علي عرمش شوكت
الأحد 28/6/ 2009
النفط دماء الوطن فلا ترخصه جولة التراخيصعلي عرمش شوكت
ليس من الحكمة ان تعالج اثار الفساد المالي الذي يعيق الاعمار والبناء بأرخاص النفائس الوطنية ، التي ياتي في مقدها النفط ، هذا الذهب الاسود في معناه المادي ، وهو دماء ارض الوطن في جوهره المعنوي ، وانه ليس جديراً باشعال نار المواقد فحسب ، انما تشتعل نار الحروب الضارية دفاعاً عنه ، وتلجأ الدول اليوم الى شراء النفط وتخزينه حتى بعض الدول التي تنتجة ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فالولايات المتحدة الامريكية تبني اباراً اصطناعية عملاقة وتشتري النفط من شتى انحاء العالم وتخزنه فيها ، علما انها من اكبر المنتجين للنفط ، ذلك لكونه مادة ناضبة وازدياد الطلب عليه مما يضعه ضمن حمى الاحتكار في السوق ، هذا المنهج الرأسمالي الذي تطبقه كبرى شركات بيع وتسويق النفط في العالم ، والبعض الاخر يخزن جزءاً معيناً من موارده المالية الى الاجيال القادمة من ابنائه مثل دولة الكويت ، فأين نحن من هذين المثلين ؟ .
وفي الاشهر القليلة الماضية اوصلت مضاربات القوى الدولية الاقتصادية سعر برميل النفط الى 150 دولاراً ، ولكن سرعان خفضته الى خمسين دولاراً او دون ذلك ، وكانت الغاية هي ارباك اقتصاديات البلدان المصدرة للبترول ، واشعارها بأن مصير نموها وتطورها الاقتصاديين تحت رحمة احتكارات البترول وحكوماتها الغربية تحديداً ، اذاً لابد من الانتباه الى هذه العُجالة المتهالكة الخطيرة في الاعتماد والتركيز على انتاج وتصدير النفط كمورد وحيد خلف دواعي متطلبات اعادة البناء ، ومع ان اقتصاد العراق اقتصاداً ريعياً ويعتمد على كنوزه النفطية المطمورة تحت الارض فقط ، غير انه غني بما هو فوق الارض الذي يمكن ان يضاهي الطاقة النفطية اذا ما احسن استغلاله ، مثل الاراضي الشاسعة الصالحة للزراعة المهملة ، وكذلك موارد السياحة حيث تنتشر في انحاء البلاد الاثار التاريخية لحضارة وادي الرافدين ،هذا اذا لم يلتفت الى احياء الصناعات العراقية التي شيعت الى مثواها الاخير كما يبدو .
لاشك ان الفساد يبتلع نسبة كبيرة من موارد البلاد ، وهذا ما يستدعي اهتماماً كبيراً من الحكومة ، ويتم اغلاق الثقوب التي يتسرب منها المال العام ، فهو كفيل بتوفير امكانيات اقتصادية من شأنها ان تساعد على التقليل من الاعتماد على الموارد البترولية ، ومع هذا سيبقى تطوير الانتاج النفطي امراً مهماً لزيادة موارد البلاد ، ولكن لايجب ان يتم ذلك باي ثمن ، وبخاصة ما يمس الثوابت الوطنية ، ولابد من الاشارة هنا الى ما سمي ( بجولة التراخيص ) التي يتم بموجبها تحكم شركات النفط الاجنبية بما مقداره %80 من الحقول النفطية العملاقة المنتجة ، مثل حقل الرميلة الجنوبي ، وحقل الرميلة الشمالي ، وحقل الزبير ، وحقل غرب القرنة ، وحقل بزركان في ميسان ، وحقل باي حسن في كركوك وغيرها التي ستمتد اليها لاحقاً جولة التراخيص على حد تصريحات السيد وزير النفط الذي اكد فيها بانه سيمضي في هذه الجولة .
ان الشعب العراقي وقواه الوطنية غير جاهلين لاحابيل شركات النفط في السيطرة على عتلات الاقتصاد الوطني ليس في العراق فحسب ، انما اين ما حلت ، بهدف التأثير على سياسة البلد المعني وجعلة تابعاً ، وتجارب الشعوب تغني من يريد الحفاظ على ثرواته ومستقبل بلده المتحرر ، وما يجدر التنويه اليه هو ان بلدنا لا تتوفر لديه الآن اية قدرة اقتصادية غير موارده البترولية ، وعليه فالحذر ينبغي ان يكون في اعلى مستوياته من اي صفقات تتم مع هذه الشركات دون ان يقرها ممثلو الشعب في مجلس النواب ، وتأتي اهمية التأكيد على هذا الهاجس من وجود عجالة في اتمام الاتفاقيات مع الشركات ، تخلو من الشفافية تحصر مجرياتها بين وزارة النفط وشركات البترول الاجنبية ، وعلى سبيل الذكر الاتفاقيات الاخيرة وفق ما سمي بـ ( جولة التراخيص ) ، وان اكثر ما يقلق حقاً هو الاصرار على الاستمرار بها ، رغم وجود معارضة برلمانية حول صلاحيتها و امكانية مساسها باستقلالية وتحرر اقتصادنا الوطني من الارتهان بمصالح القوى الاجنبية .
وتساؤل مشروع يدور بين المواطنين العراقيين حول السبب الذي يدعو المعنيين الى الاندفاع في الدخول من النوافذ الى قلب الاقتصاد العراقي ( النفط ) ولا يحركون ساكناً للدخول من الباب الواسع المتمثل بقانون النفط والغاز الذي ظلت مصاريعه مغلقة ؟ ، مما ترتب عليه الكثير من الخطوات غير القانونية وغير الشرعية في التصرف بمقدرات الثروة النفطية العراقية ، ادت الى اهدار المليارات من اسعار مردودات الدخل من عائدات النفط .