علي عرمش شوكت
عيد العمال ومآل الحال في العراقعلي عرمش شوكت
تستقبل الطبقة العاملة العراقية وكافة قوى شعبنا الديمقراطية الاول من ايار عيد العمال العالمي في هذا العام ضمن مناخ سياسي متأزم، مما يعكس حاله على صورة التعاطي مع هذه المناسبة العالمية، فلا يلمس اي استعداد رسمي ومناسب لاحيائه كعيد يقتضي الاحتفال وتقديم المزيد من رفع للمستوى الحياتي لهذه الطبقة العاملة المعطاء، وياتي هذا التطلع على اساس كون العراق يعيش في حياة ديمقراطية، يكفل فيها دستوره كافة الحقوق والحريات لمختلف الفئات الاجتماعية والطبقية العراقية، وفي المقدمة منهم الطبقة العاملة التي تعد هي الاوسع والاكثر عطاءاً من غيرها من حيث انتاج الخيرات المادية باعتبارها تشكل العمود الفقري لقوى الانتاج ، كما انها تتحمل الاعباء والمصاعب الاكبرالتي يعاني منها البلد عموماً.
وفي هذا المنحى لابد من الاشارة الى ان اغلب افراد القوات المسلحة والتي يقع على عاتقها توفير الامن والامان للبلد، هم من ابناء هذه الطبقة، هذا المؤشر الذي تضاعف في العهد الجديد بفعل البطالة الواسعة التي دفعت ابناء الفقراء والعمال الى الانخراط في هذا السلك لغرض مواجهة اعباء المعيشة المتردية، كما ان الطبقة العاملة هي التي تمسك بعتلات عجلة الاقتصاد بصورة مباشرة، وباشارة منها تتوقف ليس عجلة الاقتصاد فحسب، وانما عجلة الحياة في مختلف المجالات، ولابد ان نذكّر الطبقة الحاكمة بان الاصوات التي حصلت عليها وبموجبها ارتقت سدة الحكم هي في الاعم الاغلب اصوات من الطبقات الكادحة.
وعليه يتساءل العمال اليوم عن الذين فازوا باصواتهم ويفترض ان يكونوا منصفين واوفياء معهم، وذلك باعطائهم حقوقهم الدستورية في اقل تقدير، اذا لم يقدموا لهم مكافأت على تحملهم الاعباء الاضافية القاسية من انعدام الخدمات وضعف الامان الذي حصد ابنائهم في تفجيرات مواقف " المسطر " وغيرها وما يخلفه ذلك من اليتم لابنائهم والترمل لزوجاتهم والثكل لامهاتهم وتشتت اسرهم التي يعد افرادها بالملايين، فلمن المشتكى يا ترى ؟ ، لم يبق للعمال اي مرجع لكي يدافع عن حقوقهم سوى اتحادهم النقابي العام التاريخي، وهنا يتجلى امامهم الظلم الطبقي والسياسي القسري، وكذلك جحود الحكام الذين صعدوا على اكتاف العمال، حيث تجلى ذلك بقرار الحكومة القاضي بالغاء الاتحاد العام لنقابات العمال الشرعي والاستحواذ على مقراته ، واعتباره غير شرعي دون اي وجه حق قانوني يذكر، لا لشيء سوى لكونه يتمتع بالاستقلالية عن الاتجاهات السياسية والحزبية ولم يتبع للحكومة.
وتتلاحق التساؤلات عن شراسة النفس الدكتاتوري المتعجرف الذي يملأ صدرالاوساط المتنفذة في الحكومة، ففي الوقت الذي عجزت عن ترميم بيتها الوزاري بسبب نزعة الهيمنة الطاغية للسيطرة على الوزارات الامنية والصراع حولها للاستحواذ على مزيد من النفوذ والمال، راحت الجهات المتنفذة في الحكومة تمد هيمنتها على اتحاد العمال لتضعه تحت ابطها، بغية تحويله الى ذراع ضارب في صراعاتها مع خصومها. ان خطوة الحكومة ازاء اتحاد النقابات لايمكن ان يكون وراءها عاقل، فهي تضيف دليلاً قاطعاً على نزعة دكتاتورية مقيتة من شأنها ان تضيف تبريراً للمظاهرات الاحتجاجية وتؤكد عدم ديمقراطية هذه الحكومة المتسلطة، التي باتت تقف على تلة الخلافات الساخنة وفي مهب رياح التغيير، وبخاصة رئيس الوزراء السيد المالكي، والمعني قبل غيره في التصرف التعسفي تجاه اتحاد النقابات.
ونحن نتساءل ايضاً، عن قدرة المتنفذين في الحكومة الذين عجزوا لحد الان عن فرض وزير او نائب رئيس للجمهورية يعنيهم، هل بامكانهم فرض اتحاد مزيف للنقابات العمالية ؟ ، مع ان تعين الوزير او نائب للرئيس من صلب ما تتطلبه سياقات عملهم الحكومي، اما تعين او فرض اتحاد لنقابات العمال فليس من شأنها ولا تتطلبه مهام الحكومة وانما شأن الطبقة العاملة العراقية ذات التاريخ النضالي المجيد، الذي يمتد عقوداً من الزمن السياسي العراقي. والذي سجلت خلاله المآثر الوطنية والنضالية الطبقية المشهودة.