| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 14/3/ 2012

 

 تداعيات بشأن القمة العربية

عبد الرزاق الصافي

استأثر موضوع انعقاد القمة العربية في بغداد بإهتمام كبير من لدن كل القوى السياسية العراقية ، وخصوصاً الكتل المتنفذة التي تتألف منها الحكومة العراقية الحالية. وسعى كل طرف من اطراف الحكومة الى توظيف موضوع القمة واخضاعه لتحقيق مصالحه الخاصة . ولذا فقد تداخل موضوع القمة بموضوع كيفية الخروج من الازمة التي تلف الوضع السياسي منذ اكثر من سنة ، والتي اشتدت منذ بضعة اشهر ارتباطاً بإتهام السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية بالتورط بالارهاب عن طريق افراد في حمايته، قال القضاء انهم اعترفوا في التحقيق بارتكاب مئة وخمسين جريمة ارهابية بعلم الهاشمي وتلقيهم مكافآت على ذلك منه.

ففي الوقت الذي تريد كتلة ائتلاف دولة القانون التي يترأسها رئيس الوزراء نوري المالكي تأجيل حل الخلافات القائمة بين الكتل المؤتلفة في الحكومة ، وعدم إشغال القمة بهذه الخلافات ،تصر الكتلة العراقية التي يترأسها الدكتور اياد علاوي على حل هذه الخلافات قبل انعقاد القمة ، وذلك عن طريق عقد اللقاء الوطني، الذي كان من المؤمل انعقاده منذ اواسط او اواخر الشهر الماضي. غير ان اللجنة التحضيرية ، التي عـُهدت اليها مهمة تقرير موعد اللقاء ومكانه وجدول اعماله، لم تنجز مهمتها حتى كتابة هذه السطور، رغم إقتراب موعد عقد القمة العربية في السابع والعشرين والتاسع والعشرين من هذا الشهر، اي بعد اإسبوعين من الآن. وهو وقت ضيـّق ارتباطاً بتعقد القضايا التي يراد للقاء ان يحلها، قياساً على ما جرى ،حتى الآن من جرجرة وتأجيلات لإجتماعات اللجنة التحضيرية ،التي فشلت في إنجاز مهمتها خلال نحو شهرين ، رغم التصريحات المتفائلة التي كان يطلقها بعض الاطراف ولا يجد المتابع تطبيقاً لها على ارض الواقع.

وما هو أسوأ من هذا ماصدر من تهديدات من قبل بعض اعضاء القائمة العراقية بنشر غسيل الخلافات على الرأي العام وتقديم مذكرة بذلك الى القمة والمطالبة بدعم ما تطالب به القائمة العراقية ، اي تدخل الاطراف العربية المشاركة في اجتماع القمة في الشأن العراقي الداخلي . وهو امر يلقى المعارضة ،بل وشجب مثل هذا التوجه ،من قبل اوساط واسعة ليس داخل الحكومة فحسب، بل وبين اوساط الرأي العام ككل.

لقد انتظر العراق طويلاً انعقاد هذه القمة . فمن المعروف ان موعدها كان العام الماضي ، وجرى تأجيلها بسبب احداث "الربيع العربي" الذي ازاح عدداً من رؤوس الانظمة العربية . وخصصت الحكومة العراقية مئات ملايين الدولارات للتحضير لهذه القمة وضمان نجاحها. ومع ذلك فما زالت الشكوك تساور دولاً عربية عدة بتوفر مستلزمات نجاح القمة . الامر الذي أثـّر ويؤثر على مستوى التمثيل في القمة من قبل عدد ليس بالقليل من الملوك والرؤساء العرب . ولم يقف الامر عند هذا الحد ، بل ان بعض الدول العربية طالب في وقت سابق بنقل مكان انعقاد القمة الى بلد آخر غير العراق بحجة الوضع الأمني، وعدم حل الخلافات بين القوى السياسية العراقية .

وبرغم انحسار هذا الطلب فإن مجرد طرحه السابق ، والموقف غير الودي من الوضع في العراق الذي ما يزال مستمراً بهذه الدرجة او تلك من قبل البعض، وكذلك بعض التصرفات والتصريحات غير المسؤولة من قبل بعض القوى السياسية العراقية يلقيان ظلالاً سلبية على المجريات المتوقعة داخل اجتماعات القمة المرتقبة .

ان مصلحة العراق والدول العربية ككل تقضي بضرورة التزام الجميع بوضع المصلحة العربية العليا فوق كل اعتبار، والسعي الى اصلاح النظام العربي وجعل جامعة الدول العربية محفلاً للتعاون المثمر بين الدول العربية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والانصراف بجد لتطبيق الاتفاقات والمعاهدات والمواثيق التي سبق وان ابرمتها الدول العربية في ما بينها ، لا ان تظل حبراً على ورق في ادراج جامعة الدول العربية ووزارات خارجية هذه الدول، لكي ينتهي التشرذم وانعدام المواقف الموحدة النابعة من مصالح الشعوب العربية في التقارب والتكامل الاقتصادي والاتحاد في ما بينها على اسس ديمقراطية تراعي الظروف الموضوعية لكل منها.


لندن 11/3/2012
 

 

 

free web counter