| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

                                                                              الثلاثاء 4/9/ 2012

 

ورقة الاصلاح.. وعود مبهمة وترقب سلبي

علي عرمش شوكت

غدت ورقة الاصلاح الموعودة التي بشّر بها رئيس الوزراء السيد المالكي، عبارة عن عنوان مجرد، لا ينطوي على شيء ملموس. فهل يسمح الوضع السياسي المأزوم في العراق بمزيد من الصبر ترقباً، لعل فيه فك قيد هذه الورقة الاصلاحية الموعودة.. ؟ ، وفي ظل ذلك راح الناس يصفون الاصلاح بـ " زراعة الديم " حيث تنثر البذور في الارض عسى ولعل السماء تمطر فتنبت تلك البذور. ويأتي هذا الوصف متسماً بالواقعية، و لم يتجن على ادعاء كتلة " التحالف الوطني " من انها قد اصدرت ورقة للاصلاح، كما ان بعض التصريحات الصادرة من شخصيات دولة القانون نفسها، ادعت بان الورقة طرحت على الكتل الاخرى، الا ان الرد حول هذا الادعاء جاء بالنفي، لا بل نفى اكثر من طرف من مكونات التحالف رؤيتة لورقة الاصلاح المزعومة.

الورقة المذكورة وعلى حد توصيف بعض شخصيات كتلة "دولة القانون" انها ستتمرحل حسب مستويات مختلف الملفات التي ينبغي اصلاحها، ما يعني ان الامور العالقة سوف لن ينالها نصيب من الاصلاح الا بعد حين، وربما يأتي بعد انتهاء الدورة الانتخابية الحالية. كما حددت ساعة الصفر لبدء رسم خارطة معالجة الازمة، بعودة السيد رئيس الجمهورية من الخارج. وهذا الامر الاخر الذي يعني العودة الى دبلوماسية التوازن التي يتبعها مام جلال، وهنا تُسكب العبرات، كما يقال، حيث تتنافى هذه الدبلوماسية مع استحقاقات حماية الدستور وتطبيق تشريعاته، التي اول ما تفرضه هي عدم الحيادية ازاء تطبيق مقتضياته و الالتزام التام بمواده.

ان ازمة الحكم في العراق وما يدور في فلكها من خرقات دستورية وفساد قد ادت الى فقدان بوصلة مرجعية الحكم، ولا يبدو هنالك احد بامكانه ان يحاسب احد، ومن ابرز علامات ذلك عوم البرلمان على سطح الاحداث دون ان يرسي على بر ، وما عاد يمتلك لا القدرة على الرقابة ولا امكانية التشريع المنصف. وذلك بحكم فقدان المرجعية الدستورية، والهرولة من قبل جل البرلمانيين خلف ارادة "ملوك الكتل المتنفذة " مع الاسف الشديد. اذ تجلى ذلك بكل وضوح في الموقف من المنعطف الحاد الذي تمر به البلاد، فلا دور للبرلمان قد سجل له ازاء الازمة الحالية، وانما استحوذ على دوره التشريعي ودورالتنفيذي من بيده سلطة القرار والمال اينما حل شمالاً او جنوباً.

وفي ظل غياب قدرة سياسيي الحكم على الصحوة من نشوة السلطة، التي اسكرتهم وجعلتهم عاجزين عن ايجاد حل لمشاكل البلد وازمته السياسية المستعصية الحادة، تفاجأ المراقبون السياسيون بمفارقة تثير الحيرة حقاً، والتي تمثلت بمبادرة الحكومة العراقية لطرح ورقة حل للازمة السورية ..!!، مما حدا بالبعض ان يتصور ان تلك الورقة ليست صادرة من قبل الحكومة العراقية، التي عرف عنها العجز والفشل في حل ازمة الحكم في بلدها، التي هي قد تكون بمعايير عديدة، اقل وطأة من المشكلة في سورية، وتمادى البعض الاخر ليقول: انها ورقة قد عُدت من قبل دولة جارة، ومن ثم كلفت الحكومة العراقية بطرحها كي يتسنى للورقة المرور بسياق سياسي اسهل، والعهدة على الراوي. الامر الذي سيكرس الترقب السلبي لدى المواطنين العراقيين، ان ذلك ما هو الا افرازاً لانعدام الثقة بقدرة من يحكم للخروج بالبلد الى بر الامان.

وما دمنا قد تطرقنا لمبادرة الحكومة العراقية حول الوضع الكارثي الذي يحل بالشعب السوري الشقيق، يسحبنا ذلك الى تفسير لابد منه، مؤداه ان الحكومة العراقية تخشى تداعيات الوضع في سورية اكثر من تفجر ازمة الحكم في العراق. وان دل ذلك على شيء انما يدل على قصر نظر مهلك، و لابد من الاستعانة هنا للتنبيه من المخاطر الناجمة عن هذا الفهم السياسي القاصر، الاستعانة بنظرية المعرف التي تؤكد بان العامل الداخلي هو الحاسم وليس العامل الخارجي، وعليه لابد من الاستدراك عن حساب تداعيات الوضع السوري " الخارجي " بكونه ليس هو الاخطر!!، من انفجار الازمة العراقية، التي بدت تلمس ملامح وصولها الى تخوم النقطة الحرجة، التي لا يمكن عبورها ورفع القدم عن لغمها المخفي تحت تراب وركام الوعود المبهمة والمماطلات غير الآبهة بالمخاطر التي تحيق بالعراق.

ويبقى الترقب السلبي مخيماً على الناس مادامت الوعود بالاصلاح مجرد حبر على " الورقة " الموعودة، فضلا عن كون الورقة ذاتها غائبة لم تر الضوء، خشية من معرفة ما تنطوي عليه من مفردات هجينية لا اصل لها.





 

free web counter