|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 16/5/ 2012                                 عبدالرزاق الصافي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مزيد من التعثّر - مزيد من التعقيد !

عبد الرزاق الصافي

لم يمر اسبوع خلال الاشهر الخمسة الماضية، دون اعلان عن مواعيد لعقد المؤتمر الوطني، او الاجتماع الوطني، او اللقاء الوطني بين الكتل السياسية التي تتحكم بالعملية السياسية الجارية في العراق، ومنع هذه العملية من الخلاص من ازمتها المستحكمة، التي تحّولت الى ازمة نظام، وليس ازمة حكومة فقط . وذلك بسبب من اصرار اطراف الازمة على التمسك بنهج المحاصصة الطائفية والاثنية التي صاروا يبدعون في صبغ تسميتها – المحاصصة – بّالشراكة  الوطنية، او " حكومة الوحدة الوطنية، او " التوافق" ، او "جمع المكونات" ، او غيرها من التسميات التي لم تستطع ان تخفي التعبير عن المصالح الضيقة للفئات والكتل المتصارعة، رغم انها كلها مشاركة في الحكومة، وياللغرابة !

وشهدت الايام العشرة الماضية او الاسبوعين الماضيين تعقيدات جديدة، وتهديدات متبادلة ، وتصريحات متشنّجة تلغي كل بارقة أمل في انفراج الازمة في القريب العاجل ، بل وحتى المتوسط ، ولذا جرى اللجوء الى استخدام مصطلح " الاشعار الآخر" بدلاً من تحديد موعد محدد ، لمعرفة الاطراف المتصارعة انها غير قادرة على الالتزام بتقديم حلول مقبولة يجري التوافق عليها في مدى المواعيد المحددة، كما اثبتت التجارب السابقة . الامر الذي جعل البعض يعلن دون الخشية من الوقوع في الخطأ، ان الازمة غير قابلة للحل في المدى المتبقي للبرلمان الحالي ، الذي يقل عن السنتين .

والغريب انه رغم وضوح هذه الصورة في اذهان الجميع فانهم يتجنبون اللجوء الى الشعب لحل الازمة، عن طريق اجراء انتخابات مبكرة، لعلها تغيّر اللوحة السياسية بهذا المقدار او ذاك، وتمّكن من الخلاص من الصيغ المزيفة عن " الوحدة الوطنية" و "الشراكة " و " التوافق " و " جمع المكونات " وغيرها والاقدام على اقامة حكومة اغلبية برلمانية ومعارضة، كما يجري في الدول الديمقراطية، ذات الطابع البرلماني .  وسلوك هذا الطريق وفقاً للدستور، واحتراماً لما يقضي به ، وليس لمجرد المماحكات السياسية والمناورات التي لا تقضي الى ما يطالب به  ابناء الشعب من انهاء هذه الازمة المستعصية، و إراحة ابناء الشعب من القلق الذي يساورهم جراء استمرارها وما تحمله من مخاطر لاتحمد عقباها .

لقد ازداد عدد القوى التي صارت تعبر عن امكانية اللجوء الى انتخابات مبكرة لحل الازمة . ولكن هذه الاعلانات ظلًت حبراً على ورق دون ان تفعّل بالاقدام الجدي على اتخاذ الخطوات التي يتطلبها اجراء الانتخابات المبكرة . واعني بذلك تعديل قانون الانتخابات بازالة التعديل اللادستوري الذي قام به البرلمان السابق عندما قرر اعطاء اصوات الكتل غير الفائزة في الانتخابات الى الكتل الفائزة ، ليس الى من حصل على اعلى النسب في الكتل غير الفائزة .

وهو ما قضت به المحكمة الدستورية العليا ، وذلك لوضع حد لاعطاء اصوات الناخبين لغير مستحقيها .

وكذلك الاقدام على تشكيل مفوضية عليا مستقلة حقاً للانتخابات لاتقوم على اساس المحاصصة ، كما هو حال المفوضية الحالية .

كما ان اجراء انتخابات سليمة يتطلب تشريع قانون ديمقراطي للانتخابات يمكن الرأي العام العراقي من فضح من يلجأون الى استخدام المال السياسي ، المشبوه المصادر ، في تقديم الرشاوي للناخبين ، وافساد العملية الانتخابية .

و اخيراً وليس آخراً الاقدام على اجراء الاحصاء السكاني الذي جرى تأجيله المرة تلو الاخرى لحسابات ضيقة لا يجمعها جامع مع مصلحة الشعب . خصوصاً وقد ثبت ان الاعتماد على البطاقة التموينية غير سليم لانكشاف وجود مليوني بطاقة تموينية مزورة !

ان كل الكتل المتنفذة المتحكمة بالعملية السياسية مسؤولة عن هذا التعثر، والتعقيد في العملية السياسية ، وعن كل الاخطار والمساوىء الناجمة عن هذا التعثر والتعقيد ، التي ترهق ابناء الشعب الذين يطمحون الى الحياة الآمنة المستقرة ، و الاعمار والخلاص من البطالة الواسعة التي تلف 30% من القوى العاملة، ان لم يكن اكثر ، و عيش ربع السكان دون خط الفقر ، في بلد تبلغ ميزانيته اكثر من مئة مليار دولار لما لا يزيد عن ثلاثين مليون مواطن !

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter