| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 8/8/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مهلاً .. لا تفرحوا

عدنان حسين

نعم مهلاً ثم مهلاً .. لا تفرحوا إذا ما أُقيل وزير الكهرباء على خلفية المعلومات عن إبرام وزارته عقدين سمينين مع شركتين غير معول عليهما، بل إن إحداهما قد أعلنت إفلاسها قبل أن تمتد إليها اليد العراقية "الرحيمة" لتنتشلها من المصير المشين، فهذه القضية صغيرة جداً لا تجلب الكثير من السرور، على رغم ما يبدو عليه مبلغا العقدين من ضخامة (1.75 مليار دولار).

لا تفرحوا، فليس من المأمول أن يعقب الوزير الحالي، إذا ما نُحي، وزير نظيف اليد والجيب وحسن السيرة والسلوك ولديه قلب حنون وضمير حي، أو لا يرتكب أخطاء في مستوى الخطايا، كسلفه.
لا تفرحوا فاكتشاف بؤرة فساد واحدة في وزارة الكهرباء لن يعني القضاء على البؤر الأخرى المثيلة في الوزارة، وحتى لو حدث هذا القضاء فلا يعني ذلك أنها لن تعود، مثلما لا يعني أن بؤر الفساد في الوزارات الأخرى ستختفي.
منذ خمس سنوات في الأقل تتردى أوضاع الكهرباء على نحو غريب ومريب. وفي كل شهر تقريباً كنا نسمع تطمينات وتأكيدات من وزراء الكهرباء المتعاقبين ومن رئيس الحكومة ومسؤولين آخرين أن الأزمة في سبيلها إلى التراجع تدريجياً وان حلّها، جزئياً في الأقل، قادم بعد حين قريب .. ولم يتردد بعض هؤلاء المسؤولين في تحديد مواعيد للحل، كلها مرّت والأزمة تكون في كل موعد قد ارتقت من ذروة إلى ذروة أعلى.
في المقابل فإن أناساً عاديين وإعلاميين وسياسيين ونشطاء قالوها آلاف المرات، إن وراء أزمة الكهرباء يكمن فساد في وزارة الكهرباء، وان تردي الأحوال المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية يقف خلفه الفساد المالي والإداري، وان وراء هذا كله يكمن الفساد السياسي، أي فساد الطبقة السياسية المستحوذة على مقاليد الأمور في البلاد. وقالوا أيضاً إن الخطوة الأولى لتوفير الكهرباء تكون بمكافحة الفساد في وزارة الكهرباء، والخطوة الأولى في تحسين أوضاع الناس تكون بمكافحة الفساد المالي والإداري المتفاقم في الدولة، والخطوة الأولى في تحقيق هذا كله تكون بمكافحة فساد العملية السياسية ، ومنبع هذا الفساد هو نظام المحاصصة والتوافق. وبالطبع فإن أحداً في الحكومة أو مجلس النواب أو القوى السياسية المهيمنة على مقاعد الحكومة والبرلمان لم يكن يسمع هذا الكلام أو يكترث به.
لا تفرحوا فلو كانت الحكومة جادة في حل أزمة الكهرباء لكافحت الفساد في وزارة الكهرباء، ولو كانت جادة في تحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لحاربت الفساد في سائر الوزارات ودواوين الدولة. وحتى لو كانت الحكومة ترغب في ذلك وتريده – وهو ما لا دليل مؤكداً عليه – فإن النخبة السياسية الممسكة بتلابيب العملية السياسية لن تسمح بهذا، فالفَسَدة من وزراء ونواب ووكلاء وزارات ومدراء ورؤساء مؤسسات ومحافظين وأعضاء مجالس محافظات، هم أبناؤها الشرعيون.
إذا ما ثبت فساد وزير الكهرباء أو تهاونه في العقدين بما يستحق معه إقالته من منصبه، فان القاعدة في النظام الديمقراطي تقضي بان يستقيل رئيس الوزراء باعتباره المسؤول عن تعيين هذا الوزير في منصبه (لا ينفع القول إن الوزير كان مفروضا عليه من كتلة سياسية أخرى فالمفترض أن يُدقّق رئيس الوزراء تدقيقاً كاملاً في سيرة كل من يُسند إليه منصب رفيع في الحكومة)، وتقضي هذه القاعدة أيضا بان يستقيل رئيس الكتلة السياسية التي رشّحت الوزير لشغل هذا المنصب، فالمفترض انه وكتلته لا يرشّحان الا أفضل ما لديهما.
بالطبع لن يفعلها رئيس الوزراء ولن يفعلها رئيس ائتلاف العراقية .. إذاً فلا تفرحوا بإقالة وزير الكهرباء إن حدثت، فأزمة الكهرباء سيمتد عمرها أكثر، وهذه المرة بذريعة قضية العقدين الفاسدين.


العدد (2215) الأثنين 8/08/2011






 

 

 

free web counter