| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأثنين 3/1/ 2011



 وزارة المالكي لا تمتلك القدرة على النهوض

علي عرمش شوكت
 
درجت النخبة المتنفذة في العراق على سلوك " الشوارع الخلفية " السياسية للالتفاف على الشرعية الدستورية واعتماد وسيلة المقايضات بغية الحصول على اكبر قدر ممكن من مواقع السلطة والنفوذ، وكانت الحالة الاكثر جنوحاً عن السبل القانونية هي تلك التي تجلت بتشكيل برلمان بالتعيين، حيث لم ينتخب منه سوى سبعة عشر نائباً فقط، من ثلاثمئة وخمسة وعشرين نائباً، والادهى من كل ذلك هو تعيين نواب لم يأتوا حتى بعشرات الاصوات ، و في ذات الوقت لم يعترفوا بفوز مرشحين من " قائمة اتحاد الشعب " قد حصلوا على عشرات الالاف من اصوات ناخبيهم، بذريعة ان قائمتهم لم تحصل على القاسم الانتخابي، مستندين على قانون الانتخابات المعاد تفصيله على مقاسات هذه المجموعة من الساسة، الذين وكما يبدو قد استفادوا من ممارسات الطاغية صدام في عمليات الاستحواذ والعزل للقوى السياسية الاخرى !!.

وياتي تشكيل الحكومة بعد صراع مرير جرى في الغرف المغلقة، اي بعيداً عن ارادة الشعب ونوابه، وعلى ذات القاعدة الباطنية لكي تمرر المساومات غير المشروعة، وفي اللحظات الاخيرة تداركوا امرهم فاتفقوا على افتعال المناصب ومواقع نفوذ لم يقرها الدستور، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، انما تنصلوا عن تعهدهم باشراك المرأة وشكلوا وزارة ذكورية، كما تنصلوا عما كانوا يدّعونه من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، وتمت التشكيلة وهي فاقدة لمعيار الكفائة ، ولم تخفى نواياهم من عدم ابعاد الوزارات الامنية عن التحزب، وعدم منحها الى شخصيات مستقلة وكفوءة، كما فتح موقع رئاسة الجمهورية على مصراعية واطلاق عدد نواب الرئيس، دون اي مسوغ دستوري، بادعاء مشاركة المكونات العرقية والدينية، دون ان يأتوا بأي دليل قاطع يبيح لهذه اوتلك من الجهات التي ينوون اشراكها حق تمثيل المكون المعني .

هذه سياقات تشكيلة حكومة المالكي، الذي وجد نفسه بين مطرقة الكتل وسندان القواعد الدستورية، فما كان له خيار وهو الباحث عن الدعم سوى الميل الى كسب الكتل السياسية، مما اضعفه الى درجة مكنت بعض الكتل من ان ترفع مطاليبها الى ما فوق استحقاقاتها الانتخابية، واذا ما كانت هذه البداية بلي الاذرع، فكيف ستكون الامور عندما تدخل الحكومة في حيّز التنفيذ ؟ ، ومن هذه التشكيلة يتبين ان رئيس الوزراء السيد المالكي اما انه قد تنازل بقناعته عن حقه باختيار الاكفئ من الوزراء، او فقد هذا الحق مرغماً كثمن للحصول على رئاسة الوزراء، وليس هذا الثمن فحسب انما اقدم على منح مواقع سيادية للبعض دون مراعات المعايير المطلوبة. بهذا الحساب القصير النظر سيضطر السيد المالكي الى دفع اضعاف ما دفعه من تنازلات في المستقبل القريب، او يعجز مما يصل الامر به الى اسقاط الحكومة واعادة الانتخابات، لا نتمنى ذلك وانما كما يقول المثل - ان الرسالة تعرف من عنوانها - ، بمعنى ان وزراء الحصص سوف لن يتمكنوا من النهوض بمهامهم، وعند ذلك لا يتحمل الملامة سوى السيد المالكي وحده.

وقد ساد شعور لدى العديد من المتابعين وابناء الشعب العراقي بان هذه التشكيلة الوزارية جاءت وهي تعاني من ضعف المناعة اذا جاز هذا الوصف، اي ان العديد من وزرائها قد يخترقهم الفساد الاداري وتبعاً له الفساد المالي وفساد الجهل والتخلف، مما يسحب الوزارة المعنية الى رمي ثقل عملها على امور هامشية بعيداً عن مهامها الاساسية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، وزارة التعليم العالي ظهر في اول استهلال لعملها الجديد بروز الاهتمام بعزل الذكور عن الاناث بين طلاب الجامعات تحت شعار انهاء الاختلاط والميوعة !!، وكأن الذين تخرجوا من الجامعات العراقية العريقة، والتي كانت طيلة عمرها مختلطة،وهم من ابرز العلماء والاساتذة كانوا من ( مائعين )، غير انه كان من المنتظر ان يستهل عمل هذه الوزارة التي تعنى بالعلم قبل غيره بمتابعة اخر تطورات العلم والتكنولوجيا وكيفية الارتفاع بالتعليم العالي في العراق الى مصاف التطور في العالم.

من هذه المظاهر الاولية توقع بل وتمنى العراقيون ان تلغى هذه التعينات الوزارية غير المناسبة للنهوض باعادة بناء البلد وبخاصة خلوها من مشاركة نصف المجتمع المتمثل بالنساء، ولكي لن تحل الكارثة من جديد في هذا الوطن الذي تسحقه عجلة التدمير منذ اكثر من اربعين عاماً. فهل من مستجيب...؟




 

free web counter