علي عرمش شوكت
الأحد 4/7/ 2010
ازمة ائتلافات ام ازمة دستوريةعلي عرمش شوكت
غالباً ما ترددت في الخطاب السياسي العراقي في هذه الايام مفردات رنانة تطرش الآذان حقاً ، واكثرها ترديداً هي كلمة ائتلاف و تحالف ، وعادة ما تطلق على غير مسمى حقيقي ، وغدا ساستنا يأتلفون وسرعان ما ينقسمون ويذهب كل منهم مطلقاً على نفسه اسم ائتلاف ليس الا نسخة من الاصل ، ولكن حينما تحاصرهم الاستحقاقات الانتخابية والدستورية ، يلجأون الى تكرار اللقاءات والخروج بصيغة مرممة تسمى بالتحالف او بشيء من هذا القبيل، ورغم هذا يتجدد الامل بالخروج من دائرة الاستعصاء ، ولكنهم يبقون اخوة اعداء ، فلا يعمّر تحالفهم طويلاً ، كل ذلك يدور والمواطنون يعيشون حالة ترقب يداهمها اليأس ويلف محيطها الاحباط ، والثمن مأخوذ وسوف يؤخذ من استحقاقات الناخب والوطن على حد سواء .
ان حالة الاضطراب الحاصلة في الوضع السياسي العراقي تولد على الدوام عوامل اضافية شاحنة للازمة الدستورية التي تلف البلد ، كما انها تطوي بساط زمن المهلة القانونية دون اكتراث من لدن المعنيين فيما سيخلفه انتهاء هذه المهلة المحددة لتشكيل الحكومة ، ومع ان انتفاضة الكهرباء قد قرصت الكتل الحاكمة من آذانها ، وسجلت اكثر من نقطة نظام ازاء تجاهل حاجات المواطنين الحياتية ، فما بالكم بحاجات الوطن السيادية التي تتعرض هي الاخرى لاخطر اختراق لم يحصل مثيله منذ عقود مضت ، اليس ذلك كفيلاً باشعال انتفاضة تسمى بانتفاضة تشكيل الحكومة ، يحتمل ان يكون وقعها ليس بمستوى قرصت اذن وانما لدغة ثعبان استوائي قاتلة .
ومما يؤسف له حقاً ان تتحول الكتل الكبيرة الفائزة الى بائعة كلام ، لشعب يبحث عن لقمة عيش آمنة ، بعد ان روجت لوعود ترقى الى مصاف تحقيق الرخاء والامان ، وقبضت مقابل ذلك العملة النادرة المتمثلة باصوات الناخبين ، ولم تكتف بايصالها الى قبة البرلمان ، انما حولت هذه الاصوات الى سلاح تغتصب به ليس سلطة الحكم والامتيازات فحسب انما الدستور ايضاً ، وها هي الازمة الدستورية الخانقة وجدت لتعطل الحياة السياسية في البلد بارادة ذاتية ممن يمتلكون سلاح الاصوات الناخبة ، ولا يبدو في الافق ما يبشر بوجود تحرك منطلق من صميم الواعز الوطني للخروج من شرك الاجندات الخارجية .
يصبح ليس من المستغرب ان تنبثق ازمة دستورية في مناخ ديمقراطي كحال المشهد العراقي اليوم ،هذا اذا ما تم تشخيص مبعث هذه المعضلة ، فكل تصرفات القادة السياسيين العراقيين المتصارعين تدل دون اي لبس على طغيان الشخصية التسلطية لديهم ، ومنها يغدو الاستئثار بمواقع القرار محرابهم المقدس ، حينها لا يلتفت احد منهم الى الدستور ورعيته امثال الديمقراطية والوطنية والعدالة ومصالح الناس ، بل يمكن ان يحسبونها من اعقد العقبات التي من شأنها عرقلة مساعيهم الدكتاتورية المبطنة ، ان ما يحصل من جمود في الوضع السياسي العراقي والذي يدخل في مرحلة تكاد تكون صفرية في مختلف موازين تقدم العملية السياسية ، يتم ذلك والساسة المعنيون لم ينفكوا عن الاجترار بالدستور ومواده التي يفسرها كل منهم على هواه ، وبذلك يرمون بمزيد من الوقود على نار الازمة التي اساسها عدم التقيد بقواعده .
فماذا عسانا نقول ؟ ، هل هي ازمة دستورية ام ان الدستور العراقي جاء مأزوماً اصلاً ؟ ، لكون جل مواده وضعت في حالة مطاطية وتفتقر الى الرؤية العلمية والعدالة الحقوقية الشاملة ، وتغليب المصالح الوطنية العامة ، وعليه تأتي الازمة الحالية مندفعة من خلال الثغرات التي يستغلها الساسة المتصارعون ، في ظل غياب السلطة التشريعة التي عطلها هي الاخرى قادة الكتل السياسية المتنفذة .