علي عرمش شوكت
الاحد 29 / 4 / 2007
(اوراق نيسان ).. محاولة لغسل صفحات وسخة
علي عرمش شوكت
طلعت علينا قناة (العربية ) الفضائية ببرنامج تحت عنوان ( اوراق نيسان ) يتناول تاريخ حزب البعث وبخاصة في العراق ، وهذا لاضير فيه ، ولكن عندما تقرأ تلك الاوراق بأنتقائية متحزبة و بهدف التزويق والتبرير ورمي الاسقاطات على الاخرين ، حينئذ يغدو الامر محاولة لغسيل صفحات وسخة ، ففي الحلقات الاولى من البرنامج وعندما كان الحديث يجري حول مرحلة ساخنة وتحديدا بعيد ثورة تموز 1958 ومن ثم اسقاطها من قبل حزب البعث والمتحالفين معه ، وماترتب على ذلك من جرائم بشعة ارتكبت بحق الحزب الشيوعي و القوى الديمقراطية ، انبرت بعض العناصر البعثية التي كان لها يد بتلك الجرائم امثال ( محمد دبدب ) وغيره للبحث عن مبررات ومسوغات لذلك السلوك الفاشي ، فراحوا ينبشون قمامة التأريخ لعلهم يجدون ما يعينهم على تبييض تلك الصفحات السوداء .
فبحثوا في ارشيفهم كما يبدو، ولم يجدوا بجعبتهم سوى الدفاتر القديمة والعداء للشيوعية بذات العنوان المهترئ ( القتل والسحل في الموصل من قبل الشيوعيين عام 1959 ) و الذي بات تافها بشكله وبمضمونه ازاء ما قاموا به من افعال وانتهاكات وحروب كارثية واعمال ابادة بشرية جماعية لابناء جلدتهم ، تضاهيه الاف المرات اذا لم تكن اكثر ، ولا نريد ان نبرر ماحصل في الموصل آنذاك ، بل لابد ان يعوا بأن التاريخ لايمكن ان يعتقل ويعذب حتى الموت ويخفى اثره مثل ما حصل لضحايا اربعة عقود من حكمهم ( ولا من شاف ولا من علم ) كما يقول المثل الشعبي ،وبالتالي تتاح فرصة يظهرمن خلالها بعض الجلادين على شاشات التلفزة لبيضوا تأريخهم بأدانة الشيوعيين دون ادنى حياء !!
ان احداث الموصل التي يوصلفها- محمد دبدب - ( بأنها قد حصلت بسب استفزاز عبد الكريم قاسم والشيوعيين لاهالي الموصل ذوي الميول الاسلامية والعربية بعقد مؤتمر لانصارالسلام ) ، وكأن ذلك المؤتمر لغرباء وليسوا من ابناءالشعب العراقي !! .
حصلت تداعيات الاحداث، عندما انتهى المؤتمر وعاد المشاركون فيه الى مناطقهم كانت ردة الفعل، تمرد ومحاولة انقلابية على ثورة تموز مزودة بأموال وباسلحة وباذاعة من بلد مجاور ، فرد عليها الجيش وكانت مشاركة بالرد المسلح ايضا من قبل الجماهير التي تذوقت طعم الحرية لأول مرة بفضل تلك الثورة ، وكان الانقلاب عليها اوحتى التفكير به يعتبربعرف اؤلئك الناس جريمة لاتغتفر، فقتل بعض من كان مشاركا في القتال من الطرفين، غير ان البادئ هم المتآمرون ، والبادئ اظلم . اما (السحل) ، فكان ليس من اختراع الشيوعيين، فقد مارسته الجماهيرالتي خرجت من مناطق الكرخ ذات الميول القومية ، وتوجهت الى قصر الرحاب في اليوم الاول بعد ثورة تموز، حيث تم سحل الوصي على العرش (عبد الإله) ، حينها كان معظم قادة وكوادر الحزب الشيوعي مازالوا بالسجون ولم يطلق سراحهم الا بعد اكثر من شهر، وقد استمرأت هذه الوسيلة البشعة مع الاسف الشديد من قبل بعض الناس الذين يدفعهم الحماس للثورة ، والبعض الاخر بهدف التخريب واثارة الفوضى ورميها على عاتق الحزب الشيوعي ، واذا ما مورست ضد المتآمرين في الموصل حيث ارتبطت وسيلة السحل بمن يتآمر،اذ رفع شعار في حينها بشكل عفوى من قبل بعض الافراد المتطرفين يقول ( ماكو مؤامرة اتصيروالحبال موجودة ـ !! ) ، وبما ان الشيوعيين هم اول من استهدفهم المتآمرون بالقتل والاغتيال لكونهم اول من دافع عن ثورة تموز، فقد لسقت بهم هذه الممارسة ،لكن لاتوجد قطعا اية وثيقة صادرة عن الحزب الشيوعي تدعو الى ممارسة القتل او السحل ، ولايوجد اي دليل ملموس يدين الحزب الشيوعي ، ما عدا مشاركة بعض رفاق الحزب في القتال الذي دار في حينها ، وذلك بهدف الدفاع عن الثورة ضد تآمر خارجي ، مما ادى بالجماهير الى الاندفاع دون ضوابط ،ولم يكن بامكان احد في حينها السيطرة على مشاعر وحماس الجماهير المتحاملة على المتآمرين.
ومع ذلك قدم الحزب الشيوعي العراقي ثمنا باهضا لما حصل ، اذ اعدم العديد من كوادره و رفاقه بتهمة المشاركة باحداث الموصل ، وقبل ذلك تم اغتيال مئات من رفاق واصدقاء الحزب في طول العراق وعرضه بين عامي 1959 و1963، اي ما يضاهي عدد ما راح من ضحايا في تلك الاحداث عدة مرات ، بيد ان البعثيين العفالقة لم يكفهم ذلك ، فكانت مجازرهم المعروفة ضد الشيوعيين واصدقائهم التي ارتكبوها ابان انقلابهم الاسود عام 1963 ، هذه الصفحات السوداء التي اراد، محمد دبدب ، وتايه عبد الكريم ، وهارون محمد ،وغيرهم ان يبضونها من خلال برنامج ( اوراق نيسان ) لا بل ارادوا ايضا ان يقولوا بانهم ليسوا وحدهم من ارتكب الجرائم لعل في ذلك ما يشفع لهم امام عدالة الشعب العراقي ، ولكن قد ولى زمن غسيل الصفحات السوداء ورمي الاسقاطات على الاخرين .