موقع الناس     http://al-nnas.com/

اسم الحزب الشيوعي العراقي .. التغيير ام التطوير ؟


علي عرمش شوكت

الجمعة 6/10/ 2006

في خضم تسارع الاحداث و ( الاعاصير السياسية ) التي اجتاحت علمنا اليوم يجد المرء نفسه غير قادر على التشبث في مكانه كما يبدو، ولهذا غالبا مايدفعه حب البقاء فيحاول باحثا عن ( بلاتفورم ) ، اخر لعل في ذلك فرصة للنجاة، بل لا يتوانى البعض الاخر في اختيار مكانا على الرصيف المعاكس، اذا جاز هذا التعبير ، فمن مفاهيم وافكار ومنظومة معلومات تشخص وتؤكد بان المرحلة هي قاب قوسين او ادنى من حافة انهيار الراسمالية الى عكس ذلك تماما ، فنفاجأ بزلزال عنيف يطيح بالنظام الاشتراكي وبالتالي يتاح امام الرأسمالية فرصة جديدة تتمكن من خلالها اجتياح العالم على نمط اعصار ( تسونومي ) ، والاستفراد بتقرير مصائر البشرية ، مما يجعلنا او بعضنا نتصور بان ادواتنا باتت قديمة ولا تقوى على مواجهة الرأسمالية المنفلتة على النطاق العالمي ، وعلى اصعدتنا المحلية يبرز خصوم الاشتراكية وكأنهم اسود الغابة وبالتالي تصبح نظرية ( التكييف ) هي المرجع وهي الارجح !!، وكأننا مخلوقات لايقيها من فتك الخصوم سوى تغير الوان جلودها بلون محيطها ، لكي لاتكون هدفا سهل الرصد من قبل الاعداء ، هذا قد تبرره ظروف موضوعية قاهرة ولكن اذا ما طال التغيير جوهر الذات دون مبرر موضوعي سيشكل ذلك عامل الفناء التام لامحالة . تدور اليوم في داخل اروقتنا حركة وافكار وجدل ومفاهيم تصب جميعها في مجرى العمل لانتاج مستلزمات ( التماشي ) المجاراة مع الواقع والظروف الملموسة في بلدنا ، وهنا لابد من ان اعبر عن خشيتي وخشية اخرين امثالي من ان يتحول ( التماشي ) الى( تماهي) الامر الذي سيجعلنا نفقد الخيط والعصفور كما يقول المثل الشعبي .
واشير بالتحديد الى تلك الاراء التي تدعو الى تغيير اسم الحزب وهويته الفكرية بغية مجاراة الاوضاع القائمة في البلاد وكذلك في العالم ، وهنالك من يقول طالما ان الحزب قد تخلى عن بعض افكاره وثوابته السابقة ، فعليه ان يتخلى عن اسمه ويصوغ له هوية فكرية تتماشى مع هذا التغيير ، والامر من كل ذلك ، هو القول الجزم ، بان الحزب الشيوعي سوف لن يتطور ان لم يمت اذا لم يحصل ذلك التغيير !! ، بيد ان كل ما يطرح في هذا الصدد ليس مشفوعا بالبينة او البرهان الملموسين ، وبالتالي لايبدو مستندا على نصيب وافر من الواقع ماعدا كونه توقعات لم تختبر بعد ، وهو نتاج حالة عابرة كما اعتقد ، افرزه واقع الحال مختل شديد التخلف ، وهو ايضا تركة لمرحلة اسقطت بكل قضها وقضيضها ولم تتكرر، بل انتجت ردود فعل جديرة بازاحة كل مخلفاتها ، وكلي قناعة بان ذلك سوف يتجلى بوضوح خلال تقدم العملية السياسية الجاري في البلاد .
ان الحزب الشيوعي العراقي لم يطرح ومنذ تأسيسه برنامجا شيوعيا اوحتى اشتراكيا بل كانت كل برامجه السياسية مكرسة لتحقيق اهداف مرحلةالتحرر الوطني ومن ثم اهداف المرحلة الوطنية الديمقراطية ولازال على هذا النهج الذي حقق له مكانة مرموقة في مجتمعنا العراقي، ولكن اعداءه الطبقيين ظلوا يحاربونه لكونه شيوعيا ولم يشفع له كل تأ ريخه الحافل بالتضحيات الجسام والمواقف الوطنية المشهودة ، لقد اعدمت قياداته مرتين بادعاء انها شيوعية ولكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو انبراؤها للدفاع عن قضايا وطنية خالصة : الاولى حينما قاد الرفيق الخالد فهد مؤسس الحزب وهو في داخل السجن وثبة كانون عام 1948 التي استهدفت اسقاط معاهدة ( بورتسميث ) الاستعمارية ، والثانية حينما تصدى الحزب بقيادة الشهيد سلام عادل للدفاع عن ثورة 14 تموز الوطنية ابان انقلاب شباط الاسود عام 1963 .
كان كل تاريخ الحزب وتضحياته وشهدائه تحت عنوانه واسمه ( الحزب الشيوعي العراقي ) واذا ما جازف احد وغير الاسم فسوف يكون ذلك خير وسيلة كما اعتقد تقدم بيد اعدائه لتجريده اولا وقبل كل شيئ من تأريخه المجيد ، كما ان طس هويته الشيوعية سيعطي من يدعون بالشيوعية زورا الحق بتجيير ذلك التاريخ وتلك التضحيات وقوافل الشهداء لصالحهم ، بذريعة ان الحزب قد تخلى عن الشيوعية وبات حزبا اخرا .
ان المرحلة الحالية تختلف عن المراحل السابقة التي كان الحزب يناضل في ظروف سرية قاهرة ، حيث ان نضالاته ومواقفه اليوم سوف لن تكون سهلة الاخفاء عن الجماهير خصوصا عندما تحسن صياغتها واداءها في سبيل تحقيق الحاجات الملحة للمواطنين والدفاع عن مصالح الوطن ووحدته وسيادته ،
ينبغي التأكيد على هذه الفقرة الاخيرة ، اي ان يحسن الحزب اداءه نحو الافضل بحيث تكون سياسته الاجدر والاكفأ على الساحة السياسية العراقية لخدمة الوطن والمواطن وان يرسخ ويوسع قواعده التنظيمية وان يعضد قيادته ، قبل ان تدفعنا الضغوطات المختلفة الى تغيير اسم الحزب وهويته ، لان تقرب الجماهير من الحزب او ابتعادها عنه ليست لها علاقة باسم الحزب الشيوعي ، انما السعي والنضال من اجل مصالحها ، ومهما كانت المؤثرات المعاكسة دينية ام سياسية ، سيكون الكفيل بشد الجماهير الى الحزب .
ولابد من الاشارة هنا وفي ذات السياق الى بعض الامثلة : فعلى صعيد الاسم نجد ان الحزب الشيوعي الفلسطيني قد غير اسمه ولكن عندما يذكر اسمه الجديد من قبل الاخرين فيقولون ( حزب الشعب الفلسطيني الحزب الشيوعي الفلسطيني ) وكذلك العديد من الاحزاب الشيوعية التي غيرت اسماءها لم ينفعها ذلك بشيئ ، وان تغير اسماء بعض الاحزاب الشيوعية في العالم وفي اوربا الشرقية تحديدا كان بدافع التخلص من تراث برقراطي رافق استلامها للسلطات في تلك البلدان ولكن في روسيا مثلا لم يتغير الاسم لان الحزب الشيوعي ورغم ممارسة البرقراطية ابان حكمه قد سجل له رصيدا عظيما من الكفاح وبناء الدولة والوقوف بوجه النظام الاستعماري وحماية الشعوب المقهورة وكادالحزب ان يعود الى الحكم بالرغم من كافة الصعوبات لولا ضعف قيادته وبالتالي حصول الانشقاقات في داخله ، وعلى صعيد متصل نشاهد ونلمس في التجربة الصينية بان اسم الحزب الشيوعي لازال موجودا وتقاد الدولة العظيمة تحت رايته، والسبب حسب اعتقادي هو ان الحزب يمتلك تراثا عظيما قد سجل له في عملية بناء دولة الصين الحديثة التي غدت تضاهي اكبر الانظمة المتقدمة الاخرى في العالم .
ان كل هم جماهير شعبنا اليوم هو الحصول على العيش الامن ليس الا ، ومن يوفر لها هذا الهدف يكسب (الثواب ) اي ترصين وشائج الارتباط بينها وبينه مما يجعلها تقدم له التأييد وتمنحه ثقتها ، لاسيما وانها قد اختبرت الجميع خلال سنوات ما بعد سقوط النظام ، ولايهمها عنوانه اوحتي اصله وفصله ، وعليه يتطلب العمل على البحث عن التطوير وليس التغيير ،لان التطوير بالعادة يكون في المضمون بينما التغييريقتصر على الشكل ، وان الجماهير سوف لن تتعامل مع اية جهه وفقا لاسمها اوهويتها طالما هي ليست مصدر ضرر لها وانما ستتعامل معها وفقا لمضمون سياستها المعبرة عن طموحاتها وتحقيق امنها وقوتها ، ولابد لي ان اؤكد بان تاريخ الحزب الشيوعي العراقي يؤهله لانجاز ماتصبو اليه الجماهير، ولهذا ينبغي التمسك باسمه وابقائه في عليائه لان التمسك باسم الحزب الشيوعي العراقي هو وفاء للشهداء وللشعب وللتاريخ ايضا .