علي عرمش شوكت
الأثنين 28/12/ 2009
يتصارعون حول تقاسم البيدر قبل الحصادعلي عرمش شوكت
ليس مستغرباً ان يتصاعد قبيل الانتخابات العامة العراقية اشتداد الصراع بين اطراف الكتل الحاكمة ، ويرتفع فيها صوت المهاترات اكثر من غيره ، مع ان كل طرف لا يتوانى عن ان يلوذ خلف بعض مواد الدستور ، لكي يلقي سحنة مقبولة على منطقه الخشن تجاه الاخر ، الصراع متعدد الاوجه وفي مختلف الدوائر ، بيد ان دائرته الضيقة جداً والتي تصل فيها السخونة الى درجة الغليان ، تلك التي يقع فيها منصب رئيس الوزراء ، ان ذلك يعد مؤشراً بالغ الخطورة ، اذ يصل التطرق له الى الاشتباك الكلامي المتحامل ، واستخدام قذائف كلامية من العيار الثقيل تطلق على هواهنها .
وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، سمعنا مؤخراً ان موفق الربيعي عضو في الائتلاف الوطني ، قد صرح بان (رئيس الوزراء القادم سيكون من الائتلاف الوطني ، ولا احد يستطيع التمسك بهذا المنصب) ، وبهذه الكلمة الاخيرة كان يغمز طرف السيد المالكي ، لذلك لم يمهله حسن السنيد عضو في ائتلاف دولة القانون كثيراً ، حتى رد عليه بعبارة تنم عن الحنق والتحامل ، حيث وصف تصريحات الربيعي بـ ( لا اخلاقية ومنافية للدستور وفيها استباق للامور غير مقبول ) ، كما ابدى استغرابه مستنكراً قول موفق الربيعي الذي مفاده – ان الحكم له طرفان – اي رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ، وفي ذات السياق ومن جهة اخرى كان غداة التفجيرات الاخيرة في بغداد قد طالب السيد طارق الهاشمي من رئيس الوزراء ان يقدم استقالته باعتباره لم ينجح في الملف الامني ، فكان ذلك قد اغاظ رئيس الوزراء المالكي للحد الذي دعاه ان يوصف نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشي بـ ( الضابط الفاشل المطرود من الجيش ) حسب ما جاء في وسائل الاعلام .
ان ما تقدم يدلل على ضيق النفس والتوجس بين اطراف الكتلة الحاكمة من بعضهم البعض ، فضلاً عن اتضاح خطورة المساس بموقع رئيس الوزراء ! ، حتى وان كان ذلك من قبيل التداول او التحليل السياسي ، وكما يبدو ينسحب الامر على كافة المواقع القيادية في الدولة المؤخوذة وفقاً لقواعد المحاصصة المقيتة ، اذ باتت وكأنها اقطاعيات مملوكة ملكاً صرفاً ومقيدة باسماء القائمين عليها ، وحسب ما رشح من معلومات عبر جدران غرف التفاوض بين الائتلافين الوطني ودولة القانون ، ان التحاور ينصب على تقاسم المناصب وبخاصة موقع رئيس الوزراء ، الذي تتعثر كافة مساعي الاندماج بين الائتلافين عند تناوله ، حيث يسود الاعتقاد بينهم انهم سيخلدون على قمة الحكم ، وكانهم يتقاسمون البيدر قبل موسم الحصاد ، متناسين ان ستة سنوات عجاف من حكمهم ، لم يبرروا خلالها صفة حسنة تطلق عليهم ، انما العكس من ذلك قد التسقت بهم صفة الفشل ، ومن البديهي ان يدير الناس لهم ظهر المجن ويختاروا غيرهم ، اللهم الا اذا ارادت الجماهير اعادة اختيار الفاشلين !! .
وبالمناسبة ان هذا الفشل دفع البعض منهم الى اعادة النظر بالرشى التي ساعدته على المجيئ الى السلطة في انتخابات 2005 ، اذ راح يحاول تحسين الرشوة التي يقدمها الى الناخبين ، فغدا يوعد بتوزيع النفط مقابل التصويت له وحددها بـ % 10 من واردات النفط توزع على السكان اذا ما فاز بالسلطة ، وهذا ان دل على شيء انما يدل على الشعور بان المواطنين قد زاد وعيهم ولم تنفع معهم الامور الدعوية او الرشى البسيطة ، وعليه يمكن للوسائل المادية الدسمة ان تشفع ، من جانب اخر انها مزايدة في عملية الرشوة ، تعجز العديد من القوى الديمقراطية والوطنية النزيهة عن اللجوء الى مثل هذا التلاعب بالمال العام ، و كذلك تعكس معاناة من صعوبة اقناع الجماهير بصدقية البرامج السياسية التي يطرحونها التي سرعان ما تتبخر بعد الانتخابات .