علي عرمش شوكت
الأربعاء 7/11/ 2007
تداول سلمي للسلطة ام بديل نظام جاهز ؟علي عرمش شوكت
جاء في الدستور العراقي الذي مازال مثيرا للجدل ، بأن السلطة يتم تداولها سلميا ، ومع انه قد ثبت الاسلوب الديمقراطي لاختيار من يحكم عن طريق الانتخابات ، ولكن لم يرسم الملامح ولم يبرز القسمات التي تحدد بوضوح الهوية الاقتصادية والاجتماعية للنظام السياسي الجديد ، وليس هذا بيت القصيد كما يقال ، ولكن نطرق هذه الباب ونحن في سبيلنا الى الوصول لمقصدنا ، لعلنا في ذلك نتمكن من توضيح الرؤية التي تعيننا في كشف الزوايا المعتمة لهيكل النظام البديل المطلوب بعد سقوط النظام الدكتاتوري الذي خلف بالتبعية سقوط كافة المؤسسات التي تشكل ركائز الدولة العراقية .
منذ التاسع من ابريل 2003 وليومنا هذا يدور صراع حاد ومتعدد المواقع والجهات ، حول تثبيت النظام الديمقراطي التعددي الفدرالي البديل ، الذي يفرضه المنطق والضرورة السياسية ، حيث اخلى سقوط النظام الدكتاتوري المهزوم مكان مؤسسات الدولة، مما يلزم الحفاظ على العراق كدولة هو عدم بقاء هذا المكان فارغا الى وقت غير معلوم ، واذا ما بقى دون املاء ومهما كان المدى قصيرا سيعني قطعا زمنا اضافيا ضائعا من عمر الشعب العراقي الذي راح معظمه عبثا من جراء طيش ورعونة حكامه ، الذين تسلطوا عليه قسرا وليس من خلال التداول السلمي للحكم ، يعني تأسيس وبناء النظام البديل الجديد باتت مهمة عاجلة ، يكون جديرا بوضع البلاد على سكة الاستقرار والتقدم والتحرر من كافة القيود وفي مقدمتها الاحتلال سواء كان مكشوفا او مبطنا ،واستعادة السيادة كاملة .
طرحت ثلاثة مشاريع مختلفة على الساحة السياسية العراقية بهدف ايجاد النظام البديل، الاول يراى البديل سيتمخض عن طريق التداول السلمي للسلطة اي ان الذي يفوز بالاكثرية يصبح من حقه ان يأتي بالبديل الذي يراه مناسبا !! ، حيث يرى ان نتيجة الانتخابات تمنحه الحق المطلق باختيار البديل على هواه ، بصرف النظر عن استحقاقات مرحلة انهاض العراق من تحت رماد الكارثة التي يكفلها الدستور وتفرضها طبيعة تعدد اعراقه ومذاهبه ،وربما سيكون هذا النظام دينيا مذهبيا او عرقيا وباتالي سيفقد شموليته باعتماد المواطنة والعدالة الاجتماعية كأساس للحكم ، مستندا في نظرته هذه على توازن القوى الحالي على الارض ، والمشروع الثاني يهدف الى عودة النمط السابق الذي يختنق فيه النفس الديمقراطي ، وعلى الاغلب الاعم سيكون نظاما دكتاتوريا ، قد يأتي محسنا بغية قبوله ، لكونه مرفوضا ولارصيد له بين مختلف اوساط الشعب العراقي ، بفعل موقفه الرافض للتداول السلمي للسلطة ولايراها كوسيلة صالحة للعراق !!، غير ان هنالك مشروعا ثالثا تطرحه القوى الديمقراطية العلمانية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي ، تلك التى تكون بطبيعة حالها متحررة من كافة الانشدادات الطائفية والعرقية ، فترى ان البديل المنتظر في العراق لابد ان يكون طاغيا عليه الطابع الوطني العام ، ولم يضع في ذمته اية التزامات تجاه طائفة دون اخرى او تفضيل مكون على اخر ، بل ان همه الاول والاخير هو توزيع العدالة بعدالة على عموم الشعب العراقي ، ويسهر على المال العام ، ويصون ويحافظ على حياض الوطن ، ويتسابق مع الزمن للوصول بالعراق الى مصاف الدول المتقدمة المتحضرة العصرية .
هذا المشروع الاخير ما زال خارج دائرة الصراع الحاصل بين المشروع الاول والمشروع الثاني اي بين البديل الذي سيأتي عن طريق التداول السلمي للسلطة وينشأ حارقا للمراحل الضرورية لنهوض العراق وتجاوز محنته ، آخذا نمطا فئويا يفتقرلاعتماد المواطنة العراقية الشاملة كاساس للمشاركة في الحكم ، وبين البديل الذي يراد له العودة عن طريق لاديقراطي اي بوسيلة عنفية اوعن سلوك الدسائس وفرض الامر الواقع ، وكلا المشروعين لاينسجما مع ظروف العراق الحالية ولا يمكنهما تحقيق التوافق الضروري المطلوب بين مختلف الاعراق والمكونات العراقية وهما على طرفي نقيض مع ما تتطلبه عملية معالجة جراح الوحدة العراقية التي لازالت نازفة مع الاسف الشديد ، ومن هذه الدواعي تحديدا يصبح المشروع الثالث الديمقراطي العلماني البعيد عن الطائفية والاثنية وبقايا النفس الدكتاتوري، وهوالحل والنظام البديل القادر على تجاوز الازمة والعبور بالعراق الى صو ب الاستقرار والتطور، ولا يبتعد هذا المشروع عن التداول السلمي للسلطة وعليه لابد من تجنيد كافة الطاقات الوطنية المخلصة التي تبحث عن نجاة العراق من هذه الكارثة لدعم ومساندة المشروع الوطني الديمقراطي ، بهدف بناء العراق الجديد الديمقراطي الفدرالي الموحد .