علي عرمش شوكت
الثلاثاء 27/11/ 2007
الراصددوار بحر السياسة يشوش بوصلة الرؤية
علي عرمش شوكت
اعلنت الحكومة العراقية تلقيها دعوة لحضور لقاء مدينة انابوليس ، وهذه المدينة اسمها ( العناية الالهية ) بلغة اهل البلاد ، ولكن لأعتبارات عديدة امتنعت الحكومة عن الحضور على حد تصريح وكيل وزير الخارجية العراقي الاستاذ ( لبيد عباوي ) ، لقد عرفت الدوائر المعنية بأعداد هذا اللقاء بأنه مكرس للسلام بين الفلسطينين والاسرائلين ، فتداعت لحضوره اكثر من خمسين دولة وفي مقدمتها الدول العربية بما فيها سوريا التي لها موقف متمييز من مثل هذه اللقاءات التي تحضرها اسرائيل المحتلة للجولان السورية ناهيك عن احتلالها للاراضي العربية الاخرى ، والمعارضون لهذا اللقاء قلة وبخاصة من الذين تعنيهم القضية الفلسطينية ، وربما كان هنالك ما هو مفهوم حول دوافع المعارضين ، ولكن ماهو غير مفهوم هوامتناع الحكومة العراقية عن الحضور رغم الدعوة الموجهة لها للمشاركة في هذا اللقاء ، ولم يكشف حتى عن اعتبار واحد من من قبل الحكومة وبغية تبرير موقفها ، ولكي لايحسب استجابة او انحيازا لمواقف متطرفة ضد هذا المحفل الهام .
وبهذه المناسبة لانريد ان نقول اكثر من عسى ان يكون الساعون لاعادة بناء الدولة العراقية موفقين في مهمتهم النبيلة ، وغير انه من المعلوم تماما بان الهم الداخلي هو الذي يستحوذ بالضرورة على جل الجهود ، ولكن ذلك لايعفي من استكمال معالم الدولة العراقية الديقراطية الجديدة ذات البعد العربي الاصيل والدولي الفاعل ، ولهذا يؤخذ على الحكومة العراقية رفض المشاركة في مثل هذه المؤتمرات الدولية ، وبخاصة المتعلقة منها بمصالح شعبنا الداخلية و العربية والدولية على حد سواء ، التي لا غنى عن ترابطها ، في مثل هذا الظرف العصيب الذي يمر على بلادنا ، وتحديدا فيما يتعلق بالاحتلال الاجنبي والتدخل الخارجي الاقليمي ، وعلى هذا يغدو الانعزال عن السعي الدولي للسلام والعيش الامن المشترك واحترام سيادة البلدان لبعضها البعض امرا غير منطقي ، صحيح ان ( دوار بحر السياسة ) قد يشوش صواب الرؤية نحو الشواطئ الآمنة ، كل ذلك يضغط على عقلاء ( السفن )- بفتح الفاء – ان يتداركوا الامر ويعودوا الى قراءة خرائط الابحار في محيطات السياسة الدولي اليوم ،لكي يتجنبوا اساليب القراصنة والمغامرين ، واقربهم الينا المغامر صدام حسين الذي توه البلاد بمجازفاته وقرصنته والتي طالت حتى مراكب الاشقاء في الكويت وغيرها ، وهنا من المهم الانتباه الى الحملة الاعلامية الموجهة ضد العملية السياسية التي تهدف الرجوع بها الى نقطة الصفر على حد تعبير الحزب الشيوعي العراقي وهو اصوب واحرص تشخيص ، ففي هذا السياق يأتي رفض الحكومة المشاركة في (اجتماع انابوليس ) ليقدم وقودا لهذه الحملة ،فمن طفحها وابسط توصيف سمعناه حول عدم المشاركة هو: الانحياز الى المواقف الرافضة لحل المعضلة الفلسطينية على اساس الحل النهائي وقيام الدولة الفلسطينية على الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 ، وهذا وهذا قد اضعف قدرة المدافعين عن العملية السياسية والداعين الى معالجة نواقصها من داخلها ، بدلا من الرأي المعاكس المطالب بالغائها والبدء من المربع الاول.
وليست مجهولة تلك الاوساط الرافضة لمثل هذه الاجتماعات التفاوضية مع اسرائيل ، فمن دون شك هي قوى لها موقف ايديولوجي من التعامل مع اسرائيل ، فعلى الصعيد العربي فقط منظمة حماس الفلسطينية ، وعلى امتداد العالم الاسلامي الرسمي هي ايران ، غير انه لايمكن وضع موقف الحكومة العراقية في خانة التطرف السياسي اوالتزمت الآيد يولوجي ،ولكن لما لم تقدم الحكومة العراقية تفسيرا او تبريرا لموقفها هذا ، فسوف يبقى عرضة للهتك والتوصيفات القاسية ، كأن يكون الوصف بأن موقف الحكومة موقفا تبعيا للموقف الايراني ، وبالفعل قد سمعنا هذا التوصيف ، وفي الحصيلة النهائية ستكون الحكومة هي الاضعف في هذا الجدل ولاتمتلك القدرة على الاقناع ، ومن الجلي تماما ان الحكومة العراقية والعملية السياسية ليست بحاجة الى هذا المأخذ ، والذي سيشكل عبئا اضافيا عليها ، وبالتالي سيصبح عثرة مضافة للعثرات السابقة الموجودة على طريق التوافق والتصالح ونجاح مسيرة بناء الدولة العراقية الديمقراطية الفدرالية الموحدة .