| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 21/12/ 2011

 

 فرحة مشوبة بالقلق!

عبد الرزاق الصافي

شهدت بغداد احتفالات انسحاب القوات الامريكية من العراق قبل انتهاء هذاالشهر،وهوالشهر الاخير من العام 2011 تنفيذاً للإتفاقية التي عقدتها الحكومة العراقية مع حكومة الولايات المتحدة الامريكية في العام 2008،و التي تقضي بالانسحاب نهاية هذا الشهر.

ويشكل هذا الحدث نصراً كبيراً للعراق ، بإعتباره خطوة مهمة نحو استكمال السيادة الوطنية العراقية ، التي ظلت منقوصة منذ العام 1990 ، يوم جرى وضع العراق تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة ،وفقاً لقرار مجلس الامن ، عقاباً لإقدام صدام حسين على الغزو الغادر للكويت الشقيق.

وكان من شأن هذا الحدث ان يثير فرحة غامرة لأبناء الشعب العراقي على اختلاف انتماءاتهم السياسية والقومية والدينية والمذهبية ، لولا الوضع المكرب الذي تعيشه البلاد جراء الصراعات والمناكدات والاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية التي تتحكم بالعملية السياسية الجارية في البلاد وتهدد بنسفها.

وخير مصداق لهذا ما شهده مجلس النواب العراقي يوم السبت الماضي من مقاطعة الكتلة العراقية التي يترأسها الدكتور اياد علاوي ، وهي ثاني اكبر كتلة في البرلمان ، ويشارك عشرة من المنتسبين اليها في الحكومة الحالية . ومن بين الوزارات التي يشغلونها وزارة المالية المسؤولة عن اعداد الميزانية الحكومية ومتابعة تنفيذها. هذه المقاطعة التي اُشفعت بالتهديد بالانسحاب من الحكومة . الأمر الذي يمكن ان يزيد من تعقيد الوضع المعقد اساساً.

وكانت الذريعة لهذه الخطوة من جانب الكتلة العراقية هي ما قامت به الاجهزة الامنية من اعتقال بضعة مئات من منتسبي حزب البعث الصدامي المحظور دستورياً درءاً لنشاط تآمري من جانب هؤلاء كما قالت هذه الاجهزة من دون اعلان اية تفاصيل عن ذلك . وكذلك لموقف التحالف الوطني السلبي، الذي يضم الاحزاب الشيعية : حزب الدعوة والتيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي ومنظمة بدر وحزب الفضيلة ، من موضوع اعلان محافظة صلاح الدين اقليماً ادارياً واقتصادياً ، وما تبعه من اعلان محافظة ديالى الموقف نفسه ، مما ولّد توتراً شديداً في المحافظة لعدة ايام وحتى كتابة هذه السطور، إذ جرت معارضة هذا الاعلان بالاقدام على تنظيم مظاهرات واسعة واعمال عنف وقطع طرق غير مبررة، وتهديد عدة وحدات ادارية في المحافظة تسكنها غالبية شيعية بالانفصال عنها إذا ما تحولت الى اقليم .

والاخطر من هذا ما سبق هذه الاحداث يوم 28/11/2011 من خرق امني كبير في المنطقة الخضراء التي تضم مقرات الوزارات والبرلمان والسفارات الامريكية والبريطانية وغيرها ،إذ جرى تفجير سيارة مفخخة قال رئيس المجلس النيابي السيد اسامة النجيفي ان التفجير استهدفه ، واعقب ذلك الناطق بأسم أمن بغداد اللواء هاشم العطا ان التفجير استهدف السيد المالكي رئيس الوزراء.

ولم يقف هذا المسلسل المكرب من الاحداث والتداعيات عند هذاالحد ، بل وصل حد الاعلان عن ان السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية متورط بإعمال ارهابية توجب القاء القبض عليه وتقديمه الى القضاء ، واطلاق السيد صالح المطلك نائب رئيس الوزراء تصريحات خشنة ضد المالكي متهماً اياه بكونه الحاكم الاشد دكتاتورية في تاريخ العراق!والهاشمي والمطلك هما من اقطاب الكتلة العراقية كما هو معروف. ورد المالكي على تصريحات المطلك بطلب سحب الثقة به.

ان هذا الوضع الذي عرضنا صورة غير متكاملة عنه حمل جهات عديدة من بينها رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم ورئيس التيار الصدري السيد مقتدى الصدر والحزب الشيوعي ومن معه في التيار الديمقراطي على التحرك والمطالبة بعقد لقاء لكل القوى السياسية التي اسهمت في العملية السياسية منذ بدايتها ،المشاركة في الحكومة الحالية والتي هي خارجها ، في طاولة مستديرة لتدارس ما ينبغي القيام به من تنازلات والبحث عن حلول وسط تضع المصلحة العلياللشعب والوطن فوق كل اعتبار، يتبناها الجميع لإخراج الوضع من هذا المأزق ووقف التدهور وتجنيب البلاد ما لا تحمد عقباه من تداعيات خطرة . وتدارس امكانية الرجوع الى الشعب واجراء انتخابات مبكرة ، وفقاً للدستور إذا ما تعذر ذلك .

ان الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي الى جانب مثل هذا التوجه . وسيتحمل اي طرف يتخلف عن القبول بهذه الوجهة المسؤولية الوطنية امام الشعب .



لندن 18/12/2011
 

free web counter