علي عرمش شوكت
الثلاثاء 6/10/ 2009
قانون الانتخابات العراقية النافذ يتأبط ظلماً للناخبعلي عرمش شوكت
جاء قانون الانتخابات العراقية النافذ مخالفاً للدستور في الكثير من بنوده ، ولكن من فصّله وفق مقاساته الخاصة مازال يقاتل في سبيل تكريسه ، رغم الضجة الكبيرة التي تثار حول بقائه للدورة البرلمانية القادمة ، هذه الحقيقة التي يتداولها المواطنون تنطوي على العديد من القرائن والادلة التي تشير الى التجاوزات والمخالفات الحقوقية والدستورية التي اجيزت في ظله ، وعند الاصغاء الى جملة الاراء التي تطلق حول القانون تجعل المرء وكانه يسمع مطالعة اتهام وتجريم لجاني هارب عن وجه العدالة ، لكون كثرة الشكاوى المدعومة بالبراهين تخلق قناعة بوجوب الحكم على هذا القانون الانتخابي بالاتلاف .
ان اول ما اثير من اعتراضات حوله ، هي انه قد شُرّع من قبل قاعدة برلمانية مختلة ، وفي ظرف سياسي مضطرب ، وكانت منصّاته التي اتكأ عليها هي الكتل السياسية المتحاصصة ، الوارثة والمتخومة بالنفس الاستحواذي الاقصائي الذي لاتفصله عن النهج الدكتاتوري سوى شعرة واحدة بلون ديمقراطي باهت ، وفي سياق ذلك صودر حق الناخب من المشاركة في صنع هذا القانون ، علماً انه هو المعني به قبل غيره ، ويقول المعترضون ونحن معهم ان القانون جاء يتأبط ظلماً للكيانات السياسية والاقليات القومية الصغيرة ، ويجدر بالذكر هنا ، بان القائمة المغلقة قد تصدرت بنوده ، وهذه كانت اولى ادوات المصادرة لحقوق الناخب والغاءاً لحرية الاختيار ، والتي بمعنى من المعان لا وجود لممارسة اسمها الانتخاب ، وكان الوجه الاخر للمصادرة قد تجلى في بنود القانون التي تعسفت بحق فئة الشباب ، حيث نص على اخذ اصوات الناخبين من عمر ثمانية عشر عاماً ، في حين لم يعط حق الترشيح لهذه الفئات الشبابية حتى الخامسة والثلاثون من العمر .
وكثيرة هي الندب السوداء التي تسخّم وجه قانون الانتخابات الذي مازال نافذاً ، حيث لم يكتف صانعوه بثناياه المجحفة بل الظالمة ، انما زادوا عليه عاهة اخرى اكثر بشاعة وجشاعة ، وهي ، تعدد الدوائر الانتخابية التي استخدمت في عملية انتخاب مجالس المحافظات ، فاذا ما كانت القائمة المغلقة تعنى بمصادرة حق الاختيار ، فتعدد الدوائر الانتخابية تشرّع لسرقة الاصوات ولتحويلها دون ادنى مواربة الى الكيانات المتنفذة الكبيرة ، ففي منظومة حقوق الانسان والنظم الديمقراطية الحضارية تعتبر هذه المثالب التي يغص بها القانون المذكور ، جرائم تلاحق العدالة مرتكبيها مهما كانت مقاماتهم ، ولكن من المفارقات ان من يفرضها ويدافع عنها في العراق هي السلطة التشريعية ، التي يأتي في مقدمة مقتضيات مهامها ، ترسيخ العدالة وتعزيز الديمقراطية وارساء القوانين .
هنالك انتشار ملحوظ لاستخدام كلمة مخملية في وسائل الاعلام ، كما انها وضعت من قبل البعض بغير محلها ، مثل ، من خلال الانتخابات سيتم انقلاب مخملي ضد النظام في العراق ! ، ومؤامرة مخملية .. الخ ، اذاً ماذا يمكن ان يقال عن المطالبة باصدار قانون انتخابي جديد وعادل ، ربما سينعت بالكفر والالحاد المخملي ، وان اقتراح التعديلات الضرورية على مواد القانون الحالي غير العادلة سيوصف بالزندقة المخملية ، ولكن تجري الامور بما لايشتهي المتحكمون ، حيث غدا تثبيت القائمة المفتوحة في مقدمة التعديلات مطلباً جماهيرياً ، وبذلك اخذ الضغط الشعبي يبدد فعل وتأثير الكتل الكبيرة المتسلطة والمتشبثة بمواقع القرار ، ان العزوف المتسع من قبل الناس عن التسجيل في قوائم الناخبين ، ما هو الا احتجاج ( مخملي ) على بقاء الحال على ما هو عليه كما تريده الاوساط المستفيدة منه .
يؤشر سير التطورات السياسية في العراق بجلاء الى محاولات مستميتة لاستغلال فسحة الحريات الديمقراطية لتأسيس نظام سياسي نخبوي مغلق تستأثر به طبقة متنفذة اثنياً او عرقياً ، تغدو الديمقراطية فيه عبارة عن مظهر اجوف تمر من تحت ظله قوانين تنطوي على مضامين دكتاتورية بطلاء ديمقرطي ، وما هذا التشبث بالوضع السياسي القائم الا عملاً مخططاً لتعطيل وكبح اي تقدم في العملية السياسية في البلد ، ولا يخلو الامر من صراع اجندات خارجية تستهدف كبح اي نهوض لهذا البلد ، بعد ان وجدت فرصتها في الضربة القاضية التي تلقاها من جراء سياسات النظام الدكتاتوري الرعناء والتي اوصلت البلد الى احتلال عسكري علني دولي ، والى احتلال مستور اقليمي ، احدهما يساوي الاخر في الخطورة ويعاكسه في الاتجاه .