علي عرمش شوكت
الثلاثاء 9/9/ 2008
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقازعلي عرمش شوكت
تكوّن شعور لدى روسيا بفقدان الحلفاء و النفوذ على اثر انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك جمهورياته ، لاسيما بعد ظهور احفاد { الخنازير العابثة } بالاقتصاد الروسي اؤلئك الذين تحدث عنهم ستالين في حينها ، لقد ظهروا على عجل وكانت مهمتهم نسف الهياكل الارتكازية لروسيا اقوى اخواتها من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة ، لكي لن تقوم لها قائمة ، وكانت المرحلة { اليلسنية } سنوات نار حارقة لعملاق الشرق الاوربي الذي كان يهز فرائص الغرب برمته ، لقد ظفروا به بعد حرب ضروس خبيثة دؤب لمدة اكثر من سبعين عاماً ، وذلك لاسباب عديدة لسنا بصددها الآن ، لكن العودة التمعافية لروسيا وشموخها من جديد في الساحة الدولية وبخاصة الاحتراس يقظتها من العربدة الناتوية فوق سماء القوقاز مؤخراً ، لفت انتباه المراقبين السياسيين ، وبهذا القدر او يزيد افاق الذين اسكرتهم نشوة النصر باصطيادهم للدب الروسي القوي ، وكان صباح روسيا الجديد ينبؤها بتغيرات مناخية في عالم السياسة ، غير متوقعة لا من روسيا المعاقة ولاحتى من الغرب الامبريالي ما يشعر به من انتصار جعله يظن بأن نهاية التاريخ قد حصلت بفشل تجربة النظام الاشتراكي ، وكان الزحف المتواصل من قبل حلف الناتو على دول المظومة الاشتراكية السابقة ، لتحويلها الى اذرع ومتاريس لمواجهة اي خطر قادم من الشرق ، حيث جرى التمادي حتى حدود روسيا المباشر .
ولكن النسمات التي هبت من الزنابق الحمر التي كثر نموها في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الامريكية في عدد من بلدان امريكا اللاتينية ، حيث صعدت قوى اليسار الى مواقع الحكم ، قد انعشت نبض روسيا الجديد ، وتوصلت الى يقين بانها قادرة على العودة الى تحالفاتها القديمة مع بلدان حركة التحرر الوطني ، ذلك بعد ان استطاعت معالجة جراحها بنفسها ، وهذا احد اهم العوامل التي جددت حياة روسيا ، وكانت عربدة الادارة الامريكية الصاروخية في القوقاز قد اجفلت الدب الروسي ، وجعلته يستبق الهجوم ويضع حداً للتجاوزات التي تؤديها جورجيا بالانابة ، مما استفز بلدان حلف الناتو وجعلها تهدد بسلاحها التقليدي وهو المقاطعة الاقتصادية ، ولكن فات عليها ان تدرك ان روسيا ليست بلداً نامياً ستهزه هذه الاجراءات الاقتصادية ، ولم تدرك ايضاً بان سلاحها هذا قد تقادم ولم ينفع مع روسيا الناهضة ، التي سرعان ما ردت بذات السلاح الاقتصادي حيث هددت هي الاخرى بقطع الغاز الروسي السائل عن معظم بلدان اوربا التي تحصل على ثلث حاجتها اليومية منه ، مما سيؤثر سلباً على اقتصادياتها ، الامر الذي جعل البلدان الاوربية تفكر ملياً قبل ان تقدم على حرمان روسيا من الوجود في منظومة بلدان الشراكة الاقتصادية ، وبما ان الولايات المتحدة الامريكية لم يؤثر عليها التهديد الروسي وهي التي تشكل رأس حربة العدوان على روسيا وغيرها ، ظلت تواصل التحدي فارسلت قطعاتها الحربية من الاسطول البحري الى موانئ جورجيا ، بخطوة استفزازية ، كما اوقفت الاتفاق النووي للاغراض السلمية مع روسيا المسمى 1 ـ 2 ـ 3 ـ ، ولكن روسيا كانت قادرة على التعامل بالمثل فارسلت هي الاخرى بعض قطعات اسطولها الحربي للقيام بمناورات مشتركة في الكاريبي مع فنزولا ، البلد الامريكي الجنوبي ذات الصبغة اليسارية المتخاصم مع واشنطن ، ولم تكتف بذلك وانما اعلنت بأنها ستنشر طائرات مضادة للغواصات النووية على ارضي فنزولا ، ومع هذا الا ان عنجهية الادارة الامريكية دعت المتحدث باسم البنتاغون المستر { وتمان } للتهوين من الخطوات روسيا هذه ، غير ان حقيقة اقواله كانت تعبر عن المكابرة القلقة ، مؤملاً عالمه بتراجع روسي في لقاء مرتقب في جنيف بينهما خلال شهر .
ان الوضع السياسي الدولي الجديد والذي تخلله ظهور روسي قوي ومتزامن مع نشوء كتلة دولية للتعاون الاقتصادي { اجتماع شنغهاي } تقف في مقدمتها روسيا والصين والهند وعدد من بلدان المنظومة الاشتراكية السابقة ومنها بلروسيا الشيوعية التي ظلت معادية للعالم الرأسمالي وفيتنام ، وايران وافغانستان بصفة مراقبين ، تنبئ بظهور عالم جديد متعدد الاقطاب ، يأذن بانهاء عالم القطب الواحد ، و مما يبشر بنجاح القطب الجديد هو توجه قواه الاساسية المعول عليها نحو سياسة انسنة عموم مفاصل الحياة البشرية ، حتى يطال الجوانب النافعة من العولمة الرأسمالية ، ان الارهاصات الاولية التي تبشر بظهور قطب جديد ستخلق توازن في الوضع الدولي لصالح البشرية عموماً ، وهو يطرح سؤال مفاده : اين نحن شعوب البلدان الفقيرة والنامية من هذا التململ لكسر قيود القطبية الاحادية ، والتي ذاقت شعوبنا منها الامرين ؟ ، هل نبقى لا نقدم سوى الصراخ طالبن من مصارع الثور ان يعجل بصرعه ، ونحن جالسون في اعلي المدرج بعيدين عن خطر الثور الهائج ؟