| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 4 / 2 / 2017 علي عرمش شوكت كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الانتخابات القادمة في العراق.. لمن الغلبة.؟
علي عرمش شوكت
(موقع الناس)
من يسمع بخبر اجراء الانتخابات تنتصب امامه ، للوهلة الاولى صورة مساحة اختيار يتوفر فيها النصيب العادل لكل مؤهل للترشيح اوللانتخاب، ويُمارس فيها حق الاختيار بحرية تامة. والاهم من كل ذلك ضمان الصيانة اللازمة لنتائج الاقتراع، التي تجسد اختيار من يمثل مصالح الناخبين. ذلك بمثابة حجر الزاوية في منظومة الديمقراطية. قد يكون العراق ليس البلد الوحيد الذي يفتقد لمثل هذه القواعد الديقراطية، انما بلدنا ينفرد دون البلدان الاخرى بـ "ديمقراطية الطوائف" القائمة على تقاسم حصص بين الكبار المتنفذين، وينطوي على مضمون مفرّغ اجوف معد سلفاً للتساوم وشراكة الفساد المعمدة بشريعة ملوك الطوائف.
من لم يعش في هذا البلد " المقنن اغتصابه " بعنوان ديمقراطي برلماني، يواجهه مشهد يكاد يراه "سريالي التشكيل" لا يسهل عليه فهم تكوينه. اما العراقيون المكتوون بناره، فلا تخفى عليهم تركيبته المغلفة بصبغة اثنية وعرقية فاقدة الروح ومقطوعة من النسب الوطني. ومن نافلة القول ان الوطنين من انصار الديمقراطية الحقيقية يقفون نداً باسلاً في حراكهم المتواصل في شوارع المدن تحت العلم العراقي الموّحد للجميع. ولابد من الاشارة هنا . فبالرغم من ان القوى الحاكمة انتهجت اسلوباً للتعامل مع نضال هذه الجماهير على قاعدة " دع الناس يتكلمون كما يشاؤون والحكومة تعمل ما تشاء !! ".
في هذه الركامات السياسية المتزايدة التي غمرت معالم ما سمي بالعملية السياسية وافرغتها لحد الخواء. يبرز التساؤل عن كيفية ممارسة الانتخابات القادمة ؟. والمقصود هنا على اية سياقات تنافسية ستجري ؟ . هل على طرح البرامج السياسية، ومن هو الاكثر تعبيراً عن حاجات الناس المعيشية الملحة مقرونة بارساء دولة المؤسسات ذات السيادة. ام على السعي المحموم لتأجيج المخاوف المفتعلة من الاخر المختلف طائفياً وسياسياً ، في ظل توازن طائفي مختل لصالح طائفة دون غيرها، مما يسهل الهيمنة والتسلط لا محال؟. كنتيجة للحصول على الاصوات الاكبرعدداً ،التي اما مدفوعة بالخوف من الاخر، او مغيبة الوعي بفعل محاصرتها بفقدان الرعاية الاجتماعية والخدمات والفقر الذي وصل الى 30%. وكذلك الامية المتزايدة والتي تشكل المصدر الاساس للتخلف الاجتماعي .
اذن لمن الغلبة في الانتخابات القادمة ؟ . لا يساور احداً الشك من المدركين لواقع الحال المرير، في ان استنساخ نمط الحكم الحالي سيتكرر، اذا لم تصل القوى الديمقراطية المدنية الى ابعد الجماهير وخلق قناعة لديها مؤداها بان القوى الحاكمة الحالية هي من افقرتها وعوّمت الوطن في بازار السياسة . بغية ان تحصل لديها الصحوة التامة في الجانب الاخر، بان القوى الديمقراطية والوطنية هي التي تدافع عنها مجسدة بمواقف عملية جريئة وبصوت عال ، على ان لا يقتصر هذا الصوت على الحراك الجماهيري الذي نفتخر به في ساحات الاحتجاج. وعودة على بدء لنذكّر بان الحكومة ماشية على قاعدة " دع الناس يتكلمون ما يشاؤون والحكومة تعمل ما تشاء ".
ان الجماهير المسحوقة و التي تشكل الاغلبية المقررة في العملية الانتخابية، حسب القواعد الديمقراطية، هي الاخرى لا تمتلك القدرة على صيانة اصواتها في ظل قانون انتخابات جائر ومفوضية غير مستقلة .حيث يمثلان رأس الحية. الامر الذي يقتضي قلعهما وربما شلعهما ايضاً ،على حد التعبير السائد هذه الايام. وحينها تتضح الغلبة لمن وعلى رؤوس الاشهاد.ويجدرالتنويه ايضاً الى انه في خضم هذه التداعيات تضيع فرصة تنافس البرامج السياسية الانتخابية مهما كانت سديدة، حيث تغدو الاسس الديمقراطية فاقدة لجوهرها في العملية الانتخابية، التي تصبح قريبة الشبه الى سباق خيول تكون فيها الغلبة للحصان الاسرع والاقوى، وتصبح الاحزاب الصغيرة من حيث القوى التصويتية خارج عتبة البرلمان، وتبعاً لذلك تفقد البرامج السياسية دورها في تحقيق الغلبة، الا اذا اوصلها اصحابها بسلاسة وتبسيط الى عموم الناس وبخاصة الفقراء الباحثين عن " بطل " منقذ. ما يعني تغيير توازن القوى لصالح الاجدر بتمثيله لمصالح المواطنين العراقييين دون تمييز.