|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  7  / 12 / 2014                                 عزيز العراقي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لماذا تكافئ اميركا ايران ؟

عزيز العراقي

تتردد الكثير من الشكوك حول وجود اتفاق تحت الطاولة بين ايران والأمريكان , الذين يمثلون المفاوض الاكثر تشددا في مجموعة الخمسة زائد واحد حول البرنامج النووي الايراني , والاهم ما يتبعه من اتفاقات سياسية تحدد تقاسم النفوذ في المنطقة . ومثل هذا الشك كان قائما مع المفاوضات المباشرة بين ايران وأميركا منذ بدءها , وبتسريب من القيادات الايرانية تطمينا للوضع الداخلي بعد ان اخذت العقوبات تترك آثارها السلبية بوضوح على حياة الايرانيين . ان تمديد المفاوضات لسبعة اشهر اخرى بعد ان حددت نهايتها مرتين , ومشاركة الطيران العسكري الايراني في الجهد الجوي للحلفاء في محاربة داعش , تزيد من مناسيب الشك في وجود الاتفاق لدى الكثيرين .

ان اي متتبع لوضعية ايران يدرك ان العقوبات قد اضرتها كثيرا , ولعل في اصرار المفاوض الايراني بإزالة العقوبات فور توقيع الاتفاق , ما يوضح حجم الضرر وما يتركه من اختناق على الشارع الايراني . وفي الشهرين الاخيرين اخذ سعر الدولار يحدد على ضوء تصريحات المتفاوضين عند باعة العملة , وزاد مع التمديد الى ثلاثة آلاف وثلثمائة تومان للدولار الواحد بعد ان كان ثلاثة آلاف . وهذا ليس بعيدا عن مراقبة الامريكان , وما قد سيولده من انعكاسات خطيرة على تماسك النظام المنقسم اساسا بين متشددين ومعتدلين , والخوف من حدوث مفاجآت من خارج مؤسسة الحكم , لا تتمكن من ان تطيح بالنظام بل ستنهكه , وستصب في مصلحة المتشددين . وهو ما يربك الحسابات الامريكية التي تبغي الحفاظ على تماسك وحدة النظام .

لم تجد اميركا لحد الان نظام يخدم إستراتيجيتها في اثارة مخاوف دول المنطقة وإماراتها بديلا عن النظام الايراني , ومن خلال النفخ في هذه المخاوف تمكنت من ارساء عدة قواعد عسكرية وبيع الكثير من اسلحتها الى دول المنطقة . والاهم , التركيز على رفع جذوة الصراع السني الشيعي الذي تراهن عليه في احداث تغيير عند المسلمين , في فهمهم للحكم وفصل الدين عن الدولة , بالنسبة للكثير من السياسات الغربية وليس اميركا فقط . وفي نفس الوقت الابقاء على العقوبات التي تحدد عدم امكانية التغيير في ميزان القوى وحرمان ايران من النهوض بمشروعها النووي .

تمديد فترة المفاوضات , وإطلاق سراح سبعمائة مليون دولار شهريا من الودائع الايرانية في البنوك الغربية , تأتي لمساعدة النظام الايراني للاستمرار في وقوفه المتورط في سوريا والعراق ولبنان واليمن , والذي يعده الكثير من السذج انه السبب الذي خلق من ايران ندا لأميركا وباقي الدول الكبرى. وماذا يهم الامريكان والغرب من صراعنا الطائفي الدموي في المنطقة ؟ غير قولهم " اللهم زد وبارك " , وفي ابسط تقدير ان ننشغل بصراعاتنا ونبتعد عنهم , والدليل ان لا توجد اية عملية ارهابية في اميركا وأوربا طيلة السنوات الاخيرة للحروب الاهلية فيما بيننا , او ما تسمى بالربيع العربي .

المشكلة ليس بوجود اتفاق معلن او غير معلن بين ايران وأميركا , بل هناك وحدة مصالح مشتركة بين الطرفين رغم حالة العداء التي تؤطر علاقتهما . ولعل توافقهم في الابقاء على حالة العراق ومنعه من النهوض الوطني طيلة العشر سنوات الماضية جاء نتيجة مصلحتهم المشتركة , والنهوض لو قدر له ان يكون سيحد بشكل كبير من امتداد النفوذ الايراني وإيقاف انتهاك السيادة الوطنية من خلال المليشيات الموالية له , وإنهاء كون العراق حديقة خلفية وسوق لأسوء السلع الايرانية . وعلى الجانب الآخر لتمكنت القوى الوطنية الحقيقية من انتشال العملية السياسية من ( قفص ) المحاصصة الطائفية والقومية التي احكم الامريكان ارتهاننا لهم من خلالها.

لماذا تكافئ اميركا ايران ؟ وهي لا تزال " الشيطان الأكبر" في النهج السياسي لإيران ؟ ايران مخنوقة بالحصار الدولي الذي هو في الاساس امريكي , وإيران في انحدار لن تسلم منه نتيجة تورطها العسكري والسياسي ( الطائفي ) في اكثر من بلد , وهي في اضعف حالاتها اليوم . في السياسة الدولية لا توجد مكافآت , بل مصالح يتم الاستيلاء عليها حتى بين الانظمة ذات التوجه الرأسمالي المشترك , وكلنا نذكر المواقف المعارضة لألمانيا وفرنسا ودول اوربية اخرى للغزو الامريكي للعراق قبل عقد من السنين , والآن اوربا باجمعها ذيل للسياسة الامريكية التي استحوذت على ارادة الجميع بقوة رأسمالها وتطورها التكنولوجي .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter