علي عرمش شوكت
الخميس 6/11/ 2008
اوباما .. وجه جديد ام مجرد واجهة ؟علي عرمش شوكت
ربما اسبق الاحداث برؤيتي حول الساكن الجديد في البيت الابيض حيث لا اشارك المتفائلين بفوز اوباما برئاسة الولايات المتحدة الامريكية ، ذلك التفاؤل المبني على مجرد نوايا واطلاق بالونات انتخابية تنطوي على وعود بسحب القوات الامريكية من العراق ، كما وانها ليست ببعيدة عن كونها وسيلة ضغط على الحكومة العراقية بسبب عدم تجاوبها مع الرؤية الامريكية في الاتفاقية الامنية ، ومن المعروف عن اغلب السياسيين الذين يخوضون غمار التنافس الانتخابي بالمبالغات والوعود التي غالباً ما يتملصون عنها بعد الفوز .
وعند الحديث عن اوباما هذا الرجل الظاهرة الجديدة في سياسة الادارة الامريكية من حيث تلامسه مع هموم الفقراء ، فلا تاتي التوقعات والتحليلات حول قدرته التنفيذية لبرنامجه الانتخابي من خلال الهواجس والتخمينات والامنيات ، وانما من واقع وجوهر مهمات رئيس الولايات المتحدة الامريكية على مدى قرون من الزمن ، فسياسة الدولة لا يرسمها شخص الرئيس المتربع على عرش البيت الابيض ، غير ان المعاهد والمؤسسات الاستراتيجية العملاقة زد على ذلك الاف المستشارين والخبراء هذه الجهات هي المعنية برسم سياسة الولايات المتحدة الامريكية ، اما ثباتها او عدمه فذلك مرهون بالمطلق بالمصالح الاقتصادية المعولمة عبر شبكة ذات امتدادات ليس لها حدود مرئية ، وكذلك مدى حفظها للامن القومي الامريكي والحرب على الارهاب الدولي ، لاسيما وان ثمة مخاطر جدية غدت تحاصر استفراد الولايات المتحدة الامريكية بالعالم ، تلك هي المتأتية من تململ روسيا عسكرياً والشموخ الصين الاقتصادي ، كما وعلى الصعيد الامني صارت تخيفها محاولات ايران لفرض دورها القيادي الاقليمي ، بمحاذاة اسرائيل الحليف والخط الاحمر بالنسبة لسياستها في المنطقة ، ولا يغرب عن البال الخزين النفطي الاستراتيجي في العراق ومنطقة الخليج .
ويبقى الرئيس الامريكي اياً كان جمهورياً ام ديمقراطياً بموقع المؤدي والواجهة التي تكمن خلفها القوى المُبرمِجة والمُحركة لسياسة واشنطن ، وبخاصة الخارجية منها باعتبارها انعكاساً لمصالحها الرأسمالية المتوحشة عبر القارات ، ولكننا نشهد اليوم انكماشاً في مدى الرؤية السياسية لدى البعض ، ولهذا نجدهم يتعلقون بمجرد وعود انتخابية بسحب القوات الامريكية من العراق ، دون ان يدركوا ان توجه اوباما ووعوده بسحب قوات بلاده من العراق يعتبر عملاً ممهداً لتقسيم العراق اذا ما جرى فعلاً ، وهنا لابد ان نذكر فلا بد ان تنفع الذكرى ، بان نائب الرئيس اوباما السيد { بايدن } هو صاحب مشروع تقسيم العراق وليس غيره ، الى ثلاث دويلات ، كردية في الشمال ، وسنية في الغرب ، وشيعية في الجنوب والوسط ، وليس من المستبعد اذا ما اقتضت مصالح الكارتيلات والاتروستات الاحتكارية ان يزاح اوباما باية وسيلة كانت على غرار ماتم لاسلافه من الرؤساء السابقيين وذلك بواسط الاغتيال او افتعال الفضائح او غيرها من دسائس البيت الابيض ، ثم يقفز نائب الرئيس { بايدن } الى سدة الحكم كرئيس لينفذ اجندت الطغمة المالية صاحبة السطوة والسلطة الحقيقية التي ترغب في تقسيم العراق وفرض الهيمنة على اشلائه المبعثرة .
وان شعار التغيير في الولايات المتحدة الامريكية جاء في سياق الحملة الانتخابية ايضاً ، لامتصاص النقمة الشعبية الداخلية والخارجية على سياسة بوش وفريقه الجمهوري ، تلك السياسة المنفلتة بحكم احادية القطب الدولي التي اكتسبتها الادارة الامريكية بعد انهيار التجربة السوفيتية ، والتي انتجت حروباً عدوانية مهلكة لدافعي الضرائب الامريكان وظلماً وافقاراً وكوارث وارهاباً للشعوب المعتدى عليها ، واخيراً الازمة المالية والانهيار الاقتصادي الذي طوح { بألق الرأسمالية المبهر } ، الا ان ذلك لايعدو كونه واحداً من عناوين المزايدات التي لن تتخطى في احسن الاحوال حتى اطار الحملة الانتخابية ذاتها ، فكيف يتم التعويل على هذا النفاق السياسي المكشوف ، ومسالة اخرى تغيب للاسف عن بال المتفائلين بوعود باراك اوباما ومهندسي حملته الانتخابية ، وهي ان الولايات المتحدة الامريكية وبعد ان استفردت بالعالم اخذت تصطاد الفرائس السمينة وكان منها العراق لاشك انه صيد دسم ، فهل من المنطقي ان تسمح الطغم المالية المهيمنة على الدولة الامريكية بان تترك هذه الفريسة الى مفترس خصم اخر يتربص الفرص خلف الحدود لينقض عليها ؟ .
لا لوم على المتفائلين اذا ما لجأوا الى التبشير بعودة الفردوس المفقود بعد رحيل الاحتلال مذعورا تاركاً خلفه الاف الضحايا من جنوده – الى هنا وتهون – ولكن ما لا يهون اطلاقاً هو ترك ما انفق على هذا الاحتلال من الاف المليارات من الدولارات ، و دولة الولايات المتحدة تمر بازمة مالية قاتلة ، في حين ستتناثر اموال العراق التي تملء عين الشمس كما يقال ، وتتركها الادارة الامريكية سائبة تحت رحمة خصومها ، بل ربما ستستخدم لتحجيم قامة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط والعالم ، وتهديد حلفائها في المنطقة ، اتمنى ان يكون ذلك حقيقة وليس وهماً ، ولكن يا ترى هل يعقل ذلك ؟ ، فمن يكون اوباما بين ديناصورات المال الامريكان ليجرؤ على تحديهم في عقر دارهم وتهديد مصالحهم ويبقون بلا حراك مضاد ؟ !! ، ومما لاشك فيه ان الطغم المالية المتوحشة قد غيرت بوش الجمهوري الفاشل سياسياً واقتصادياً باوباما الوجه الجديد ومن نَسب افريقي غير امريكي بالاصل ، كما فُضل على ابناء جلدتهم مثل هلري كلنتن وغيرها لعل فيه تأثير واقناع اكثر قوة باكذوبة التغيير في السياسة الامريكية ، معذرة لنستدرك ونشير الى ان الادارة الامريكية قادرة فقط على تغيير جلد سياستها وتغيير عملائها اينما اقتضت مصالحها .