|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  28  / 11 / 2014                                علي عرمش شوكت                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 الطبقة العاملة.. تحرر نفسها بنفسها

علي عرمش شوكت

لسنا في هذا العنوان من انصار الحركة "البلانكية" التي ظهرت في مطلع القرن التاسع عشر، التي عرفت بتطرفها اليساري في حينها. والتي دعت الطبقة العاملة الى العمل الثوري لاخذ السلطة، خلف شعار{ الطبقة العاملة تحرر نفسها بنفسها}. انما اليوم تقتضي الاشارة الى اضراب العاملين في الشركات ذات التمويل الذاتي في خمس محافظات عراقية، اضافة الى عمال الجلود والصناعات الكهربائية في بغداد، للبحث في اساليب النضال لانتزاع حقوق العمال. فمن المعروف بان الاضراب عن العمل والتظاهر، يأتي ضمن جملة ما يقوم به العمال للحصول على مطاليبهم المشروعة، وفي نهاية المطاف عند عدم الاستجابة لهم. وهو سلاح مجرب في نضالات منتجي الخيرات المادية على مدى تاريخ النضال ضد الاستغلال.

لقد تملمت الحكومة نحو الاستجابة لمطاليب العمال، وذلك بالموافقة على دفع راتب شهر واحد. وربما كان ذلك قد يقنع العمال كحل وسط، نظراً للظروف المالية الصعبة التي تمر بها الحكومة. ولكن هذا القرار الموارب تعثر ولم ينفذ. ولا غريب في الامر، لان اساس امتناع الجهات المعنية عن دفع رواتب عمال "شركات التمويل الذاتي" قد بني وفق رؤية خاطئة، مستندة على مفهوم " التمويل الذاتي" في حين لا وجود له كنتيجة حتمية وواقعية لتوقف هذه المصانع عن العمل منذ امد بعيد. وتعزو الحكومة اقدامها على عدم دفع رواتب العاملين في هذه الشركات الى عملية تقشف. لكن الذي يدير مسار التقشف لم ير غير رواتب العمال الشحيحة اصلاً ليغتصبها. مستكثراً عليهم لقمة عوائلهم التي تعيش في حالة تقترب من الكفاف، الا انه في ذات الوقت اغمض عينيه عن الفساد والنهب الجاري بلا حدود للاموال العامة. هذا وناهيك عن الرواتب والمخصصات الضخمة غير المبررة لـ"علية المسؤولين".

مظاهرات العمال لها نكهة سياسية خاصة، كما لها معنى يصيب كبد واقع العملية السياسية، حيث يقدم شهادة صحية عن اصابة هذه العملية بعلة قاتلة، اذا ما بقيت ستؤدي بها عاجلاً وليس آجلاً الى الموت لا غيره. فاية ديمقراطية واية عدالة اجتماعية، واية عملية سياسية هذه. التي لم تتوانى عن اعطاب قوى الانتاج وصانعي الخيرات المادية، وتجحف بحقهم وذلك من خلال قطع فتات قوت الزنود السمر العاملة في القطاعات الصناعية تحديداً، وليس غيرها لتطلق رصاصة الرحمة على هذا القطاع الذي يعتبر عماد التطور الاول في اية دولة تسعى الى النهوض والتنمية.

يبدو في هذا التصرف حيال الشركات الصناعية موقفاً ايدلوجياً جلياً. لكون الصناعة هي منشأ الطبقة العاملة، وفيها ينمو الوعي الطبقي، لا بل ويفتضح الاستغلال بشكل سافر، كما تُكبح الطفيلية الاقتصادية، وان التصنيع الوطني يقيّد جماح "الكمبورادورية " التجارية المرتبطة عادة بالرأسمال الاجنبي. وبالمناسبة ان هذه الطبقة تستحوذ الان على مفاصل السوق العراقية بصورة منفلتة. وهي النافذة النازفة للعملة الصعبة، من خلال صفقاتها التجارية الوهمية. سيما وان اقتصاد البلاد ذات طابع ريعي كفيف النظر، اذا جاز هذه التعبير. مما يتيح لها الاعتياش على افرازاته السيئة.

ولعل ما يتم من صمت اعلامي حول الاضرابات العمالية يشكل دليلاً لا لبس فيه، بان الطبقات الطفيلية الحاكمة المالكة لوسائل الاعلام. لا ترى ما يجمعها اي جامع مع الصناعات الوطنية وقوى الانتاج فيها ، ومنه ينعدم الاحساس لديها بمصائر عوائل العاملين في شركات التمويل الذاتي، التي حالها قد يضاهي حال النازحين من جراء الارهاب، وليس هذا فحسب، انما اعضاء البرلمان هم ايضاً لا يرف لهم جفن، وكأن ذلك لا يعنيهم قطعاً. خلاصة القول ان اوضاع العمال اليوم تسجل حدثاً ينبغي ان يحفظ جيداً لدى هذه القوى العاملة لتختار طريقها لتحرير نفسها بنفسها.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter