علي عرمش شوكت
السبت 4/12/ 2010
كانت عايزة التمت ...!!علي عرمش شوكت
العنوان يعبر عن حالة الشعب العراقي الذي يجرده المتنفذون المتسلطون من حق اختيار نمط حياته، ويسلبون حقوقه الدستوري المشروعة، وان هذا المثل غالباً مايطلق على ذلك الذي يغرق في بحر المصائب وتاتيه مصيبة اقسى من سابقاتها، لقد جاء القادة الجدد وكأنهم ورثة يتصارعون على ارث خاص بهم، مستغفلين الناس الذين انتخبوهم بشعارات الديمقراطية والتعددية وحكم دستور ضامن للحريات والحقوق والعدالة الاجتماعية، ولكن وقبل ان يشكلوا ما سموه حكومة الشراكة الوطنية، راحوا يصادرون الديمقراطية ويخرقون الدستور ويلغون الحريات العامة . ليس بقرارات برلمانية كما يفترض الغاء اي حق نص عليه الدستور، وانما اعطاء الضوء الاخضر بثمن الرصيد البرلماني لبعض الجهات للتسلط على رقاب الناس تطبيقاً لاجندات اجنبية.
لا نريد ان نعدد هنا عناوين المعضلات التي يعاني منها العراقيون، لكونها امست محفوظة على الغيب لدى كافة الناس، ولكن عندما تتسلط على الشعب العراقي دوائر المجالس المحلية لتسلب الحريات العامة بدعوى " الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، عندها لن يبقى للعراقيين سوى قطع الانفاس، ولينطبق ذلك المثل على حالة شعبنا العراقي والذي يقول ( كانت عايزة التمت .. !!)، وان قطع الانفاس هذا قد غدا في ظل هذه الهجمة الشرسة المنفلتة على الحقوق المدنية وارداً، لكون الكتل المتنفذة قد اوكلت مصير الحريات الى قوى لم ولن تتوانى لحظة واحدة من مصادرة وقمع اية مظاهر للحياة المدنية.
لا غرابة في موقف احزاب الاسلام السياسي من مصادرة الحريات العامة، حيث ان ذلك يتصل بفكرها وبنهجها السياسي، ولكن عظيم الاستغراب من موقف الاحزاب والقوى التي تدعي الديمقراطية كالاحزاب الكردية، وكذلك القوى التي تدعي العلمانية، كتحالف القائمة العراقية الذين يلفهم الصمت المطبق، الامر الذي عكس انطباعاً لدى الشارع العراقي لا يبرئهم من المشاركة في هذه الجريمة التي تتعرض لها الحريات العامة والحياة الديمقراطية، مع اننا نسمع بين اونة واخرى اصوات استغاثة وشكوى تصدر من قبل هذه الجهات حول المساس بمصالحها تتم باجراءات غير ديمقراطية، اليس من بينهم من تمسه هذه الاجراءات التسلطية الاستبدادية ؟ ام ان الحصص الوزارية ومواقع النفوذ غدت هي الثمن الذي يعوض عن الحرية والديمقراطي وحقوق الانسان، لانقول اكثر من ان ذلك تنكر صارخ لما يطرحونه من برامج سياسية محشوة الى هاماتها بالادعاءات الديمقراطية التي اثبت صمتهم ازاء مصادرة الحريات العامة انها فارغة .
اما السيد المالكي رئيس الوزراء المكلف فهو المسؤول الاول عن هذه الهجمة الرجعية، فلا تنفعه حجة عدم اصدار اوامر رسمية تجيزها، ولا يشفع له اللوذ خلف ذريعة قيام هذه التجاوزات من قبل مجالس المحافظات، وليس من قبل الحكومة المركزية، وهنا لابد من تذكير سيادته بان معظم مجالس المحافظات، توجد لحزبه ولتحالفه الوطني اليد الطولى فيها، واقرب مثل على ذلك، هو مجلس محافظة بغداد الذي يتراسه حزب الدعوة وليس غيره، والذي اغلق منتدى ثقافي يعود لاتحاد الادباء والكتاب في العراق،وليس هذا فحسب انما ساواه مع بعض نوادي وبؤر القمار والرذيلة، كما عمم توجيهاته بفرض الحجاب على التلميذات من عمر خمس سنوات، ومنع الغناء والموسيقى في حفلات الاعراس وغيرها، ان هذا الفعل المرفوض من قبل شعبنا العراقي الذي يلاقيه لاول مرة منذ تأسيس الدولة العراقية، والذي لم يجرؤ على القيام به حتى الدكتاتور صدام بحملته الايمانية المفتعلة. وبالمناسبة اذا ما كان المقبور صدام يحاول بحملته " الايمانية " التنافس مع ايران بالادعاء بالايمان المزيف، فبماذا يفسر هذا التناغم مع سياسة دولة ولاية الفقيه الايرانية التي يعاني منها الشعب الايراني المناضل ؟؟.
انها حملة رجعية تنذر بهبوب رياح طلبانية لا تتلائم مع تطلع شعبنا العراقي للحرية وللديمقراطية وللتقدم الحضاري، وبناء دولته المدنية الذي غالباً ما سبق به شعوب المنطقة على مر التاريخ، ان هذا الفعل اللاحضاري ولا انساني يلقي على عاتق كافة القوى الديمقراطية والتقدمية واواسط المثقفين عموماً رفع اصواتهم الاحتجاجية الشاجبة لهذا التخلف الذي لا ينتج سوى الرجوع الى غابر التاريخ الذي طواه تقدم البشرية الثقافي والعلمي والحضاري .