| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

                                                                              الخميس 29/12/ 2011

 

الشعب العراقي يريد حلاً وليس ترقيعاً 

علي عرمش شوكت

 منذ ان غُدرت ثورة 14 تموز في العراق من قبل عفالقة شباط الاسود عام 1963 ولحد هذا التاريخ، تقوم الدولة العراقية على حالة من تداول حكم " السلاطين " او اكثر سطوة من ذلك، حيث ياتي دكتاتور على اثر سقوط دكتاتور يشابهه بالمنهج ويضاهيه بالعنف، وكان الشعب العراقي يستقبل ذلك بصبر وبألم بالغ، ويودع سقوط احدهم بطيف فرح عابر ينتهي بانتهاء البيان الاول  لمن اعقبه، حينها لا يخرج الشعب عن تلك القناعة التي تقول، ان من ياتي بالغدر تحت جنح الظلام الى السلطة سوف يجعل نهاره مظلماً، لكونه يبقى متمسكاً بسرقته للسلطة وبالمال العام، ويقاتل دون ذلك الى ان تاتي نهايته على يد سارق اخر وهكذا دواليك،. ولكن ما يصعب تفسيره هو من جاء بالوسائل الديمقراطي وسرعان ما تحول الى سارق للسلطة والمال والنفوذ ايضاً ؟!.  هذا هو سؤال الساعة.

جاءت السلطة الى الذين يحكمون اليوم في العراق على طبق من الماس، حيث لا عناء انقلاب ولا  تضحيات ثورة، وانما بزحف جحافل قوات احتلال كانت اسقطت النظام الدكتاتوري، والى هذا الحد حسناً فعلت، ولكنها في ذات الوقت اسوء ما فعلت، لكونها لم تكتف باسقاط النظام بل اسقطت الدولة ومؤسساتها. وعلى اثر ذلك لم ياخذ الشعب العراقي بيده رسن التغيير، وراح المحتلون ينقبون في مقابر التاريخ ليجدوا ضالتهم، بهدف تأسيس نمط حكم يبقي العراق في حالة من الضياع والتخلف، فوجدوها الا وهي المحاصصة الطائفية والعرقية. هذه العلة القاتلة التي تفجرت اليوم، وبصورة لم تفاجئ احد ممن شخصوا مستقبل تركيبة الحكم، وسلوكية الكتل المتنفذة في اتباع نهج العزل والاقصاء للاخر المختلف، وباستخدام مختلف المكر السياسي والالتفاف حتى على القوانين التي سنوها كسكة يسير عليها قطار  العملية السياسية.

وكما يقال العبرة في النتيجة، وهذه هي النتيجة التي تمخضت عن تدني القدرة السياسية على ادارة الحكم، افرزت صراعات مدمرة تجلت بصورة اكثر وضوحاً، بعد خروج قوات الاحتلال، اذ  راح من يمتلك زمام المبادرة ليسدد ضربته الاستباقية الى المدعو الشريك الخصم، اما بمحاولة اغتيال غادرة، او بالاتهام بالارهاب باسلوب يفتقر الى التروي والشفافية،  لكي يتفرد ويضمن خلوده في فردوس السلطة كما يعتقد، دون ان يخرج عن مدى ظله في التحسب حيال مراعات هذا الشعب المدمر.  بل وهمه الاول والاخير هو التمتع بكأس النفوذ المطلق، الذي تجعله نشوته لا محالة غائباً عن الوعي، ومما لاشك فيه ان هذه المرحلة التي يغدو فيها بعض القادة   مصابين بنرجسية قاتلة، قد سجلت على الاغلب نهاياتهم المزرية.

وقد اصبح الخيرون باحثين عن حل لكونهم يدركون النهاية " تسونامية " جارفة للجميع. اما الحلول المطروحة تبدو وكانها قد اصيبت باحد قوانين السوق الرأسمالية، اي قانون "العرض والطلب" حيث العرض شحيح وغير جدير بانهاء المشكلة والطلب على الحلول كثير. ان هنالك ابرز حلين مطروحين على الساحة، وهما اولاً المؤتمر الوطني لكافة القوى السياسية العراقية والخروج منه بحل ما، اما الثاني فهو الذهاب الى انتخابات مبكرة، الاول سهل الشروع به، ولكن نتائجه غير مضمونة لكون عوامل المشكلة ومحركاتها لم تزل موجودة ومتمثلة بتركيبة القواعد الحكم المعمول بها واختلال توازن القوى في الوضع العراقي، اي مآله مآل اتفاق اربيل، اما الحل الثاني اي الذهاب الى الانتخابات المبكرة، فهو ليس سهل الشروع به، ولكن نتائجه مضمونة، اذ ستفرز الانتخابات الجديدة توازن قوى مختلف، انعكاساً للفشل الذي جلجل تجربة حكم المحاصصة المقيتة، هذا وناهيك عن الطعون بالفساد والتفرد وممارسة الاقصاء للاخر، التي لحقت برموز التركيبة الحكومية الحالية.

وما يصح قوله حيال هذه الخيارات هو، ان لا يلجأ المعنيون الى الاستجارة بالرمضاء من الناري، بمعى اوضح الا يفضلوا الحلول السهلة الترقيعية، التي تحفظ لهم منافعهم السلطوية والمالية الخيالية، بالنسبة لحياة المواطن العراقي، والاولى بهم وقبل ان تحل الكارثة اللجوء الى الحلول الجذرية، لان العلة سرطانية ولا يمكن معالجتها بـ " تقبيل اللحى " والتراضي عبر الصفقات، التي تتم خلف ظهر الشعب العراقي، فالشعب يريد حلاً جذرياً مهما كانت الصعوبات التي تعترض سبيله، وذلك يتمثل بالانتخبات المبكرة لكي يتم اختيار اخرين جديرين بادارة الدولة العراقية الديمقراطية التي تقطع الطريق على اي متسلل دكتاتوري جديد. وتسمو بالشعب العراقي الى مستقبل زاهر. 



 

free web counter