علي عرمش شوكت
الثلاثاء 4/3/ 2008
الراصداوهامهم تعبر فوق جسر آلام شعبنا
علي عرمش شوكت
ان العملية السياسية في العراق تسير الهوينى في الاونة الاخيرة ، ويأتي ذلك عكس ما كان متوقعا ارتباطا بتحسن الوضع الامني ، لاشك ان ثمة خطوات قد بدات على الطريق والتي تمثلت في اخراج بعض القوانين من سباتها رغم المآخذ على اسلوب اصدار بعضها الذي حدا بمجلس الرئاسة الامتناع عن التصديق عليه (قانون مجالس المحافظات) ، ولكن مع كل ذلك اعتبر هذا التململ التشريعي بادرة وخطوة قد تمهد السبيل لاحقا الى السير الحثيث في التقدم بعملية البناء والتطور المنشود في العراق الجديد ، وما يبدو واضحا للعيان ان البعض لايريد للعملية السياسية التقدم والتطور ولهذا يتحرك واهما ومعتبرا اية عقبة تعترض هذه المسيرة وسيلة تساعد على ايقاف او في اقل تقدير عرقلة العملية السياسية ، ويتوهم اكثر عندما يغرق بأمل ابقاء الحال العسير على ما هو عليه ، والغاية لا تخفى على احد ، اذ ان المصالح الفئوية الضيقة والتي تستفيد الى حد بعيد من عدم وضع الامور في نصابها الصحيح .
كان الحديث يدور ساخنا في الايام القليلة الماضية حول تشكيل حكومة جديدة او ترميم الحكومة الحالية ، غير ان ذلك الحراك قد اخذ يهبط بل ويختفي للمستوى الذي لايسمع حتى في الدوائر المعنية مباشرة في اعادة هيكلة الوزارة ، وكأن زيارة الرئيس الايراني الى العراق جاءت كفرصة لتحويل الاهتمامات و الاحاديث تدور حول جدواها ومعناها ، ويكون جل الامل على ما ستسفر عنها من معالجات للوضع العراقي !! ، والحقيقة تقول يتوهم من يظن بأن هذه الزيارة سوف تقدم شيئا يذكر من شأنه دعم عملية البناء الديمقراطي ، لكون هذا الامر بالذات هو الذي لايرغب النظام الايراني بوجوده في العراق الجار ، لان الشعب الايراني لم يحصل على حرية الاختيار وحرية الرأي مثل ماحصل في العراق ، وجاءت زيارة الرئيس الايراني الى العراق على اثر تنصل الجانب الايراني من المباحثات مع الادارة الامريكية ، وهي تنطوي على رسالة موجهة الى الجانب الامريكي مفادها ان ايران ليست بحاجة الى (OK) امريكي لوجودها في العراق ، وانما بأمكانها التواجد الميسر في مختلف المجالات .
وما اعلن عنه لحد الان مما تجلى في هذه الزيارة يبين دون لبس ما حملته الرسالة الايرانية المعبر عنها بتقديم قرضا ايرانيا بمليار دولار الى الحكومة العراقية ، فضلا عن الامر الاكثر وضوحا ذلك الذي حدد آلية صرف القرض من قبل الجانب الايراني ، بل واماكن الصرف وعلى سبيل الاشارة بناء محطة كهرباء في محافظة النجف ، ويمكن ان نزيد القناعة فيما نذهب اليه عندما نشير الى تحديد الجانب الايراني حتى الجهات المنفذة لصرف القرض وهي الشركات الايرانية حصرا ، كما توقع بعض المراقبين السياسيين ان تشترط الحكومة الايرانية بقاء الايرانيين يديرون هذه المحطة كستار للتواجد الدائم على الارض العراقية ، هذا في المجال الاقتصادي ، ويمكن ان يعتبر في هذا الاطار الاتفاق الذي جرى مؤخرا بين الحكومة العراقي والحكومة الايرانية والذي نص على ان يسمح بدخول اكثر من الفي خمسمائة مواطن ايراني يوميا الى الاراضي العراقية ، الامر الذي اثار تساؤلات من لدن الاوساط السياسية العراقية وغير العراقية رغم كون ذلك مبررا بزيارة العتبات المقدسة ، الا ان العدد الكبير يلفت الانتباه لاسيما وان المواطنين العراقيين يعانون من الاوضاع السكنية التي هي بازمة خانقة وبخاصة في المدن التي تتواجد فيها العتبات المقدسة والتي يفترض ان يؤمها الزائرون الايرانيون .
ويتساءل المهتمون بالشأن الاقتصادي العراقي عن حاجة الحكومة العراقية لمثل هذا القرض الايراني المشروط بآلية تنفيذية ايرانية ، فالقرض يبلغ مليار دولار في حين الميزانية الحكومية لهذا العام قد بلغت اكثر من خمسين مليار دولار والتي يسترجع كل عام جزءا كبيرا منها ، حيث لاقدرة ولا كفاءة لادارات المحافظات على استثمارها لتوفير حاجة المواطنين من الخدمات الضرورية ، ويأتي هذا القرض المشروط في الوقت الذي يجري السعي فيه لتخليص البلد من ديونه ذات الشروط المقيدة للارادة الوطنية في استثمارها ، التي على غرار قروض ( البنك الدولي )، وكل ذلك لايفهم منه غير كونه رسالة ايرانية موجهة الى الادارة الامريكية مفادها ان نفوذا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا متوطدا على ارض العراق لايران لا يمكن للولايات المتحدة زحزحته ، كما ان الرئيس الايراني قد تخطى الاعراف والبروتكولات الرسمية وتحدث باسم الشعب العراقي قائلا (ان الشعب العراقي لايحب امريكا) و تجاوز على حقيقة التعاون القائم بين الحكومة العراقية والادارة الامريكية والذي يتجدد في كل عام بطلب من الجانب الرسمي العراقي ، وذلك بقوله (على القوات المتعددة الجنسيات الخروج من العراق فورا) ، ومن خلال تصرف الجانب الايراني هذا يفهم منه بانه يعش وهما يعتبر العراق وشعبه قد صار تحت الجبة الايرانية !!.
اما رأي المواطن العراقي الحريص على مصالح شعبه ووطنه فهو يرى ان الزيارة لم تحقق شيئا هاما طالما لم تتناول مع الملفات الساخنة وحل الاشكالات العالقة فيها ، مثل ملف الامن اولا ، وملف الحدود ، وملف ابار النفط المتجاوز عليها وغيرها، وهذه الزيارة لم تكن غير كونها عملية تحدي للوجود العسكري الامريكي ومحاولة عبور الاوهام الايرانية على جسر الآلام العراقية وايصالها الى الصوب الامريكي والتظاهر بالقدرة على المناطحة، ولهذا انتهت الزيارة بعيد الانتهاء من القاء كلمة الرئيس الايراني التي طلب فيها ان يرحل الوجود الامريكي فورا.!!.