| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأثنين 28 / 12 / 2015 علي عرمش شوكت كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الحراك الشعبي وهواجس من المراوحة
علي عرمش شوكت
(موقع الناس)
النضال من اجل الحقوق والتحرر من الظلم الاجتماعي، له قواعد غير ساكنة، كونها مرهونة بظرفها الملموس، وبديناميكية جانبيها المتمثلين، بجاهزية قواها المحركة " الجماهير المنتفضة "، ومن الجانب الثاني، النهج والطبيعة الطبقية للقوى المتسلطة " الاوساط الحاكمة " الامر الذي يستدعي حث خطوات "الطليعة القائدة " بحذر شديد من آفة الترقب السلبي والمراوحة المميتة، حيث يتوجب مكافحتها باجراءات استباقية مدركة، وذلك بالمضي نحو الغاية المراد الوصول اليها، بخطى متواصلة مصحوبة بشفاعة الوسائل الرائدة المبتكرة التي تتطلبها تلك اللحظة المعينة.
واذ كان ولابد من فتح صفحة للجدل حول اهمية الحراك الشعبي في يومنا هذا، فلابد من استهلال هذه الصفحة المفترضة بديباجة يكون سطرها الاول مكرساً لدور الطليعة القائدة الكفؤة المتكافئة مع اطرافها المختلفة، لكي تشكل فريق عمل واحد، رغم ما تنطوي عليه من تعدد الانتماءات والخلفيات السياسية والفكرية. وقد اكدت تجارب الشعوب التي انتصرت على ظالميها، ان حُسن النتائج يأتي كحصيلة منطقية من حُسن التدبير. فهي بديهية لابد من قولها ليتسنى تعين قواعد الاتفاق المسبق، الذي ينبغي ان لا يغادر قطعاً دائرة خارطة طريق مُجمع عليها نحو الهدف المنشود.
لذا. فالمحور الذي ينبغي ان يتكئ عليه الحراك الشعبي ليس كما يقول احد الشعارات " الما يزور التحرير عمره خسارة ". نعم ،الا في حالة واحدة يصح ذلك، وهي زيارة ساحة التحرير المرهونة بالبقاء معتصماً فيها، وليس ليوم واحد، اي في الجمعة فقط، لكونه يوم عطلة لا يشكل مصدراً للمضايقة في حركة ومزاج الحكّام باي حال من الاحوال، وبالتالي لا يولد ضغطاً فاعلاً يصب لصالح امكانية انتزاع الاستجابة لغاية تحقيق المطالب. ان وقوف المتظاهر المحتج على مصادرة حقوقه وحقوق سواه، في مكان محدد وتكرار ذلك لامد طويل سيغدو غير مؤثر بكل تأكيد، الامر الذي سيؤدي بالمتظاهرالى ان يبدو كمن يستعطي مترجياً متسمراً لا حول له، في حين ان حقيقة المتظاهر تتمثل باعلاء صوته كثائر ليأخذ بل لينتزع حقوقه المشروعة بلا منّة من احد. كما ان جوهر التظاهر هو حركة متواصلة ومتسعة، ينظم اليها الناس اين ما مرت سائرة. بعكس حالة الوقوف المترقب في مكان محدد وبساعة زمن عابرة غير قادرة على ايصال صوت المطالب لكي تهز فرائص الظلّامين المتسلطين، واذا ما بقي الحال على ما هو عليه سيبعث الملل لدى الكثيرين من المشاركين لاسباب مختلفة.
تبشرنا الطليعة المنتفضة في الحراك الشعبي العراقي بالاصرار على الاستمرار، بشعارها { مستمرون } ،وهذا ملمح ينبئ بضمان حُسن النتائج المستقبلية، مما يثلج الصدور حقاً، غير ان الذي يضيف له مزيداً من الحُسن هو، ان يعم الاستمرار تحديث شكل التظاهر ومضمونه، بتعزيز الهدف واغناء الاساليب بقوة التأثير، والحفاظ على الشعارات كتعبير مباشر عن الاهداف الاساسية، وليس تركها عرضة لسحبها باتجاه الشخصنة والتسقيط، لكون الشعارات تحسب بمقام الهوية للتظاهر، فضلاً عن ضرورة مغادرة ساحة الترجي والتأمل بالاوساط الحاكمة المتسلطة الباغية الفاسدة ان تقوم بالاصلاح، الذي لا يعني بأحسن الاحوال سوى عملية ترميم هزيلة على شاكلة اصلاحات السيد العبادي, بل ضرورة التأكيد على التغيير والتغيير لشكل نظام حكم المحاصصة الطائفية القومية الكارثية، الى الحكم المدني الديمقراطي المؤطر بالعدالة الاجتماعية.