علي عرمش شوكت
الأربعاء 6/1/ 2010
الاحزاب الصغيرة وفلك الائتلافات الكبيرةعلي عرمش شوكت
مع اننا مازلنا في فصل الشتاء ولكن نعيش مناخاً سياسياً ساخناً في العراق ، غير ان المثل القائل ( ذاب الثلج وبان المرج ) ، قد تجسد في المشهد السياسي العراقي في اخر خطاب لرئيس الوزراء نوري المالكي حينما تطرق الى المساع الجارية لتوحيد ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني ، ولعل في ذلك قرع منبه لتصحو به الاحزاب الصغيرة والشخصيات المنفردة من غفلتها التي المت بها وجعلتها تهرول الى الدخول في الائتلافات الكبيرة ، بدلاً من ان تتوحد وتشكل كتلة كبيرة على اساس برنامج وطني ديمقراطي .
رغم انها تعلم ان آلية الانتخابات التي جاء بها القانون الانتخابي المجحف ، في صيغته المرسومة لصالح الكتل الكبيرة المتنفذة ، وبخاصة بعد التعديل الاخير، وهي اعتماد القائمة المفتوحة والتي تنعدم فيها اية فرصة لصالح مرشحي الاحزاب الصغيرة ، فمن المنطقي جداً بان الناخبين التابعين للائتلافات الكبيرة سوف لن يعطوا اصواتهم لغير مرشحي احزابهم ، وفي الحصيلة النهائية سيبقى مرشحو الاحزاب الصغيرة في اماكنهم تحت الصفر ، اي تبقى هذه الاحزاب مجرد توابع تدور في فلك الائتلافات الكبيرة ، وبمنئى من جاذبية القوى الاخرى ، وفي ذات الوقت بمسافة محددة سلفاً بينها وبين محور قبة البرلمان .
ومن المفيد ايضاح هنا ان الائتلافات الكبيرة عندما فتحت ابوابها لمن يريد الانضمام اليها ، لم تكن الغاية الاولى منه الحصول على الاصوات هذه الكيانات ، انما يسبق ذلك اعدام فاعليتها التنافسية ، فهي بامكانها الاستحواذ على اصوات الكيانات الصغيرة عبر تشريعات قانونها الانتخابات سيئ الصيت دون عناء ، على شاكلة ما حصل في انتخابات المجالس المحلية الاخيرة ، اذ استحوذت على مليونين ونيف من اصوات الاحزاب التي لم تفز، ولكن كانت غايتها قطع الطريق على هذه الاحزاب ذي القوى التصويتية الضعيفة من ان تتوحد بكيان مستقل يتمكن من منافستها ، بل ويمكن ان يجذب اصوات القوى المصابة بالاحباط نتيجة تجربتها المريرة مع الاحزاب الحاكمة الفاشلة في تحقيق اياً من طموحات هذه الجموع التي تعاني الامرين .
وصل واقع حال الائتلاف الموحد الذي على راس الحكم خلال الدورة البرلمانية التي شارفت على الانتهاء الى اهتزاز ارضيته ، الامر الذي هدده بامكانية نزوله عن قمة السلطة ، اذا ما استمر على وضعه الذي اصابه الوهن وتصيبه ايضاً كل يوم طعنات الناس الغاضبة من جراء تردي احوالها بخاصة واحوال البلد عامة ، فاستدرك امره بالعمل على اجراء يحد في اقل تقدير من انفضاض الناخبين عنه ، وتمثل ذلك باقدامه على ان يكون ائتلافين ، الائتلاف الوطني ، وائتلاف دولة القانون ، لحين الانتهاء من اجراء الانتخابات العامة القادمة ، ثم يعودا الى الاندماج مجدداً ، ولكي يكونا قطبين لجذب اكبر عدد من الكيانات الصغيرة واصوات القوى المتذمرة ، وتجلت خطوته هذه بمحاولة التلامس مع رغبات المواطنين واضفاء لمسات شكلية غير طائفية على تركيبتهما ، بضم بعض احزاب وشخصيات وطنية وعلمانية اليهما .
لقد انطلت هذه اللعبة المكشوفة على بعض الاحزاب والكيانات الصغيرة ، فالتحقت دون ان ادراك لما ستنتهي اليه من جراء دورانها في فلك الائتلافات الكبيرة المهيمنة وغير المنصفة حتى مع ناخبيها ، لذا نراها كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية ظهرت على حقيقتها ، وقد ترادفت تصريحات كبار قادتها ، مثل المالكي وعلي الاديب وقبلهم موفق الربيعي وغيرهم في الاعلان عن نواياها الحقيقية ، في كونها ائتلافاً واحداً لا تغيير في جوهره الطائفي ، ولا موطئ قدم في حصته البرلمانية او مواقع السلطة الاخرى لاي قوى ديمقراطية او علمانية حتى اذا ما وصل الامر بها الى حد التماهي فيه ، والحري بهذه الاحزاب الصغيرة ان تتدارك امرها وتعود الى الالتفاف حول اتحاد القوى الديمقراطية ( اتحاد الشعب ) الذي تجد فيه المشتركات العديدة وكذلك المصداقية والنزاهة والعدالة البعيدة عن الاستغفال والاستغلال والمحاصصة الطائفية والقومية .