علي عرمش شوكت
هل سيكون الرئيس مام جلال " دليلاً للحائرين..؟"
علي عرمش شوكت
عاد مام جلال رئيس الجمهورية بعد غياب ظلت الشكوك حول اسبابه الحقيقية تتداول بين المواطنين والمتابعين للوضع السياسي في العراق، وربعاءغم ذلك الغياب غير المناسب في ظل اشتداد ازمة الحكم، بقى التعويل على همة الرئيس من ان يكون فاعلاً في ايجاد حل، ولكن يكتنفه الغموض وتخيم عليه الشكوك. اذ ان التجربة السياسية في البلد وخلال العشر سنوات الاخيرة، اي من بعد سقوط النظام المقبور، قد كشفت عن حقيقة لا لبس فيها. تؤكد بشكل قاطع بان تركيبة الحكم هي بحد ذاتها التي تصنع الازمات، واذا ما اريد البحث عن حل معين لهذه الازمات حينها لا يوجد امام الباحثين غير التغيير لهذه التركيبة بصورة جذرية.
ومن هنا يتبين بان الرئيس "مام جلال" لا يتوفر له اي نصيب بان يصبح" دليلاً للحائرين" وهو لازال لم ولن يخلع جلباب الحيادية بعد !! . واول تصريح له في هذا السياق قال: لاتوجد لديه عصا سحرية لحل الازمة. ولكن اذا ما افترضنا ان يتخلى السيد الرئيس عن " حياديته " غير الايجابية والتي استخدمها في فك الاشتباك الذي حصل حول سحب الثقة عن رئيس الوزراء، سيحصل حين ذاك تطور دراماتيكي وسيكون له وقع فاعل في تغيير الموازين لصالح كسر حاجز الاستعصاء الذي تتداعى عنده اية جهود خيرة للحل. غير انه وكما تبدو قد بدأت تلوح بالافق امكانية ان تعبر الحالة الى الاتجاه الساخن الذي لا يبقي و لا يذر.
لقد غدا المواطن العراقي بمطلق القناعة بان الكتل المتنفذة المتصارعة لا تبحث عن الحل المنصف العادل الذي يضع مسيرة البلد على سكة الاستقرار والتنمية والانتقال الى بناء دولة المؤسسات وتوفير الخدمات. انما هدف كل منها ان تحصل على اكبر قدر من الامتيازات، ولذلك لا تريد مغادرة نهج المحاصصة وتقاسم النفوذ، وما يدل على ذلك هو، كلما اقتربت الامور من حافة الحل، بادر احد الاطراف اما الى طرح شروط تعجيزية، او طرح مشروع مثير للجدل يفتح اكثر من فتق جديد من شأنه ان يسرب الجهود الفاعلة باتجاه ايجاد مخرج، كما يبدد الاختمارات الايجابية التي يتم بعناء بالغ استحضارها. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كطرح كتلة دولة القانون لورقة اصلاح في الوقت الذي تجري فيه الجهود لعقد المؤتمر الوطني مما يجعل مآله الاستثناء، كما يفتح منافذ تتسرب منها اشتراطات اعتراضية تسحب الجهود خارج المسار.
وبعد هذه المواجهة تطلع علينا ذات الكتلة بما سمته " قانون البنى التحتية " الامر الذي يجعل الاطراف الاخرى في حالة استنفار للبحث عن اشتراطات جديدة ضامنة لمصالحها الخاصة كما تراها هي. مثل، ضرورة تحديد حصة كردستان من القانون آنف الذكر، ياتي ذلك من قبل التحالف الكردستاني، اما الكتلة العراقية، فتشترط وجود الضمانات من عدم ذهاب اموال المشروع في ادراج الفساد. ولا يفوتنا ان نذكر اشتراطات كتلة الاحرار الصدرية، التي مفادها " لا ورقة اصلاح من دون تحديد ولاية رئيس الوزراء" وبذلك يمضي قطار الخلافات باحماله الثقيلة بعيداً عن محطة الحل المنشودة.
ومع ان هذه المطالب التي تطرحها الكتل السياسية المختلفة مع كتلة دولة القانون هي في الاغلب الاعم مشروعة، الا انها سحبت العمل الفعلي لحل الازمة الى خلف الاتجاه المطلوب، وفي التحليل النهائي لا تتبرأ كتلة دولة القانون عن ان تكون هي المسؤولة الاولى عن هذا العشو السياسي المهلك باعتبارها صاحبة القرار الحاسم، فهل يتمكن السيد رئيس الجمهورية ان يفرمل طروحات كتلة دولة القانون المثير للجدل والباعثة على فزع الكتل الاخرى؟؟ وكذلك ازالة مخاوف الكتل المعارضة لنهج رئيس الوزراء الذي يوحي بالتوجه نحو الانفراد بالقرار..؟ وربما هنا يمكن ان تحصل القناعة بان الرئيس مام جلال لا يتوفر له اي نصيب من ان يكون " دليلاً للحائرين!!" .