| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 5 / 8 / 2016 علي عرمش شوكت كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
صوت ساخن في برلمان ساكن
علي عرمش شوكت
(موقع الناس)
بعد التي واللتيا وبعد صمت القبور الذي لف البرلمان العراقي حول خطر وباء الفساد الذي عم كافة مفاصل الدولة بما فيها المؤسسة التشريعة بعد كل هذه السنوات التي اعقبت سقوط النظام السابق، يظهر صوت مخلص ساخن يزلزل اركان البرلمان. هذا الصوت الجريئ من قبل السيد وزير الدفاع السيد خالد العبيدي، الذي كان صداه قد حظى بالترحاب والتأييد من قبل الناس المكتوية بنار الفساد والفشل اللذين فعلا فعلهما المميت للعملية السياسية، ولم يُقدم عليه حتى رئيس الوزراء الذي يزعم ليل نهار بانه رافع راية مكافحة الفساد. لذا اضاف هذا الصوت الساخن، دافعاً كان مؤثراً ومنتظراً من قبل الجماهير التي تعاظم هتاف حراكها المطالب بكبح جماح الفاسدين. كما تتجسد اهميته هذا الصوت بكونه جاء من صميم السلطة التنفيذية المعنية قبل غيرها بمكافحة الفساد.
من مميزاته المؤثرة انه بدا مجرداً عن الطائفية. فالذين شملهم الاتهام من السنة والشيعة وربما من غيرهم ايضاً، حيث لم يكشف السيد وزير الدفاع كافة ما في جعبته من ملفات فساد. واذا تحرينا الامر جيدا سنصل الى حقيقة مفادها ان ما حصل ناتج عن الضغط الجماهير على مكامن الفساد والفشل التي كانت احابيل الفاسدين طيلة الفترة الماضية تعالج امر اخفائها وذلك بتبادل امكانيات الاخفاء عبر المساومات القذرة، غير ان الحال وصل الى تصادم المصالح كما يبدو. حيث جاء الوزير مستهدفاً. فما كان امامه سوى ان "يتغدى بمستهدفيه قبل ان يتعشوا به"، اي انه راح يكشف فساد خصومه قبل ان يحاولوا النيل منه، علماً انه لم يقدم على كشف هذه الامور التي مضى عليها زمن ليس بالقليل لخشيته من ردود فعل الفاسدين على الاكثر، مع ذلك كان الرجل شجاعاً متحلياً بالاخلاص والامانة، مما يستدعي دعمه وحمايته من الفاسدين.
ان صوت السيد العبيدي قد توقف عند مستهل قائمة الفاسدين، او عند الاشخاص الذين قد استهدفوه وجلبوه للاستجواب، بيد انه قد نوه عن وجود اسماء اخرى، وعلى اثر ذلك تحركت كتل واشخاص متسلحة بالمال السياسي المهوب اصلاً بهدف التصدي لسيول الاتهام الجارفة الكاشفة لفسادها، بعد ان كسر الوزير سدود التستر التي تخفي النهب والسلب المنظم للمال العام، ومن اول التحركات قام احد الصرافين الموجود في اربيل بتحويل عشرات ملايين الدولارات الى كتلة سياسية في بغداد ممن اطال بعض افرادها الاتهام، ولم يتوقف رد الفعل هذا وانما نشرت على سبل التواصل الاجتماعي تصريحات بان شحذ الاسلحة لواقعة برلمانية قادمة تستهدف العبيدي مباشرة، و قد اخذت هذه الاوساط تلملم بعضها لتفعل فعلها الشرس.
ان رد فعل الجماهير قد تجلى في التظاهرات المباشرة في ساحة التحرير، كما ان استقبال الوزير العبيدي في كل من الاعظمية والكاظمية كان بمثابة استقبال الابطال اذ غمروه بالقبل ، بل ونادوه بالبطل، وهتفوا له بـ " علي وياك علي " وهذا ان دل على شيء انما يدل على ان الناس تبحث عن بطل يذود عن حقوقها المهضومة من قبل المستبدين. فتعبر الحدود والاعتبارات الطائفية التي وضعتها احزاب الاسلام السياسي كسدود واسوار لكي تتمترس خلفها بهدف الغاء مبادئ المواطنة الموحدة للمجتمع العراقي على مدى تاريخ الدولة العراقية.
ان مقدمات الانفجار الجماهيري المنتظر غدت تلوح بالافق، ولكن بحاجة الى بطل يتصدرها سواء كان حزباً او حركة او جبهة وطنية، لانقاذ البلد من الانهيار، شريطة ان تهدف الى بناء دولة مدنية ديمقراطية، بعيدة عن الطائفية والقومية وتقسيم وحدة العراق شعباً وارضاً.