذه المرة لايقتصر الامر على المساس بالاوضاع المعيشية والتي يمكن تحمله وانما انهاء الحياة ذاتها ، وهذا الذي لايمكن ان يتساهل به اي شخص حتى وان كان ( جلده مدبوغا ) ، ومع ذلك يصرون على اللجوء الى نتف الحلول وسياسة الترقيع وبقاء الحراك محصورا على فرسان المحاصصات الذين لايأبهون فيما يحصل من دمار في طول البلاد وعرضها ، وانما اول هم يسعون من اجله هو الحفاظ بكل السبل على مكتسباتهم من (غنائم ) وموقعهم في السلطة .
ان العراق حافل بالكفاءات العالية والقيادات الجديرة التي بامكانها التعامل مع الازمة ووضع الحلول الناجعة لها بعيدا عن عقدة المصالح الفئوية ،وبالفعل قد تقدمت بمشاريع وطنية للحل كألمشروع الوطني الديمقراطي لحل الازمة الراهنة الذي تقدم به الحزب الشيوعي العراقي ، غير ان هذه الكفاءات لاتجد لها محط قدم وسط هذا التزاحم والاستنفار واللجوء الى اساليب النظام الدكتاتوري بعزل القوى الوطنية والديمقراطية والظهور بمظهر ( المجموعة القائدة ) على غرار الحزب القائد ،زد على ذلك رسم الحدود وخرائط الاقاليم المفتعلة وتسمية امرائها وحتى ملوكها وربما الحاقها بشرا وارضا بخارج الحدود !! ، وبات اسم العراق بنظر البعض شيئا معيبا للاسف الشديد !!، فكيف ستجد القوى الوطنية والديقراطية العراقية السبل الممكنة لمعالجة الازمة اذا ؟، في حين تواجه بالعزل والتجاهل المقصود من قبل ( كبارالقوم ) وذلك للاستفراد بالقرار فمرة يسمون انفسهم بالمعتدلين واخرى بالمؤسسين وثالثة بالرباعية وبعدها بالخماسية ولانعلم بأية تسمية جديدة سيتعذرون للبقاء في خنادقهم وخلف متاريسهم الطائفية والاثنية ، هكذا يتعاملون مع مصيبة شعبنا فلايبالون بالضحايا من ارواح الابرياء التي امست تشكل في كل حارة مجزرة بل مقبرة تضاهي مقابر صدام الجماعية ، والقيادات الحاكمة لا تتحرك فرائصهم ولا يهتز لهم واعز من ضمير ، مما سيخلق لدى المواطنين الاستعداد للكفر بالعملية السياسية ، ولسان حال الشعب يلعن بأن من بيده مفاتيح الحل ولكنه لا يمتلك القدرة على الحل ولا على الربط ولايعرف غير التمسك والدفاع عن نعمته الذاتية الوفيرة وغنائمه الكثيرة ويبقى مرهونا لأجندات اقليمية ، فعليه ان يكف عن العبث بمصير الشعب العراقي ويتقي غضبه .
واذا ما استمر الحال على هذا المنوال سيشكل ذلك عدوانا مع سبق الاصرارعلى الشعب العراقي الذي منح الثقة وجازف وضحى واختار من تعشم بهم الخير له ولكن قد خاب ظنه ، ان غضب الشعب العراقي ليس كغضب النعاج التي تطرح للذبح وليس لديها غير الرفس ، بيد ان غضبه سيكون ساحقا ماحقا بالسلم او بالقوة اذا ما لجأ الى ذلك ، فمتى يتقي المعنيون غضب الشعب الجريح الذي وصل الى حدود حرجة ؟؟ .
ملاحظة : اقدم اعتذاري سلفا لأنني سوف انقطع عن الكتابة وذلك بسبب السفر لقضاء اجازة خلال شهر ايلول القادم ، مع امنياتي الجميلة للجميع .