| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأربعاء  11/8/ 2010

 

 دوران في حلقة مفرغة ام ماذا؟

عبد الرزاق الصافي

مع ظهور هذا المقال تكون قد انقضت خمسة اشهر على انتهاء انتخابات مجلس النواب العراقي من دون ان تتشكل حكومة عراقية جديدة ،تعقب حكومة نوري المالكي المنتهية ولايتها . وقد ملَّ المراقبون السياسيون والجمهرة الواسعة من ابناء الشعب سماع تصريحات قادة الكتل الفائزة واعضائها عن قرب حل الازمة وتشكيل الحكومة ، في ظل تصاعد اعمال الارهاب والتخريب والسيارات المفخخة والانتحاريين الذين يفجرون انفسهم وسط تجمعات الناس البسطاء مسببين سقوط العشرات ،بل المئات من ابناء الشعب الابرياء بمن فيهم النساء والاطفال شهداء وجرحى، وفي ظل المعاناة الشديدة جراء الحر الشديد وانقطاع التيار الكهربائي لما يقرب العشرين ساعة في اليوم.
وهذا الامر ، اي تأخر تشكيل الحكومة طيلة هذه الأشهر الثقيلة هو تكرار لما حدث بعد انتخابات العام 2005 حيث استغرق تشكيل الحكومة الحالية خمسة اشهر ونصف .

ان هذا الواقع المكرب يعكس الفارق بين ديمقراطية عريقة ، كما هي حال الديمقراطية البريطانية مثلاً، وديمقراطية وليدة في بلد عانى من الاستبداد و الدكتاتورية طيلة قرون ، كان آخرها دكتاتورية صدام حسين التي قلَّ مثيلها في العصر الحديث . فقد انتهت الانتخابات الاخيرة في بريطانيا من دون فوز اي من الأحزاب الثلاثة المتنافسة بالاغلبية التي تمكـِّن اياً منها من تشكيل الحكومة . ولم يستغرق تشكيل التحالف بين حزبي المحافظين والديمقراطيين الاحرار وتشكيل الحكومة الجديدة سوى خمسة ايام عدها البعض مدة طويلة!!

غير ان هذا الواقع لا يعفي الكتل الانتخابية الفائزة في الانتخابات العراقية من مسؤولية التأخر في تشكيل الحكومة طيلة هذه المدة الطويلة جراء الصراعات على السلطة بعيداً عن التفكير بمصالح الشعب والمصالح الوطنية العليا . الامر الذي استثار ويستثير مشاعر السخط والتذمر لدى الجماهير وتحركها في المظاهرات والاعتصامات وتقديم المذكرات الاحتجاجية على مواقف الكتل الفائزة التي تطلق الوعود تلو الوعود بقرب انتهاء الازمة من دون ظهور ما يدل على تحقق هذا الانتهاء.

ومما يزيد من سخط الناس وتذمرهم هو ان دوران هذه الكتل في الحلقة المفرغة قد سبـَّب ويسبَّب تعاظم التدخل الخارجي في الشأن الداخلي العراقي والسعي لإملاء الارادات الأجنبية ، بغية تشكيل حكومة ترعى مصالح المتدخلين اكثر مما ترعى المصالح الوطنية للشعب العراقي .

ومن المؤسف ان يظل النواب الذين انتخبهم الشعب بعيدين عن الاسهام الجدي في الجهود المبذولة لإنهاء هذه الازمة ، والتحكم في الامر من قبل من هم غير منتخبين احياناً ، والتطلع الى استمداد العون من جهات خارجية .
ولعل آخر ما اسفرت عنه هذه الجرجرة المؤسفة من قبل الكتل الفائزة هو اللجوء الى طلب تدخل المرجعية الدينية لحسم الموضوع رغم ان مرجعية السيد السيستاني اعلنت وتعلن انها تقف على مسافة واحدة من الكتل المتنافسة ، ولا تريدالتدخل في تفصيلات الامور المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة .

وقد استدعى الاستعصاء الحاصل حتى الآن الى تعاظم جهود الادارة الامريكية، ممثلة بالرئيس اوباما ونائبه بايدن والسفير الامريكي الحالي هيل والسفير الجديد جيفري والمسؤول الامني الكبير الذي يعتزم زيارة العراق هذه الايام،هذه الادارة التي تحرص على تنفيذ ما وعدت به جمهورها من الانسحاب من العراق في المواعيد التي حددتها الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية ، واولها موعد نهاية الشهر الحالي حيث سينخفض عديد القوات الامريكية في العراق الى خمسين الفاً .

فهل سينتهي الدوران في الحلقة المفرغة قبل نهاية هذا الشهر ، او بعيد عيد الفطر الذي سيحل في الشهر القادم؟


11-8-2010
 

free web counter