| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الخميس 7/2/ 2008



الراصد

 بانوراما نضالات مطلبية

علي عرمش شوكت 

في مطلع هذا العام بدأت فئات اجتماعية وطبقية مختلفة اللجوؤ الى الاسلحة السلمية والمرخصة بموجب الدستور لتحقيق ما اهمله المسؤولون من حقوق ، تلك التي تمس الحياة اليومية للمواطنين ، هكذا طالعتنا الاخبار بعناوين تلوح بمعارك مطلبية تستهدف تحسين الاحوال المعيشية لفئات اجتماعية واسعة ، وعلى ذمة الاخبار الواردة التي ذكرت بان معلمي الانبار يهددون بالتظاهر مطالبين بزيادة رواتبهم ، ومهندسو ذي قار هددوا بالقيام باضراب في حالة عدم الاستجابة لمطاليبهم ، واوردت خبرا مفاده بان المهندسين في محافظة المثنى معتصمون لتحسين اوضاعهم المعيشية ، وهنالك نواب يطالبون بالاهتمام بالطبقة العاملة والغاء نظام التمويل الذاتي بالنسبة لمصانع وزارة الصناعة ، كما ذكر عن اعتصام لموظفي السدود والخزانات احتجاجا على قلة رواتبهم ، وهذه الاحتجاجات المطلبية شملت فناني العراق الذين تظاهروا على سؤ اوضاعهم المعيشية ، وقبل ذلك بايام احتج عمال الكهرباء في البصرة احتجاجا على تدن اجورهم ، وفي هذه المدينة كان اضراب عمال النفط ، ويمكن في السياق ذاته ذكر تهديد نقابة المعلمين بالاضراب لتحقيق زيادة في رواتبهم .
تتجسد امامنا لوحة (بانوراما) لحركة نضالات مطلبية لجأت اليها فئات قد فقدت الامل بان يستجاب لمتطلبات حياتها المعيشية اليومية ، ذلك الامل الذي تمسكت به الجماهير التي كانت محرومة ومغتصبة ابسط حقوقها تحت سطوة النظام الدكتاتوري الظالم ، لاسيما وان الدستور قد اسس واقر بالمساواة بين ابناء الشعب العراقي امام القانون ، وزاد على ذلك بتأكيده على توفير الحياة الكريمة للمواطنين العراقيين ، وفي ظل الحال غير المنضبطة في السوق والتلاعب بالاسعار دون رقيب او حسيب تصبح القدرات الشرائية للعوائل في مهب ريح المتلاعبين وجشع الطفيلين والسماسرة والفساد المستشري ، زد على ذلك ما يورد من بضائع مغشوشة وغير صالحة للاستخدام الآدمي ، مما يستهلك القدرات الشرائية للمواطنين وتكون في خبر كان قبل منتصف كل شهر ، كل هذا بكفة وايجارات السكن المرتفعة فوق العادة بكفة اخرى ، ولاستكمال الصورة يجدر ذكر اجور النقل وبخاصة بعد ارتفاع اسعار البنزين استجابة لشروط البنك الدولي ، وبعد التفرج على هذه (البانوراما) النضالية بجملتها وتفاصيلها يتبادر للذهن السؤال التالي : اين مجلس النواب من احوال المواطنيين هذه ، والتي تتوفر معالجتها تحت قدرته مائة بالمائة من دون اية عوائق ، ومن ذلك يمكن التأكيد وربط معالجة الاوضاع الحياتية بمسؤولية النواب دون غيرهم من المسؤولين الاخرين في الدولة العراقية ، لكونهم الجهة المشرعة والمقررة لاي قانون يعنى باحول المواطنين ، الامر الذي يجعلهم معنين مباشرين بمسؤولية معالجة اوضاع الجماهير الاقتصادية .
ان اللجؤ الى الاضرابات اوالاعتصامات تأتي كوسيلة اخيرة لاخذ الحقوق ، وقطعا تترتب كل المسؤولية عنها على عاتق الذين بايديهم المعالجات لمثل هذه الامور الحياتية للمواطنين ، والحؤول دون وصولها الى حالة التأزم ، ويبقى الاضراب سلاحا بيد الطبقات المنتجة التي تعطي الكثير ولاتأخذ غير القليل ، وفي الغالب يتكرس الاستغلال والجشع عندما تغيب العدالة في ظل الحكومات ذات النمط الاقتصادي الرأسمالية ، فتزداد تعاسة الشغيلة عموما مما يضطرها الى امتشاق اسلحة الاضراب والاعتصام للحصول على الحقوق المهضومة ، وما يتجلى امامنا في الوضع العراقي هو عندما جاءت الديمقراطية غابت العدالة ، ولاتوجد غرابة في الامر لكون الديمقراطية لاتكفل الغاء الاستغلال الا اذا اقترنت بالعدالة الاجتماعية ، وكثافة الاضرابات في ساحة العمل العراقية ما هي الا تجليات لغياب العدالة بسبب اعتماد النظام الاقتصادي الرأسمالي الاستغلالي اولا واهمال امور المواطنين ثانيا ، وذلك ما سيحفز الصراعات المطلبية والطبقية ، غير ان الملفت للنظر ان الاضربات الحالية تحصل في قطاعات الدولة والتي تمتلك من الامكانيات المالية الضخمة مايمكنها من معالجة اوضاع العاملين قبل وصول الامور الى حالة التأزم .
ان الدولة العراقية في حالة اعادة بناء ، وهي بحاجة الى الايادي العاملة والمنتجة وبخاصة الكفاءات من مختلف المهن ، ولايخفى على احد التسرب الهائل لاصحاب الكفاءات والحرف الى خارج البلاد ، تلك التي تشكل عماد اي بناء منشود ، واذا ما اضيف الى ذلك جيش العاطلين في سوق العمل العراقية ، فما الذي بقي للحكومة لكي تعيد به البناء الجديد غير العاملين في مؤسسات الدولة ، وهم الذين يكابدون ويعانون من شظف العيش ويطالبون بتحسن احوالهم المعيشية ولم يتركوا مواقع عملهم رغم كافة المنغصات والمخاطر ، الم يكن ذلك كافيا لكي تقدم الحكومة على معالجة احوال الموظفين والعاملين قبل ان تدفعهم ظروف عيشهم الى الاضراب والاعتصام والمواجهة مع الجهات المسؤولة ؟ ، اذن من هو المسؤول هل هو نمط النظام الرأسمالي المتبع في العراق الجديد ؟ ، ام القوى التي تحاول اعاقة تطور البلد واخراجه من ازمته الحالية ؟ .
ومن الجلي والواضح ان هنالك اصطفافات جديدة تتمخض عن هذه الصراعات المطلبية والطبقية والسياسية ، ولابد من قول في هذا الصدد ، فمتى ما غابت العدالة الاجتماعية احتدمت هذه الصراعات ؟ وفي هذه الحالة لابد من نهوض القوى الديمقراطية وتوحيد تيارها الواسع والذي يتبنى العدالة الاجتماعية ويكون ناشطا في تحقيق التقدم في بناء الدولة الديمقراطية والمدنية الفدرالية التي هي الكفيلة بتحقيق العيش الآمن والكريم لكافة المواطنين تحت خيمة السيادة والاستقلال ، والتي تضع الآلية الديمقراطية لتداول السلطة على سكتها المستقيمة .














 


 

free web counter