علي عرمش شوكت
رمية حجر في مياه المشهد العراقي الراكدة
علي عرمش شوكت
من عجائب طباع الساسة العراقيين المتنفذين في السلطة، التزاحم حول استقبال اجندات خارجية لتطبيقها على مقتضيات بلدهم، وفي ذات الوقت يصدرون جهودهم بالمجّان لحل مشاكل الاخرين...!! . ويأتي تفضيلهم لانعقاد القمة العربية في بغداد التي تعنى بالبحث وبمعالجة مشاكل البلدان العربية على عقد المؤتمر الوطني للحوار الذي من شأنه حل ازمة الحكم، خير شاهد على ذلك. حيث يسعى ساستنا المتحكمون ليس لترك مياه البحيرة العراقية راكدة وانما الى تجميدها الى الزمن الذي يعقب انعقاد القمة، وبالاحرى الى ان تحل مشاكل الاخرين من الاخوة العرب الذين من بينهم من يوقد نار خلافاتنا الداخلية. لعل بعد ذلك يبقى شيء من الجهود لمعالجة محن العراقيين.
ومع ذلك العطب الشامل الذي تعاني منه بقايا العملية السياسية. تتحرك قوى التيار الديمقراطي لتكرر اسناد اصل مبادرتها المتجلية في الدعوة لعقد المؤتمر الوطني للحوار، وذلك بالرؤية التي اطلقها سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق حميد مجيد موسى، والقاضية بجعل المؤتر الوطني( مراجعة نقدية للعملية السياسية في الساحة العراقية). عسى هذه الرؤية المخلصة والحريصة ان تشكل رمية حجر في مياه بحيرة الوضع السياسي العراقي الراكدة، ولتكسر حالة اهمال الساسة المسؤولين لما يجري من تدهور على مختلف الصعد، الذين نجدهم في الوقت نفسه متحمسين لحل امور الاخرين، والغاية لاتخفى من هذه المفارقة.
وفي ذات السياق تسمع ايقاعات سير عمل مجلس النواب الذي غدا يتهكم المراقبون حول سرعة اتخاذ قراره حينما يتعلق الامر بمنفعة تخص النواب ذاتهم، ولسنا بحاجة هنا الى ان نعدد، بل سنشير الى اقرب واغرب قرار له ذلك الذي اتخذه لشراء سيارات مصفحة في ذات اليوم الذي راح فيه اكثر من اربع مئة شهيد وجريح بسبب العمليات الارهابية، وقد حصل ذلك خلف لخبطة اعلامية صادرة من جهات امنية كانت تؤكد على ان "القاعدة" قد شدت الرحال الى سورية تاركة العراق بكل " امان "..!!. وبعد هذه اللوحة المذهلة التي يتجسم في ثناياها تفرغ المسؤولين لهموم خارج نطاق الاحوال الملحة للشعب العراقي، ويعلو صوت نواب الشعب باتخاذ قرارات لصالحهم فوق معدل سرعة الوقت البرلماني، وفي الوقت ذاته يهملون العديد من القوانين المهمة مركونة فوق الرفوف العالية، وتزداد الفبركات الاعلامية الرسمية من خلال تصريحات المسؤولين باستباب الامن والقضاء على اخر ارهابي موجود في العراق، في حين كان العراقيون يقتلون بالجملة.
وهنا لمن المشتكى يا ترى... ؟ . اذ ان شكوى العراقيين لم يسمعها احد، حتى القمة العربية سوف لن تتدخل في شئوننا الداخلية ربما سيكسر عينها حسن الضيافة الحكومية، اذاً هل نتوجه الى " لاهاي " حيث توجد محكمة العدل الدولية لطرح قضية شعبنا ومحنته مع حكامه الذين غير جديرين بحل ازمة حكمهم. هذا طبعاً رغم المحاصصات والفساد المالي والاداري والسياسي وغير ذلك من الموبقات.
بيد ان المعارضة الوطنية الحريصة على مصالح الجماهير لم تترك الساحة فارغة للحكام. فحراك الاحتجاجات مستمر، ودعوات التيار الديمقراطي لعقد المؤتمر الوطني للحوار قد وضعت الحكام باضيق زاوية لم يتمكنوا من الخلاص من هذا المؤتمر لحد هذه الساعة رغم المحاولات الحثيثة الخبيثة لافشال عقده. فمرة اختلاف حول اسمه، وتارة اخرى يختلفون حول موعده، وثالثة يتحججون بعدم توحيد اوراقه، ومع ذلك يستمر التصدي لهذه المحاولات. ومن المهم ذكره بان قوى اسلامية وغير اسلامية مشاركة في الحكومة لها مواقف محمودة في معارضة سوء الاوضاع. بصرف النظر عن خلفيات تلك المواقف ومنطلقاتها. فهي في مطلق الاحوال تصب في مجرى اصلاح مسار العملية الساسية، وستشكل تحول عظيم لو توحدت هذه الجهود الخيرة من شأنه ان يوقف التدهور الحاصل في الوضع العراقي.