علي عرمش شوكت
الثلاثاء 29/1/ 2008
الراصدحكومة وحدة وطنية مطعمة وليست مرممة
علي عرمش شوكت
سلم اغلب اطراف العملية السياسية بان حكومة المحاصصة قد باءت بالفشل ، وكان جرت عدة محاولات لاسقاطها وذلك بانسحاب وزراء بعض الكتل المشاركة ، غير انها استمرت ولكنها كانت تراوح غير قادرة على النهوض باطرفها الباقية ، وفي غضون ذلك تنادت اوساط سياسية عراقية من اجل العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تشترك فيها كافة مكونات الشعب العراقي ، وتخللت هذا الحراك السياسي بعض التجاذبات وطرح شروط مسبقة حول اعادة تشكيل الحكومة على قاعدة المشاركة وليست المحاصصة ، وقد ظل هذا المفهوم غير واضح لعامة الناس ، فالمشاركة المقصودة ينبغي ان تتجسد في مشاركة كافة اطراف العملية السياسية لاتخاذ القرار ، ولكن الحال في ظل المحاصصة يقتصر فقط بمشاركة في حصة من الوزارات ، اما صلاحية اتخاذ القرارات الهامة فهي غير خاضعة للتقاسم ، وانما تبقى من صلاحية رئيس الحكومة .
والمطروح الان تصحيح مسار العملية السياسية ، وتحويل عجلة الحكومة الى سكة المشاركة المطلقة وليست النسبية ، وبمعى ادق ينبغي ان تشارك جميع اطراف الحكومة في اتخاذ كافة القرارات المصيرية والهامة ، ويمكن الاستئناس بآراء حتى بعض القوى السياسية التي ليس لها ممثلين في مجلس النواب ، اما غير ذلك فيعني الرجوع الى المربع الاول اي يبقى الحال عما هو عليه ( محاصصة ) بين الكتل صاحبة الرصيد الكبير في البرلمان ، ولكن الامر سيميل هذه المرة قليلا كما هو مؤمل عن النمط السابق في عملية الاستيزار حيث كان يتم تعين الوزراء على وفقا لارادة كتلهم السياسية والتي كانت لاتراعي في الاغلب الاعم معيارين اساسيين ، وهما اولا الكفاءة وثانيا النزاهه ، وبالتالي يأتي وزراء غير كفوئين الامر الذي يحمل الحكومة عبئا ثقيلا كنتيجة لتداعيات سببها عدم وجود الكفاءة والنزاهة .
وليس مفهوما ما هي الآلية التي سيتبعها المعنيون هذه المرة في اعادة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، وكيف سيتخلصون من شرك المحاصصة ، التي درجت على التعامل بنهجها الكتل السياسية المتنفذة ، فهل ستتاح الامكانية امام رئيس الوزراء لاختيار الوزراء المشخصين من قبل كتلهم وفق معياري الكفاءة والنزاهة ؟ ، وهذا طبعا يشمل كتلة الائتلاف التي ينتمي اليها الاستاذ المالكي ، لا تبدو في الافق اي امكانية للخلاص من ارث المحاصصة المقيتة ، الا في حالة واحدة وهي ان تطلق امكانية الاختيار لرئيس الوزراء من خلال مجموعة اسماء من الكفاءات النزيهة تقدمها الاحزاب الوطنية العراقية حتى من خارج العملية السياسية ، دون التقييد بانتماءاتهم حين اختيارهم ، ويمكن آنذاك تكوين حكومة وحدة وطنية مطعمة بالكفاءات الجديدة المطلوبة، وليست مرممة بذات الخامات السابقة ، التي كانت لم تناسب عملية البناء ولم تثبت جدارتها على النهوض بالمهمة لكونها قد فرضت وزجت بمكان ليس بمكانها .
وليس من باب التشاؤم نرى ان امكانية تجاوز قاعدة المحاصصة في تشكيل حكومة وحدة وطنية المزمع تشكيلها غير متوفرة امام الاستاذ الملكي ، وبخاصة اذا ما بات الترميم هو المقصود ، فهل يتمكن رئيس الوزراء في التشكيلة المتوقعة ان يختار وزراء من الكفاءات المستقلة ؟ ، او هل بامكانه ان يعطي الحصة الاكبر من التعينات الى اصغر الكتل ؟ ، بعبارة اكثر فصاحة ايمكنه ان يتجاوز على حصص الكتل الكبير لحساب المستقلين او لحساب الاحزاب والكتل الصغيرة ؟ ، التي ستتمكن من فرض نفسها في هذه اللعبة بفعل ما يتوفر لديها من ترشيحات تتمتع بالكفاءة الاكبر وبالنزاهة الاصدق ،
ان تسمية التشكيلة المتوقعة بحكومة الوحدة الوطنية ليست حكرا على الكتل البرلمانية الكبيرة ، بل ان هذه الوحدة المقصودة تشمل كافة القوى الوطنية الحريصة على العبور بالعملية السياسية الى غايتها المنشودة ، والتي تؤمن بالعراق الديمقراطي الفدرالي الموحد ، اما الجانب الاكثر اهمية في تشكيل الوزارة الجديدة ليس شخوصها فحسب ، انما برنامجها والالتزام الحريص على تطبيقه والذي يصب في تفكيك الازمة العراقية وانهائها والتوجه بالعراق الى رحاب العالم المتطور المزدهر الخالي من الظلم والاستبداد ، تحت خيمة الدولة الديمقراطية المدنية العلمانية التي يحتاجها شعبنا هذه الايام اكثر من اي وقت اخر ، لكونها هي التي تبعد عنه مد التخلف الذي اصابه جراء حروب ومغامرات رعناء للنظام السابق ، هذا وناهيك عن استغلال هذا الواقع المزري من قبل اوساط سياسية معينة لتزيده تخلفا وترديا مما اوصل البلاد الى هذه الحال التعبانة .