| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

الأربعاء 8/ 8 / 2007

 

 


جيب الماء جيبه
 

علي عرمش شوكت

سمعنا في الايام القليلة الماضية هتافا قد شنف آ ذاننا حقا ورددناه نحن ايضا وكان منطلقا من حناجر الجماهير و نصه ( جيب الكاس جيبه ) اي هات الكأس هاته – واليوم نسمع مجموعة من سكان العاصمة بغداد الباحثين عن ماء صالح للشرب يهتفون ( جيب الماء جيبه ) ، فهل كان ذلك سخرية من اللاعبين السياسيين ام انها دعوة ومناشدة لهم لتوفير الماء الصالح للشرب الذي لم يبق بعده شيئ ينقطع سوى الهواء وتنتهي الحياة !! ؟ ، ربما سنسمع هتافا يردده العراقيون المغلوب على امرهم ( جيب الهواء جيبه ) بعد ان يقدم الارهابيون على قطع الهواء النقي كما هو حال الماء النقي وذلك بتلويثه باي سلاح فتاك ، وحينئذ سيصدح مثل هذا الهتاف وينطلق من افواه وحناجر الجماهير كنداء استغاثة قبل ان تنقطع انفاسها ، ولكن لمن ستوجه نداءها الاخير؟ هذا هو السؤال الصعب .
هنالك عبارة يرددها المصلون : اذا حضر الماء بطل التيمم ، ما معناه ان الماء اكثر طهرا من التراب الذي يستعاض به احيانا عن الماء للوضاء تحضيرا للصلاة ، لأن الماء يطهر جسم الانسان خارجيا وداخليا ، كما انه يعتبر العنصر الثاني من العناصرالثلاثة لاستدامة الحياة بعد الهواء ويأتي بعدهما الطعام ، على ان يكون الماء صالحا للشرب ، وهنا بيت القصيد ، فالبشرية ومنذ الازل لجأت الى تنقية مياه الشرب لأن من دون ذلك يمكن ان تتحول من مطهرة الى قاتلة ، وفي الحياة اليومية يمكن للمرء ان يسعى بنفسه للحصول على قوته ، وبأمكانه ان يستنشق الهواء الذي مازال مجانا لحد الان دون مساعدة من احد ، غير ان الماء النقي فمن الصعب الحصول عليه بجهد فردي ،ولهذا اعتبر واجبا يقع على عاتق الحكومات كابسط جزء من الخدمات التي يفترض ان توفرها للمواطنين ، فاذا كانت غير قادرة على تقديم هذه الخدمة البسيطة ففي ذلك اشهارا للعجز وعدم الكفاءة للقيام بالواجبات الاخرى ، وان ما نؤشر عليه من واجبات لابد ان يكون ذلك في الظروف الاعتيادية ، اما في غيرها كالاوضاع السائدة في بلادنا فليس غريبا ان يخرب الارهابيون كافة سبل الحياة ، اذن ينبغي على الحكومة ان تضاعف جهودها لتوفير وحماية سبل الحياة التي تدهورت الاجزاء الاكبر منها مما ادى بالناس الى الاستغاثة ، ولهذا عندما استجاب البطل الرياضي لندائهم ( جيب الكاس جيبه ) راحوا يبحثون عن بطل يستجيب لاستغاثتهم ويجلب المياه النقية لهم وذلك بذات الهتاف ولكن بتعديل بسيط حيث اعتبروا الماء بمثابة الكأس فهتفوا ( جيب الماء جيبه ) لعل فيه اثارة لعزائم اللاعب السياسي لينطلق ويحقق لهم ما ينشدونه من هدف خدمي يمكن ان يكون اسهل من الهدف الكروي الذي يأتي بالكأس ،ولكن لماذا استخدم الهتاف حول المياه وليس حول الخدمات الاخرى ؟، ان ذلك ما يؤكد خشية الناس من ان سبل البقاء على قيد الحياة قد يتم الاجهاز عليها طالما وصل الامر الى المياه التي لم يبق بعدها سوى مصادرة اوتخريب الهواء وتتوقف الحياة بالكامل ، كما ان توفر الماء الصالح للشرب الح واهم من اي خدمات اخرى ، ويبدو قد اراد الهاتفون بشعار( جيب الماء جيبه ) ان يقولوا للمسؤولين انكم لستوا قادرين على تحقيق ما انجزه الفريق الكروي العراقي وبذلك ارادوا ايضا اثارة عزائم وشحذ همم اللاعبين السياسيين لعلهم يدركون .
ان توفير الماء للسكان لاتنحصر الغاية منه في الشرب فحسب، وانما يتعلق بتدبير العديد من الامور، ابتداءا من الاستحمام والطبخ حتى الصرف الصحي وهذا الاخير يشكل خطورة كبيرة على الصحة العامة اذا ما توقف ، فكيف سيكون تأثيره ايضا على المرضى وكبار السن في ظل المناخ العراقي المرتفع الحرارة .
يذكر في التاريخ ان ثورات عارمة حدثت بسبب الظلم والجوع مع ان الناس يمكنها الصبر اياما لا بل سنينا على الظلم والجوع ، ولكنها ثارت في نهاية المطاف ، فكيف الحال امام العطش الذي لايتحمل الصبر حتى يوما واحدا ، فهل يمكن ان يكون العطش العامل المحرك( لثورة ) يسجلها التاريخ لاول مرة للعطشانين ؟؟