علي عرمش شوكت
الأربعاء 5/5/ 2010
تحالف ملوّن وليس تحشيداً بلون واحدعلي عرمش شوكت
جاءت اعادة فرز اصوات الناخبين في بغداد كاستجابة لطلب كتلة دولة القانون برئاسة نوري المالكي ، وعليه اقتصرت على العاصمة فقط ودون التعامل مع اعتراضات وطعون الكيانات الاخرى ، التي هي أولى بتحقيق طلباتها لكونها قد تضررت من التلاعب في نتائج الانتخابات بصورة فعلية ، وثمة ما يستقطب الاهتمام وهو استدراك كتلة دولة القانون في مستهل عملية الفرز التي جاءت لصالحها ، وتقديمها اعترضاً جديداً ينطوى على رفض اسلوب الفرز الذي اعتمدته مفوضية الانتخابات ، وهنا تبدت الامور وكانها مطاولة بلا حدود ، ومن خلال اطلالة على ابعاد هذا التجاذب لا يشاهد افق قريب لنهاية ازمة ما بعد الانتخابات ، ولكن تدفعنا مستجدات للاستدراك ، منطلقين من اعلان اندماج الائتلاف الوطني مع ائتلاف دولة القانون كونه يبعث بومضة فنار وسط بحر دامس الظلام يبشّر بقرب نهاية رحلة ما بين البرلمانين .
واذا ما تم هذا الاندماج المزمع اقامته ، سيؤدي الى طوي مسافة طويلة طالما ارهقت الساسة العراقيين وتهاوت في منعطفاتها الجهود الساعية لتشكيل الحكومة ، ولكن هذا الاندماج لا يبشّر بعمر طويل فهو ما زال بعيداً عن رغبة الشارع العراقي الذي سأم التخندقات ذات الصبغة الطائفية التي لم ينسلخ عنها هذا التشكيل الجديد ، كما انه جاء بهدف استباقي لاخذ حق تقرير مصير الحكومة الجديدة ، وبقاء زمام الامور بذات اليد التي كانت تمسك به قبل الانتخابات ، وبمعنى اخر دفع الكتلة العراقية الى مسافة خلفية عن منبر اعلان تشكيل الحكومة ، غير ان المتابعين السياسيين يتوقعون ، حينما تتحرك الجهود نحو هذا الهدف سرعان ما تصطدم بحواجز كونكريتية داخلية لا تسمح بالمرور الا بعد تقاسم وليمة السلطة .
وهذا ما سيسلط دائرة الاهتمام على البحث عن شكل الحكومة التي سيتمخض عنها التكتل البرلماني الجديد ، فهل هي حكومة اغلبية برلمانية ؟ وذلك بحكم امتلاك الائتلافين على ما يقارب من نصف مقاعد البرلمان الجديد (159) مقعداً ، ام انها حكومة محاصصة على غرار سابقاتها ، ام ان الاتعاض بما حصل في الماضي سيحول المحاصصة الى مشاركة حقيقية تمتلك المقدرة على الحلول اللازمة لكافة المشاكل والصعوبات العالقة في طريق بناء العراق الديمقراطي الاتحادي المستقل ، يبقى ذلك املاً يترقبه الشعب العراقي ، وهنا لايمكن تجاهل بقاء التوجس من ان تكون الغلبة للطابع الطائفي الذي تتسم به المكونات الرئيسية للائتلاف الجديد .
لو كان لشاشات التلفاز القدرة على الشكوى لاشتكت من كثرة التصريحات التي تصدر من كبار ساسة الاحزاب الفائزة والتي تفتقر الى المصداقية ، فادعاؤهم بالحرص على مصالح الشعب والوطن يملأ الدنيا ضجيجاً ، غير ان ما يرافقه من مواقف وافعال لا تترك اثراً ايجابياً يذكر لتلك التصريحات ، و تغدو كانها قنابل صوتية ليس الا ، فاين يصبح الادعاء بضروة تشكيل حكومة الشراكة الوطنية من زخات مطر الاتهامات المتبادلة التي غالبا ما تاخذ طابع التخوّين لغاية التسقيط السياسي ، لذا يذهب المستمع الى التصور بان هذه الادعاءات ربما تنطلق من حرص ولكن هنالك من يحاول بقاءها معلقة ويمنعها من ان تحط على ارض الواقع العملي وتاخذ طريقها الى الجهد الوطني البناء.
ولا ينتظر المواطنون العراقييون من ان يتحول اندماج الكتل الى تحشيد ذات لون واحد يسعى الى مسك فرامل الوضع السياسي ، والتحكم في تشكيل الحكومة ، بعيداً عن منطوق المواد الدستورية ذات الشأن في هذا الامر ، واذا ما كان هذا سيفرضه الامر الواقع فمسؤولية وضعه في النصاب الصحيح هو من اساسيات واجب القوى السياسية العراقية المخلصة جميعاً ، اي ان المطلوب هو رفع علامة نقطة نظام بوجه اي نهج اجرائي تعسفي في حالة جنوح عن المجرى الديمقراطي الذي تسير فيه العملية السياسية ، لا بل ينبغي التصدي له قبل فوات الاوان و قبل ان تاخذ المساومات حول المنافع المتبادلة طريقها لترسيخة على حساب مصالح الشعب والوطن .