| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأثنين 4/2/ 2008



الراصد

 ستلاحقهم ( لعنة النفط )

علي عرمش شوكت 

يقال ان الفراعنة في وادي النيل كان لهم السبق في حفظ ثرواتهم من الذهب والمجوهرات و النفائس الاخرى في أماكن آمنة جدا، ليس اقتناءا لتكون تحت تصرفهم وهم احياء انما ادخارا لعالمهم الاخر حسب مفاهيمهم آنذاك ، لكن بعض المؤرخين يقول ادخروها الى احفادهم من الاجيال الوريثة ، وحسب ما تذكره الاساطير والذي مفاده ، انهم تركوا (لعنة) تلاحق كل من يتجاوز على تلك المقتنيات لصالحه الشخصي من اللصوص ، وفي عالمنا اليوم نرى ان الاخوة في دولة الكويت قد اقتفوا اثر الفراعنة كما يبدو، فخصصوا بعضا من مردودات ثرواتهم النفطية لاجيالهم القادمة ، ومن هذه الشرفة يمكن الاطلال على احوال النفط العراقي الذي يفوق بكل مواصفاته المتميزة ، وابعاد تأثيره القوية على احوال نفوط الدول المجاورة الاخرى ، لقد جاء الاحتلال ولم يأبه بمصير التراث العظيم لحضارات الآشوريين والبابليين والسومريين حيث سيبت (للحوسم) لكونها لاتساوي شيئا حسب تقديرات المحتلين ازاء ثروات البترول التي لم يحموا غير وزارتها حينما سيطروا على بغداد ، ولكن عندما ثارت الثائرة ضدهم على انهم جاؤوا لسرقة النفط العراقي ليس الا ، فراحوا ينفضون اياديهم من حمايته وسيبوه هو الاخر كما سيبوا الحدود وغيرها ، وعليه غدت عمليات السرقة والتهريب بحالة لايمكن حصر عددها او اساليبها .
الحصيلة الان النفط العراقي امسى مالا سائبا ويشجع على السرقة ، فعلى المستوى الداخلي يتم النهب من قبل (حواسم النفط) المحمين بالمليشيات ، كما يجري على المستوى الخارجي من قبل بعض دول الجوار حتى وصل الامر الى الاصرار الوقح والامعان بالنهب العلني وللحد الذي وصل فيه التجاوز الى تخطي الحدود واحتلال الابار المنتجة واعتبارها حقولا مشتركة تارة ، كما يفسرون نهبهم بكونه تنفيذا لاتفاق مع الحكومة العراقية تارة اخرى دون اثبات ذلك قانونيا ، حيث ان مجلس النواب العراقي صاحب القرار الاول في هذا الشأن ، لم تمر عليه مثل هذه الاتفاقيات ، والمشار اليه هنا هو ما تم بين النظام في ايران وحكومة الجعفري في حينها حيث وهب الاخير حق شفط النفط العراقي من قبل حكومة طهران!! ، مما ينطبق عليه القول ،(وهب الامير بما لايملك) ، حيث صار النهب مقننا ومشرعا من دون اي تشريع يذكر، وذلك وفقا لارادة الاشخاص المتنفذين في الوقت الذي كان فيه المواطن العراقي يفتقد للتر من وقود التدفئة ، فماذا بقي للاجيال القادمة من هذه الاموال والثروات والاحياء محرومين منه وبالتالي من ابسط مستلزمات الحياة الكريمة ؟ .
وبحكم هذه السرقات الرسمية غدا (حقل مجنون) النفطي والملود في محافظة ميسان يحمل جنسية اخرى لذا وجب اعتباره حقلا مشتركا !!، ان هذا الحقل العملاق قد بنته شركة يابانية من بين عدة شركات تنافست علية في حينها ، وكانت قد اتفقت مع الحكومة العراقية للتنقيب في عمق الاراضي العراقية ، ولكن بقدرة (متنفذ) فقد الحقل جنسيته العراقية الخالصة ، ان ذلك لامر طبيعي لضعف غياب الدولة العراقية ، ولكن ظلت مصالح الشعب العراقي بحماية قوات الاحتلال وفقا لشرعة الامم المتحدة وبخاصة القوات الامريكية ، التي تتحمل المسؤولية الاكبر لحماية ثروات العراق من النهب والسرقة والتهريب ، حتى وان كانت بعض الاوساط العراقية المتنفذة قد ساهمت وما زالت تساهم في التستر على الجهات السارقة سواء كانت محلية ام اقليمية مجاورة ، ومن المناسب ان لاننسى ذكر قوى الارهاب التي تفجر الانابيب وتختطف شاحنات البترول وتهربها الى البلدان المجاورة ، ان كل ذلك بكفة واختفاء واردات النفط التي قدرت بثمانية عشر مليار دولار منذ سقوط النظام الدكتاتوري ، الذي ارسا هو الاخر هذا النهب والتبديد العبثي لاموال شعبنا التعبان الجوعان المسلوب المنكوب ، واذا ما اخذنا بفرضية الفراعنة قبل خمسة الاف عام بان اللعنة قد تطال من يحاول سرقة ثروات ونفائس البلاد ويعبث بها ، فان ما جرى لصدام حسين فهي لعنة النفط التي على غرار لعنة الفراعنة .
ان الحرص على ثروات الشعب العراقي ينبع من عمق الروح الوطنية وحب هذا العراق الذي يستحق الفداء والوفاء ، وهو دون ادنى شك معيار للوطنية والنزاهة والاخلاص ، ولانريد هنا ان نخيف الاخرين ب(لعنة النفط) ، بيد اننا نقولها مجازا ، ومع هذا نعني بها عدم الجواز لأحد كان من كان سرقة او الاستحواذ على حقوق غيره خلسة وعدوانا ، لأن ذلك سيخلق قطعا ضغطا للذنب فوق العادة والذي يجعل الجاني اعمى البصيرة وفاقدا لنصاحة الضمير مما يؤدي به الى التخبط الذي مآله السقوط لامحالة ، ويمكن ان نطلق عليها انها اللعنة التي ستلاحق الجناة مهما تلبسوا باردية النزاهة والطهر والتقوى الكاذبة .
يبقى السؤال يدور حول دورالقوى الوطنية والديمقراطية في لم الجهد المخلص والحريص على مصالح الشعب والوطن بهدف التصدي للنهب والفساد وقطع دابر الاستباحة لثروات وسيادة البلد ، وهذه هي المسؤولية الوطنية والتأريخية التي تقع على عاتق كافة بنات وابناء العراق المخلصين دون استثناء ، واخيرا نجمل القول ان الخلاص من هذه المحنة لايمكن الا ببناء دولة قوية تستند على دعائم الديمقراطية ، والحياة المدنية ، والعدالة الاجتماعية ، والفدرالية الموحدة .












 


 

free web counter