علي عرمش شوكت
الأثنين 7/6/ 2010
وجاءت خطوة رئيس الجمهورية ولكنعلي عرمش شوكت
بعد المصادقة على نتائج الانتخابات العراقية وضعت الكرة في ساحة رئيس الجمهورية وفقاً لما يقتضيه منطوق المادة 54 من الدستور ، والتي تجيز للرئيس دعوة النواب الجدد لعقد الجلسة الاولى للبرلمان ، غير ان ما تلاها من صمت لم يكن مفهوماً الى حد ما ، اخذ وقتاً اكثر مما ينبغي بالقياس لسخونة الصراع الداخلي والمخاطر المتعددة المصادر ، فهل هو انعكاس لحيرة اعترت المعنيين على ضوء واقع ما يعتمل في داخل البوتقة السياسية العراقية ؟ ، التي لم تكن قادرة على صهر الخلافات السياسية المنبعثة عن منطلقات ذاتية ضيقة ، ام هي اعطاء فرصة لجميع الكتل الفائزة للمراجعة والتراجع عن المواقف المتعنتة ؟.
مع هذا جاءت الخطوة المطلوبة من قبل السيد رئيس الجمهورية ولكن على شكل استمزاج لاراء الكتل المتصارعة حيال تحديد موعد عقد جلسة البرلمان ، بدلاً عن دعوة النواب لحضور الجلسة الاولى في زمانها ومكانها ضمن الاطار المحدد والذي لا يسمح الدستور بتمديده ، لان الظروف والاوضاع المتازمة لا تسمح هي الاخرى بالمجاملات او بالابطاء في اتخاذ ما يلزم في هذا الامر ، غير انها كانت بمثابة ركلة محسوبة لتحويل الكرة الى ملعب الكتل الفائزة المتناحرة ، وبهذه التحويلة في الملعب السياسي غدا التداول نحو عقد الجلسة الاولى للبرلمان وما يترتب عليها اكثر سخونة والحاحاً لجهة تشكيل الحكومة ، وعلى اي حال ان مطرقة الرئيس التي اخذت تدق صارت تفيق الاخرين على نحو يجعلهم يشعرون بقرب نهاية المهلة الدستورية ومتعلقاتها الاجرائية التي من شأنها الغاء اي تشبث وتحريم اية فرصة للمناور والجرجرة ، كما انها تقطع الطريق على الدسائس المحتملة .
ولكن خطوة تحويل الكرة الى ملعب الكتل المعنية لا تعفي الرئيس من المسؤولية عن تطبيق المواد الدستورية ، اولاً المادة 54 التي تمنحه صلاحية دعوة النواب الجدد الى عقد الجلسة الاولى للبرلمان مع تأكيدها على عدم تمديد الفترة الزمنية المحددة الواقعة بين تاريخ التصديق على نتائج الانتخابات وعقد الجلسة الاولى وهي خمسة عشر يوماً ، وثانياً المادة 76 التي تمنح رئيس الجمهورية صلاحية تكليف الكتلة الفائزة باكبر عدد من المقاعد بتشكيل الحكومة ، وهنالك مؤشرات تدعو للخشية حقاً ، من ان الذين لا يريدون حسم الامور الا على هواهم يمكن ان يجدوا المنافذ للتهرّب من الاستحقاقات الدستورية فيما يخص تشكيل الحكومة ، كأن يترك عقد الجلسة الاولى مفتوحاً دون تحديد سقف زمني له ، وهذه واحدة من اخطر الثغرات المهملة في الدستور العراقي ، وبخاصة اذا لم يجر انتخاب رئيسي الجمهورية و البرلمان ونوابهما في هذه الجلسة ، حينها سيضيع ( رأس الشليلة ) ولا يوجد من يقع على عاتقه تحمل مسؤولية اتمام الاجراءات اللازمة لغاية تشكيل الحكومة المنتظرة .
ولا يفوتنا ان نشدد على التنبيه لخطورة التغاضي عن عدم الالتزام بالاسس الدستورية والاستحقاقات الانتخابية ، وذلك ما يقع في مصاف الجرائم وعليه ستجرد ( مقامات النخبة) الحاكمة معنوياً ودستورياً من حقها في الحكم ، وتصبح مطلوبة لعدالة الشعب العراقي ، لكونها بخست بالايفاء لوعودها الانتخابية التي جرى التصويت لها املاً في تحقيق هذه الوعود ، ان لدى شعوب العالم الديمقراطي خاصة تجارب غنية في مثل هذه الاحوال ، وشعبنا لايختلف عن الشعوب الاخرى بشيء ، ولكن يتميز بطول صبره وقدرته على التحمل ، الا ان الذي جرى وتواصل لسنوات ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري من خراب وحرمان واجحاف ومصادرة الحقوق والنهب المنفلت وفقدان الامن ، الذي من شأنه ان لا يبقي الازمة في حالة مراوحة ، وانما سينضّج عوامل الانفجار بوقت قياسي .