| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 31/8/ 2011

 

  شقيقان جاران وعلاقات شائكة

عبد الرزاق الصافي

والشقيقان الجاران هما العراق والكويت . والعلاقات بينهما بإعتبارهما كيانين سياسيين شائكة ،من وقت لآخر، بدرجات متفاوتة ، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في العام 1921 في اعقاب ثورة العشرين في العراق على ايدي المحتلين الانجليز . فقد رسم الحدود بين الكيانين المندوب السامي البريطاني السير برسي كوكس كما ارادت وزارة المستعمرات البريطانية تنفيذاً لمعاهدة سايكس بيكو الجائرة بين الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية . إذ كانت الكويت محمية بريطانية والعراق دولة تحت الانتداب البريطاني .

وكانت اول الاشكالات قد بدأت في ثلاثينات القرن الماضي عندما راح الملك غازي يطالب بضم الكويت الى العراق في الاذاعة التي كانت تبث برامجها من القصر الملكي ، من دون مراعاة لإمكانية تحقيق ذلك من الناحية الواقعية ، ومن دون اخذ رأي الشعب الكويتي بذلك .

وبإغتيال الملك غازي بتدبير من نوري السعيد في العام 1939زال هذا الاشكال. واستمرت العلاقات الودية بين الشعبين العراقي والكويتي بحكم الجيرة والعلاقات العائلية والمصاهرات بالاضافة الى وحدة اللغة والدين بإعتبارهما بلدين عربيين مسلمين ، وكانت البصرة مقصد الاخوة الكويتيين للتجارة والسياحة .

وعندما اقدمت الفئة الحاكمة في العراق على اقامة الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن رداً على الوحدة بين مصر وسوريا في العام 1958 طلب نوري السعيد من امير الكويت الانضمام الى الاتحاد للتخفيف من العبء المالي الذي تحمـّله العراق جراء فقر الاردن ، غير ان امير الكويت يومذاك لم يلبِ طلب نوري السعيد .

وفي اوائل ستينات القرن الماضي قررت بريطانيا الانسحاب من شرق السويس ، والسماح للكويت بإعلان استقلالها . ويومها اقدم رئيس وزراء العراق عبد الكريم قاسم على المطالبة بضم الكويت الى العراق بإعتبارها قضاءً تابعاً لمحافظة البصرة . وهدد بإحتلالها! وذلك استناداً الى انها كانت يوماً ما جزءاً من ولاية البصرة ايام الحكم العثماني للمنطقة. ووقفت بريطانيا ومصر ايام عبد الناصر الى جانب الكويت وانتهت مطالبة عبد الكريم قاسم بضمهاالى العراق. غير ان هذه الواقعة عكـّرت العلاقات بين حكومتي البلدين الى ان نجح انقلاب الثامن من شباط 1963 في القضاء على حكم عبد الكريم قاسم بحمام دموي فظيع . وعادت العلاقات بين الحكومتين العراقية والكويتية من دون توترات .

ويوم اقدم صدام حسين على اشعال الحرب ضد ايران قدمت حكومة الكويت قروضاً بعشرات المليارات من الدولارات دعماً لصدام في حربه  ضد الثورة الإيرانية .

ولم يمنع هذا " الفضل الكبير" الذي قدمته حكومة الكويت لصدام ،من ان يقدم على جريمته الكبرى بغزو الكويت الغادر في الثاني من آب/اغسطس 1990 وضمها الى العراق باعتبارها محافظة من محافظاته ! وارتكبت طغمته من الموبقات والفظائع بحق الشعب الكويتي الشقيق ما يعجز الانسان عن وصفه . هذا الغزو الذي يتحمـّل مسؤوليته صدام حسين وليس الشعب العراقي ، الذي اعلنت قواه الوطنية كلها معارضتها له . وخير دليل على هذه المعارضة انتفاضة آذار/مارس 1991الشعبية التي حررت اربع عشرة محافظة من محافظات العراق الثماني عشرة خلال اقل من اسبوعين . هذه الانتفاضة التي قمعت من قبل قوات صدام بضوء اخضر امريكي .

وليس من شك في ان هذا الغزو الغادر والفظاعات التي ارتكبت خلاله ترك جروحاً عميقة في نفوس الاشقاء الكويتيين تتطلب بذل جهود جبارة من العقلاء الحريصين على اخوة الشعبين الشقيقين في البلدين لمداواتها وازالة آثارها الكارثية على العلاقات بينهما . وليس نكء الجراح وتعميقها سواء كان ذلك بتصريحات وبيانات غير مسؤولة او بإجراءات لا تراعى فيها مصالح الطرفين . اقول هذا لمناسبة ما يثار هذه الايام ارتباطاً بإقدام الكويت على بناء ميناء مبارك الكبير وما يمكن ان يسببه من اشكالات في العلاقة بين البلدين .

ولا اجد ما اختم به هذه المقالة خيراً من اقتباس بعض ما نشره الاخ الكويتي الاستاذ سعد بن طفلة العجمي في جريدة المدى البغدادية في الحادي والعشرين من آب/اغسطس 2011 حيث قال"لابد من التعايش السلمي والتعاون على كافة المستويات بين العراق والكويت. هذا هو المنطق العقلاني وهذا هو قدر الجارين." و"ضرورة طي صفحة الماضي وتجاوز جراحات الاحتلال والتفكير بمستقبل اطفال البلدين والتعايش بين الجارين."

و"ان التعايش بين البلدين وبناء علاقات كويتية عراقية على اسس عصرية وشفافة وحديثة مسألة وطنية كويتية". كما ان معافاة العلاقات بين البلدين الشقيقين" تتطلب جهوداً من المخلصين في البلدين بكافة المستويات والتعامل الواقعي مع احداث المنطقة وتطوراتها بما يحقق السلام والرفاه بين الشعبين والبلدين " و"علينا جميعاً ان نرتقي .... فوق جراحات الماضي وآلامه غير متناسين دروسه ولا متجاهلين آثاره التي لا تزال تعيش في عقول بعضنا بين الجانبين

 

free web counter