|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 28  / 6 / 2013                           عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مبادرات محكومة بالفشل!

عبد الرزاق الصافي

تعاني العملية السياسية الجارية في العراق،منذالعام 2003،التلكؤ والتعثرالشديدين في اعقاب انتخابات البرلمان في ربيع 2010.هذا التلكؤ والتعثر الذي تحول من ازمة حكومة الى ازمة نظام، بسبب الاساس الخاطىءالذي بنيت عليه،ألا وهو المحاصصة الطائفية والاثنية. واشتدت الخلافات والصراعات بين القوى التي تألفت منها الحكومة الحالية،التي سميت بحكومة الشراكة الوطنية من دون وجود شراكة حقيقية.ونشأ وضع لا مثيل له في اي حكومةفي العالم.ذلك ان القوى التي تتشكل منها الحكومةقوى متصارعة في ما بينهارغم مشاركتها في الحكومة. ولذا لم تعد هناك قوى تشكل الحكومة واخرى قوى معارضة في البرلمان تراقب وتحاسب الحكومة ،كما هو الحال في كل الحكومات البرلمانية في الظروف الاعتيادية . وبسبب من هذه الحالة غير الطبيعية صار الاداء الحكومي متعثراً. والطبقة السياسية عاجزة عن معالجة الامور الهامة . فتعديل الدستور، الذي يفترض ان يتم منذ سنوات عديدة ، اصبح نسياً منسياً. وما يزيد عن خمسين مادة في الدستور تتطلب اصدار القوانين الناظمة لتطبيقهامجمدة . وتوقف العمل في تشريع قوانين مهمة تخص النفط والغاز وموضوع الاحزاب وتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، بما ينسجم مع قرار المحكمة الاتحادية العليابعدم دستورية سرقة اصوات الناخبين الذين لم تفز القوائم التي صوتوا لها،واعطاء اصواتهم ،التي بلغت مايزيد عن المليوني صوت في انتخابات 2010 للقوائم الفائزة. وتوقف العمل في اجراء الاحصاء السكاني المهم للإنتخابات والتخطيط الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والصحي وقانون المحكمة الاتحادية.هذا الى جانب عدة قوانين مهمة اخرى تنتظر التشريع غير ان الصراعات بين الكتل التي تتشكل منها الحكومة وتمسك كل طرف بمصالحه الفئوية الضيقة عرقلت وتعرقل العمل الحكومي وتأمين الخدمات الضرورية للمواطنين وفي مقدمتها الكهرباء والماء الصالح للشرب وتأمين العمل للعاطلين والقضاء على الفقر الذي يعيش فيه ما يقرب من ربع سكان البلاد رغم مئات المليارات من الدولارات الامريكية التي امنتها الثروة النفطية.

هذا الوضع المكرب استغلته القوى المعادية للديمقراطية الطامحة الى نسف ما تحقق والعودة بالبلاد الى نظام المقابر الجماعية والعدوان على الشعب الكردي وتوريط الوطن بالحروب ضد الجيران والاشقاء وتصعيد الارهاب والتخريب وتعمق الفساد وتعاظم الخروقات الامنية وافظعها مهاجمة سجني التاجي وابو غريب وتهريب مئات من عتاة المجرمين بالتواطؤ مع مسؤولين عن الامن في هذين السجنين. ومع ذلك لم تكف القوى المتصارعة على السلطة والمال والنفوذعن عن الصراعات في ما بينها ، بدلاً من التأزر لوضع حد للنشاط التخريبي والفسادالطاغي في كل المرافق.

وللرغبة بوضع حد لهذا التدهور الشامل دعا الرئيس جلال الطالباني قبل نحو سنة الى جمع القوى المشاركة في الحكومة للإجتماع لوضع حد لهذا التدهور ولم تجر الاستجابة لما دعا اليه،بل تفاقمت الامور اكثر فبادر السيد عمار الحكيم الى جمع القوى السياسية المشاركة في الحكومة وقوى خارجها الى اجتماع لم يستهدف اكثر من ترطيب الاجواء بأمل معالجة الامور بهدوء،الذي تحقق بشكل جزئي سرعان ماتبدد.وكان آخر هذا المبادرات ما دعا اليه السيد الخزاعي نائب رئيس الجمهورية للقاء يصدر عنه ماسمّي "ميثاق شرف" لا حاجة له لو ان ممثلي القوى السياسية التزموا وطبقوا ما اقسموا عليه في قسمهم الدستوري، ولو تخلو عن التمسك بالمحاصصة التي ظلوا يلعنونها بالكلام والتصريحات ويتمسكون بهابشدة عند تشكيل الهيئات ، مثلما حصل عند تشكيل المفوضية العليا المسماةمستقلة .

ان الوضع خطير وهو مفتوح على الكثير من الاحتمالات السيئةما لم تتكاتف كل القوى الخيرة وتتحرك كل قوى المجتمع المدني والمرجعيات الدينية من اجل التوقف عن السير نحو حافة الهاوية والتعاون من اجل الحفاظ على الدستور واعتماده في حل كل الاشكالات والتخلي عن اعتماد المحاصصة الطائفية والإثنية التي سببت كل هذا الخراب!
 


لندن 25/8/2013
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter