علي عرمش شوكت
الأربعاء 28/5/ 2008
الراصدقانون الانتخابات في غياهب المحاصصة
علي عرمش شوكت
ولدت العملية السياسية وهي عليلة ولم تنفع معها لحد الآن الاسعافات والمعالجات ،لان اصابتها بتدرن المحاصصة الطائفية والعرقية يكاد ان يقطع انفاسها ، وكان هنالك بصيص يرنو اليه المواطنون العراقيون منبعث من قنديل مجلس النواب ، وغالبا ما علق عليه الامل في ان يسطع ويكشف عن قوانين كفيلة بمعالجة العلل الكامنة في جسم العملية السياسية ، علما ان الدستور جاء وهو يوعد باتمام خمسة وخمسين فقرة منه بقانون ، ولهذا علقت بعض الاعتراضات حوله املاً بالاستجابة اليها من خلال اصدار القوانين الموعودة ، والمفارقة ان مجلس النواب الذي معني بذلك ، هو فاقد لقانون يصون آلية تكوينه اي ( قانون للانتخابات غير متحاصص ) ، وعليه قد تكرست الجهود الخيرة لاصدار مثل هذه الآلية الضرورية ، وتوصلت الجهات المكلفة الى اصدار القانون ، وكان قد عبر في مضامينه عن المطالب التي طرحتها القوى الديمقراطية والوطنية لتجنب الاخطاء والمخالفات التي سادت الانتخابات السابقة والتي كرست المحاصصة الطائفية حيث خطفت اصوات الناخبين تحت ( تهديد ) اما بالهراوات العرقية وبالتالي الاجبار على التصويت للقومية ، او بالسيوف الدينية لاغتصاب اصوات الناس لصالح طوائف معينة ، وكانت النتيجة مجلس نواب لايقوى على اصدار اي قانون خارج عن مبدأ المحاصصة .
واليوم نواجه ذات النهج التسلطي والذي استحوذ على السلطة بهذه الوسيلة ذات الشكل الديمقراطي والمضمون التعسفي الفرضي ،وها هو يرفع صوت الآمر الناهي المعارض لمشروع الانتخابات ، وكما يبدو قد جفلت منه الكتل المتنفذة عندما اعاد مشروع القانون الجديد الامور الى نصابها الصحيح ، وذلك بمنعه لاستخدام الرموز الدينية والمساجد للدعاية الانتخابية ، وكذلك بدعوته الى القائمة المفتوحة ، اذ اعلنت كتلة الائتلاف عن معارضتها لهذا المنع على لسان رئيسها السيد عبد العزيز الحكيم ، وافصح بكل وضوح ان هذا المنع سيخسرهم اصوات الناس ، وتعني اول ما تعنيه هذه المعارضة ان استخدام الرموز الدينية والمساجد هي التي فرضت ( كونترول ) على اصوات الناخبين الذين صوتوا لكتلة الائتلاف في الانتخابات السابقة ، ولولا تلك لكانت وجهة الناخبين على غير الصورة التي ادت الى فوز الاحزاب الدينية ، وربما كانت هذه الاحزاب منيت بالخسارة ، لكونها لا تتمتع بقوة الطرح السياسي والاقتصادي ، ولم يكن بامكانها ان تنافس برامج الاحزاب العلمانية من حيث تجلياتها العصرية الحضارية المطلوبة والمناسبة اكثر من غيرها لشعب مثل شعبنا متعدد الطوائف والاعراق .
ان العملية الانتخابية ليست وسيلة مجردة تتم بصورة ارادوية ، انما هي نظام متكامل لايسمح بتدجينه حسب الرغبات الخاصة لكتل اولاحزاب معينة ، وانما يفترض ان تحمل على كتف قانون مفصل على مقاس وطني عام ، وليس على مقادير مكون واحد من مكونات الشعب ، وهي قد تشكل لب الممارسة الديمقراطية ، وتحسب عالمياً حقاً من حقوق الانسان الذي يعزز ويعبر عن حرية الاختيار ، ومصادرة هذا الحق تحت اية واجهة لايعني سوى نفحة دكتاتورية خالصة ، لايمكن ان يدعي حزب كان ام كتلة انه يمتلك ( فرمان ) يسمح بالتصدي لقانون يعطي المواطنين حق التمتع بحرية الاختيار، عبر استخدام الرموز والاماكن التي يعتز بها الناس ويجلون مقامها ، والسؤال هنا : من الذي يعطي لنفسه الاذن باستغلال اعتزاز المواطنين بهذه الرموز ؟ ، وجعلها عامل ضغط عليهم واجبارهم على التخل عن حرية اختيارهم ، الا يعني ذلك عجزا عن اقناع الناخبين بارجحية البرامج الانتخابية لهذه الاوساط ؟ ، التي تظهر الى الساحة السياسية وهي وجلة وغير واثقة من ميل ارادة الجماهير لصالحها ، ولاتفسير غير ذلك للجوئها الى استغلال الرموز الدينية .
ليس غريباً على شعبنا العراقي الصبر والسير وراء من يوعده خيرا الى نهاية الشوط ، ولكن ذلك مرهوناً بتجسيد مصداقية الذين قدموا له الوعود ، وعكس ذلك يكون للناس حساب جله البحث عن الحقوق وقطع الوصل مع من نكثوا الوعد معه ، هذا ما جرى لجهات واحزاب ادعت بانها تمثل مصالح الشعب والوطن ، ولكن عندما تسلقت الى مراكز السلطة على اكتاف الجماهير سرعان ما حولتها الى مجرد وسائل لتحقيق مآربها الخاصة ، وامامنا مثل صارخ ولا نرجع الى الماضي البعيد انما نشير الى ماجرى لصدام حسين ورهطه وحزبه ، فكم كان مدعياً بتمثيل ليس الشعب العراقي فحسب انما الادعاء بتمثيل الامة العربية ، غير ان ما فعله هو الإساءة للشعب العراقي وللامة العربية على حد سواء ، وفي النتيجة ذهب غير مأسوف عليه ، فليتعض الاخرون ويتركوا الشعب العراقي يختار من يمثله بحرية دون اكراه بواسطة الدين او القومية ، ويحرروا قانون الانتخابات من اسر المحاصصة المقيتة ، التي شرعت بتقسيمه من الان فهذا يريده معتمداً على الرموز الدينية ، والاخر يريده مستندا على القائمة المغلقة .