علي عرمش شوكت
ما اشبه فضيحة اليوم بجريمة البارحة
علي عرمش شوكت
يبدو ان السمة المشتركة للدكتاتوريين هي بمثابة ماركة مسجلة عالمية، لا اختلاف فيها سوى ما يستجد من اضافة رتوش يفرضها عامل الزمن،كما انها تمتد عبر القارات مكاناً، والاعوام زماناً. من فرانكو في اسبانيا، وعبر هتلر في المانيا ، وموسليني في ايطاليا، وسلزار في البرتغال، وصدام والقذافي وعلي عبد الله صالح وبولبوت في كمبودية وخامنئي في ايران، والقائمة تطول. يسعفنا هذا الاستهلال على شحذ الذاكرة. وهذا ما يقتضيه انعكاس فضيحة المخابرات العراقية التي ازكمت انف الديمقراطية واصابت قلب الدستور العراقي بوخزة، تلك هي التي وجهت فيها هذه الاجهزة الامنية دوائرها وعناصرها لمتابعة نشطاء الحزب الشيوعي العراقي واعلام المسؤولين عن تحركاتهم، وتمادت الجهات الحكومية المسؤولة في غيّها الى الطلب لتسجيل اسمائهم..!!. لا لشيء سوى انهم يتظاهرون في ساحة التحرير مطالبين بتصحيح مسار العملية السياسية.
ان تذكر الماضي يوقظ الذاكرة ولكي تؤخذ منه العبرة . فقبل خمسين سنة وفي اواخر عهد الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، تم توجيه اجهزة الامن لمتابة الشيوعيين دون غيرهم لكونهم يتظاهرون منادين بـ" السلم في كردستان" ، في الوقت الذي ترك الحبل على الغارب لفلول البعث ومن لف لفهم للتآمر على ثورة تموز، فتتوج ذلك بحصول الكارثة الدامية بانقلاب شباط الاسود عام 1963، ولكن من المفارقة " المدهشة " ، لم يخرج للدفاع عن ثورة 14 تموز وعن زعيمها سوى الشيوعيين والديمقراطيين فقط. وعلى اثر ذلك قدم الشيوعيون الثمن الغالي بالاف الشهداء، ولم تنتهي تلك الكارثة الا بنهاية صدام سليل البعث العفلقي، ولم تقتصر التضحات على الشيوعيين فقط وانما امتد حريقها على عموم الشعب العراقي وكان ركامها المقابر الجماعية والحروب وفي نهاية المطاف سلمها قائدها " الضرورة " الى الاحتلال الامريكي.
فما اشبه فضيحة المخابرات العراقية اليوم بجريمة البارحة. وما يزيد صورة هذه المقاربة استغراباً كونها تاتي في ظل دستور يمنع التجاوز على حقوق الانسان ويصون الحياة الديمقراطية، التي لولاها لما وصل حكامنا الحاليون الى مناصبهم هذه. وهنالك ركن اخر من اوجه التشابه ويتمثل بطبيعة الاجهزة الامنية والمخابراتية، ففي عهد الزعيم عبد الكريم قاسم كانت وللاسف تلك الدوائر الامنية تغص بعناصر وضباط العهد الملكي العميل من ايتام بهجت العطية، وخليل كنة، ورفيق توفيق، وغيرهم والذين تتلمذوا على يد " النقطة الرابعة البريطانية " التابعة " لحلف بغداد " المعادي للشيوعية. واليوم نرى اجهزة المخابرات تعتمد على العديد من ضباط وعناصر نظام صدام المقبور المعادين للشيوعية ايضاً ولكل مناضل عراقي شريف.
ولنزيد قليلا في ذكر اوجه التشابه بين اليوم والبارحة، فمن الجدير ان نشير الى ان دوائر المخابرات والامن كانت تستنفر "البارحة" ضد الشيوعيين المدافعين عن الثورة 14 تموز، ولم تعترض اية قوى سياسية وطنية على تلك الجريمة، واليوم تستنفر اجهزة المخابرات ضد الشيوعيين المدافعين عن العملية السياسية، ولم تحرك ساكناً اية قوى سياسية ضد فضيحة المخابرات الاخيرة الداعية لمتابعة نشطاء الحزب الشيوعي العراقي، هذا الحزب الذي قدم الاف الشهداء في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولا ننسى حقوق الشعب الكردي التي على الاحزاب الكردية ان تذكر ما قدمه الشيوعيون في سبيلها وتتحرك لوقف اي تعسف يصيب مناضلي الحزب الشيوعي.