علي عرمش شوكت
شرارة دكتاتورية تطلق على بيدر الثقافة الديمقراطية !!
علي عرمش شوكت
هكذا يبدأ نمو الدكتاتورية ، حيث اول حممها تنطلق نحو القوى الديمقراطية الاشد والاصدق بمعارضتها، ولا تفسير من قبل المواطنين العراقين حول تكرار الاعتداءات على مقرات الحزب الشيوعي، سوى انها تعبير صارخ عن صميم العداء للديمقراطية، ومنذ سقوط النظام وللمرة الثالثة على حد علمي يجري مثل هذا العدوان على مقرات الحزب بحجج واهية مفضوحة المرامي ، اذ ان مقر جريدة "طريق الشعب" معروف بهويته السياسية وتأريخه النظيف، ويتساءل المواطنون من محبي هذا الحزب ومن القوى الديمقراطية والوطنية عامة، عن عدد المرات التي طالت عمليات التفتيش لحزب من الاحزاب القريبة من الحكام، بالرغم من كونها تمتلك مليشيات واسلحة لا بل وتستعرض عسكرياً في الشوارع وبغطاء حكومي.!!.
يأتي هذا الاعتداء عشية احتفال الحزب الشيوعي بذكرى تاسيسه الثمانة والسبعين. فبما ذا يفسر ذلك ؟! هل هي" برقية " بالمناسبة، ام هو اقل ما تتقيأه اجواف الذين لا يخزّنون في صدورهم سوى الحقد الاعمى على هذا الحزب المناضل والذي يعتبر عميد الاحزاب السياسية العراقية، تاريخاً ونضالاً وعمراً وانفراداً في مواجهة الانظمة الدكتاتورية في احيان عديدة . انه جزاء "النجباء" لهذا الحزب الذي فقد من رفاقه الاف الشهداء جراء نضاله المتواصل والعنيد في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية والوطنية الصادقة. ذلك النضال الذي له الفضل الاكبر لما وصل اليه العراق الجديد، كما كان العامل المهم لوصول من يوعزون الى اجهزتهم القمعية للتجاوز على مقرات وجريدة الحزب اليوم.
يذكرنا هذا الاجراء التعسفي المعادي للديمقراطية والمتجاوز على الدستور العراقي الذي ينم عن ارهاصات دكتاتورية مخيفة حقاً. يذكرنا بتلك الزيار التي قام بها المقبور صدام في اواسط السبعينات من القرن الماضي الى احدى دول الجوار طالباً منها ان تضع يدها بيده، فكان جواب حكامها ( كيف تريد منا ان نضع يدنا بيديك وانت تتحالف مع الشيوعيين) ، فما كان منه الا ان اوعدهم بسحق الحزب الشيوعي باقرب وقت. وبالفعل وترضية لتك الدولة، قام بشن حملة ظالمة ضد الحزب وانصاره . واليوم هل يقصد المتسلطون في الحكومة ارضاء بعض الجهات المعادية للشيوعية لكي تحسّن علاقتها معهم..؟.
ان الاعتداء الاخير من قبل الاجهزة السلطوية القمعية لا تبرره الاحترازات الامنية بمناسبة انعقاد القمة في بغداد. فالاولى بالقائمين على الامن ان يوقفوا المليشيات وفلول القاعدة من قذف صواريخ الهاونات على "المنطقة الخضراء" كما حصل اثناء القاء رئيس الوزراء كلمته امام المؤتمرين في اجتماع القمة العربية الجاري في بغداد، وليس باطلاق شرارات نيران دكتاتورية مرتعبة على مقر بيدر الثقافة السياسية " صحيفة طريق الشعب" التي تعد من احرص القوى السياسية على العملية السياسية. لا تلغي جوهر الاعتداء المدبر اعتذار قيادة القوة العسكرية للحزب الشيوعي عن تجاوزها على الحقوق الدستورية، حيث ان هذا الاستدراك الفائت لاوانه لا يفسرالا بكونه محاولة للافلات من الملاحقة القانونية،وكذلك من حملة التضامن مع الحزب الشيوعي التي تستنكر هذا النفس الاستبدادي لدى السلطات العراقية، التي غدت لا تتوانى عن ممارسة اعمال القمع والتجاوز على الحريات العامة والخاصة حيث تقوم بها بمختلف الاشكال في العراق الديمقراطي جداً.
ان المتسلطين واهمون بعشوهم السياسي المتأمل ايقاف نشاط الشيوعيين والقوى الديمقراطية في سبيل انهاء حكم المحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة التي وصلت اليها بقايا العملية السياسية في العراق. سوف لن يتوقف هذا النضال الذي مضى عليه ما يقارب من ثمانية عقود عجاف، كان خلالها من يتسلط اليوم لا اثر يذكر له في يوميات الكفاح الوطني ضد الانظمة الدكتاتورية والعميلة وضد المعاهدات الاستعمارية. ولكن درجة الغطرسة والاستبداد التي تعمي بصر وتلغي بصيرة المتحكمين في العراق اليوم، جعلتهم لا يتعضون ولا ياخذون العبرة مما جرى ويجري لحكام عاشوا عقوداً يتعسفون بمصائر شعوبهم ويصادرون حقوقها وحرياتها مما ادى بهم في نهاية المطاف الى مزابل التاريخ.
على اية حال وكما يقول المثل العربي " رب ضارة نافعة " فالتجاوز على مقر جريدة " طريق الشعب " الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي اكسب الحزب مزيداً من التضامن الشعبي داخلياً وخارجياً ، وجلب للمعتدين من الحكام الذي اسكرتهم كؤس النفوذ وغيبت عقولهم كراسي الحكم السخط والفضيحة السياسية التي ارادوا تداركها بارسال الاعتذار الى الحزب الشيوعي، ولكنهم توهموا ان يكون ذلك ملاذاً من العقاب القانوني والمعنوي حتى من بعض قواهم الواعية.