علي عرمش شوكت
الخميس 30/9/ 2010
نواب الشعب انتهى العتب وحل الغضبعلي عرمش شوكت
في الانتخابات البرلمانية الاخيرة اصدر الشعب العراقي حكم عدالته بحق ما يقرب من مئتين نائب في البرلمان السابق بالرغم من فوز كتلهم، حيث اخرجهم من الساحة السياسية ولم يكرر انتخابهم، كما لم يعطي لاكثر من ثلاث مئة من نواب البرلمان الجديد البالغ عددهم ثلاث مئة وخمسة وعشرين نائباً، عدد الاصوات التي تأهلهم الى عضوية البرلمان، هذه النتيجة قد تحسب للوهلة الاولى شيئاً من اللامعقول، ولكن عند تلمسها عن قرب تتضح حقيقتها التي جرى التستر عليها بواسطة خيمة قانون الانتخابات المرقعة والمهلهلة والتي تعجز من ان تستر نملة .
وعطفاً على ما ذكرناه آنفاً، فالنواب الجدد لم يحصل منهم على القاسم الانتخابي سوى سبعة عشر نائباً فقط، حسب تصديق مفوضية الانتخابات، ولكن تم اعتبارهم جميعاً نواباً بشفاعة الاصوات التي حصلت عليها قوائمهم !! ، اسفر ذلك عن مفارقة غريبة لايقرها شرع ولا قانون في البلدان الديمقراطية، والتي تمثلت باعتماد آلية تمشي بلا قدم بمعنى بلا اساس دستوري، وبعبارة اكثر وضوحاً تم اعتبار مرشحي القوائم الفائزة نواباً في البرلمان وهم غير حاصلين ليس على القاسم الانتخابي وحسب، وانما لم تتمكن الاغلبية منهم الحصول على الالف الواحد من الاصوات، في حين حصل مرشح الحزب الشيوعي العراقي على عشرات الالاف من الاصوات ولم يعتبر نائباً في برلماننا الديمقراطي جداً، هذه هي ديمقراطيتنا الخاوية، التي عُلبت بحاويات المحاصصة الطائفية والاثنية، من قبل الكتل المتنفذة وبهذا قد تم وأدها وهي لم تزل في مهدها.
والادهى من كل ذلك لم يتعاملوا هؤلاء النواب مع همتهم الجديدية التي تكلفوا بها، بل تجاهلوا العديد من التجاوزات على الدستور، بدءاً بتحويل توصية المحكمة الاتحادية الى قرار لتحوير المادة الدستورية 76، ولم يكترثوا بتسريحهم المؤقت بحجة الجلسة المفتوحة، كما لم يرف لهم جفن بمصادرة دورهم بشأن تشكيل الحكومة من قبل بعض الدول الاقليمية، كما صموا آذانهم عن استغاثة ابناء شعبهم المستجيرين بهم من قساوة الامور الحياتية المتردية، ولم يدركوا خطورة تأخير الموازنة العامة، كما ليس لهم اية التفاتة في اقل تقدير الى الجريمة المنظمة المستشرية في البلاد، بل والاخطر من كل ذلك عطلوا التشريع والرقابة البرلمانية، والقائمة تطول.
ما تقدم يصلح ان يكون مطالعة اتهام تدين النواب الجدد، كونهم قد تخلّوا عن الحفاظ على شرعيتهم الدستورية، باعتبارهم نواب الشعب، وكان يُنتظر منهم ان لا يختصروا ذهابهم الى امين صندوق البرلمان ليقبضوا رواتبهم فقط ، وانما الاولى بهم الذهاب الى قبة البرلمان للقبض على زمام الامور، ليعتصموا هناك ويطالبوا الساسة الكبار المتصارعين على مواقع السلطة والمال والنفوذ بالتخل عن معاركهم الشخصية. كان طيلة الفترة الماضية تتم مناشدة هؤلاء النواب بصوت العتب واللوم احياناً ،غير ان تأزم الامور ما عاد يتحمل التنبيه والعتب والتامل بهم خيراً لعلهم يدركون !!، وانما ساد الغضب ويتصاعد بشكل طردي اي كلما زاد التازم والاستعصاء زاد غضب الشعب واقترب من النقطة الحرجة التي سيتفجر عندها .
نواب الشعب العراقي، سيكون عمركم البرلماني قصير اذا لم تتداركوا ما اصاب مجلسكم من تجميد لدوره المطلوب، فاذا ما كانت نزعة العزل والاقصاء التي مارستها كتلكم المتنفذه تجاه الكتل الصغيرة قد طالكم اليوم، فتصورا، فماذا سنتظركم من رؤسائكم غداً، وغداً لناظره قريب.