| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

السبت 3/1/ 2009


 
 مستقبل العراق بين وعي الناخب وكفاءة النائب

علي عرمش شوكت

من المؤكد ان عملية الاقتراع والادلاء بالصوت الانتخابي لايفعله الا مستوى الوعي الذي يتمتع به الناخب ، فهو الكفيل الذي يهدي لحسن اختيار من هو جدير بتحقيق طموحات الناخب العامة والخاصة ، كما ان حالة الفرز التي تتجلى على اثر تجربة ماضية هي عادة ما تخصب تربة نمو الوعي لدى المواطن ، وكذلك الحاجات الحياتية هي الاخرى تعتبر حوافز مباشرة للبحث عما يعين ويمهد السبيل لتحقيقها ، وبهذه مجتمعة تصنع خامة نسيج الوعي المفترض لدى من سيذهب الى صناديق الاقتراع ، لا لمجرد اختار احد المرشحين فحسب ، وانما سيختار المستقبل الواعد له ولوطنه ولشعبه ، ومن على هذه العتبة يحق للناخب معرفة مستوى ثقافة وكفائة المرشح وخلفيته الفكرية والسياسية والتي لاتكتمل الا بنزاهته و وطنيته العالية .

ان الوعي الثقافي لدى المواطن العراقي قد دمر في غضون العقود الثلاثة الماضية ، وكان التدمير هدفاً مقصوداً من قبل النظام المباد ، بغية الوصول بالمواطن العراقي الى ان لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ، لغاية ان يصوت صمتاً للقائد الضرورة بنسبة مائة بالمائة في الوقت الذي كان فيه العراقيون يرزحون تحت قساوة الحصار الجائر ، محرومون من ابسط مستلزمات الحياة ، في حين كان القائد يبني لشخصه القصور الخيالية ، بمواد بناء مستوردة مسموح بها من قبل الدول التي تفرض الحصار على العراقيين ، ومع ان نتائج انتخاب الطاغية صدام كانت مفضوحة التزييف ، الا انها تعكس حالة بات فيها وعي الناس معلباً بمفاهيم تدعو الى عدم استخدام العقول طالما يوجد عقل القائد ، والذي يصنع المعجزات للشعب العراقي مثل ام المعارك وجلب الحصار والحملة الايمانية وما شاكلها .

ويبدو ان البعض يحذو على منهج الدكتاتور في اخذ اصوات الناخبين الجياع الحفاة العراة ، في الوقت الذي تنعم فيه القيادات وليس القيادة الواحدة بقصور صدام ذاتها وبامتيازاته وحشمه وخدمه وربما فيها تطور نوعي بسبب عدم وجود اي نوع من الحصار او العقوبات الدولية ، وهنا يكمن الفرق اذا ما اراد احد يقول ان زمن صدام طاول مايقرب من اربعة عقود ولم تتحرك الجماهير فهل تتحرك عقول الناس بخمس سنوات عجاف اخرى وهم قد تعودوا العيش تحت وطأتها اصلاً ؟ واذا ما كان مبعث الخوف سابقاً هو بطش سلطة الارض ، فاليوم يُهدَدون بعقاب سلطة السماء اذا ما جرى مخالفة الفتاوى والدعوات المبرقعة بالدين ، الا يدعو ذلك الى فك هذا الحصار الفكري بقوانين ملزمة لكي ينعتق الفكر ويتحرر الوعي العلمي وترتقي الثقافة والمعارف السياسية لدي الناس ، مما يمكنهم من الاختيار الصح وعدم تكرار صفحة الانتخابات الماضية ، التي تم فيها التصويت في الاغلب الاعم تحت طائلة الخوف من العقاب الالهي .

لقد مرت خمس سنوات مهلكة على العراقيين بسبب الاختيارات الخاطئة ، وكانت افرازاً منطقياً لما كان سائداً من مد موروث من الماضي ومكرس في الحاضر ، وكلما بقيت هذه الحالة المدمرة ، كلما ظل مستقبل البلد مهدداً بالتخلف وبالضياع وربما بالتقسيم الذي امسى العراق واقفاً على مشارفه ، ولا غرابة في الامر فهو حاصل تحصيل لبؤس الاختيار ، زد على ذلك انعدام الثقافة والكفاءة الادارية لدى من عينتهم القوائم المغلقة كنواب ، والأمّر من كل هذا ، هو اذا ما اعيد انتخاب اناس لاثقافة لديهم ولا يملكون من الآهلية شيئاً ولا من الحرص قدراً على مستقبل العراق ووحدة ترابه .

ان ما اثبتته التجربة الماضية قد اكد على انعدام الكفاءات لدى اعضاء مجالس المحافظات بالملموس ، فلم يظهر من بينهم من هو مختص بالتطوير الصناعي ولا في التنمية الزراعية ولا في مجال علم الاجتماع لكي يفيد في اصلاح ذات البين ، ولا من خطط لمعالجة البطالة في محافظته ، اوعالج مشاكل السكن ، والرعاية الصحية ، والتعليم ، والخدمات الاخرى ، مما ابقى المواطنين يرزحون تحت وطأة فقدان تلك المستلزمات المعيشية ، و لكن جرى عكس ذلك فكان بينهم من برز كفاسد محترف ، ومزور من طراز جديد ، وبدلا من ان يتحلى المنتخبون بثقافة سياسية واقتصادية عالية ليكونوا قادة لبناء البلد ، كانوا يتمتعون بثقافة التخلف والتخريب والفساد وعزل الاخر ، ويتوجونها بالصراعات البينية على المغانم الحرام ، كما كان بعضهم لا يعلم ماذا يصنع بخطط مشاريع الدولة المركزية في محافظته ، فاضاع نصف المبالغ المخصصة لاعادة البناء بمشاريع وهمية وبمبالغ خيالية ، وارجع نصفها الاخر مشكوراً .

وعليه لابد من وقفة جادة يجب ان يقفها الناخب العراقي ، امام القوائم ومرشحيها ولكي لايعيد التاريخ نفسه كمهزلة باعادة انتخاب الفاشلين والمفسدين او من على شاكلتهم مرة ثانية ، يتحتم على الناخب ان يقرأ بتأن تام مفردات القائمة التي ينوي التصويت لها ، وهنا ليس مطلوباً سوى ضرورة التعرف على شخوصها وسيرة كل منهم الذاتية ، وبرنامجها الانتخابي ببنوده المختلفة ، ولاتنتهي تلك الوقفة الا بمعرفة مدى نظافة كتلها السياسية من الطائفية والاثنية والفساد ، وينبغي ان تتحلى بالوطنية العالية تجاه سيادة العراق ووحدة ترابه .





 

free web counter