| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 4/1/ 2012

 

   عام جديد وازمة قديمة!

عبد الرزاق الصافي

لعل من بين اصعب الامور ان يستقبل شخص ما او شعب من الشعوب عيداً من الاعياد،وهو في حالة حزن او مزاج عكراو قلق ينغص حياته .  واستقبال العام الجديد هو في العادة عيد يحتفل به البشر في مختلف انحاء المعمورة بالأفراح والزينات ، كل على طريقته الخاصة . ولم يكن الشعب العراقي ليشذ عن هذه القاعدة في غالبية السنين التي خلت من المكدرات والمنغصات التي كانت تسببها الحروب والارهاب الدموي الذي تشنه الانظمة الدكتاتورية .              وللأسف الشديد فان حال الشعب العراقي هذا العام سيئة الى حد كبير ، وحالت دون ان يتمتع الشعب بما كان يطمح اليه من المسرات والأفراح بسبب الأوضاع التي سببتها صراعات القوى المتنفذة على السلطة والنفوذ والمصالح الفئوية الضيقة ، وفقدان الثقة ببعضها والتوتر الشديد في ما بينها ، الامر الذي ادى الى شلل العمل الحكومي ، وتبادل الاتهامات في ما بينها وافساح المجال للقوى المعادية للشعب في ان توغل في جرائمها بحق الابرياء من ابناء الشعب وترتكب المجازر التي كان اخيرها ، وربما ليس آخرها، مجزرة الخميس الدامي الثاني والعشرين من الشهر الماضي

التي راح ضحيتها نحو مئتين وخمسين مواطناً بين شهيد وجريح في خمسة عشر تفجيرا ًفي بغداد ، كان من بينهم كادحون في مسطر للعمال ينتظرون من يدعوهم للعمل من اجل تأمين لقمة العيش لأطفالهم ، وتلاميذ مدارس وأناس بسطاء يعيشون حياتهم اليومية العادية . هذه المجزرة التي اعلنت "دولة العراق الاسلامية " التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عنها.

ومما يزيد في مرارة الوضع هو تهيؤ الشعب العراقي للاعلان عن فرحه بجلاء آخر جندي امريكي عن ارض الوطن ، واعتبار يوم الجلاء عيداً وطنياً ، لأنه خطوة كبرى نحو تحقيق السيادة الكاملة للعراق التي ستتم بخروجه من الخضوع للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، الذي فرضه مجلس الامن عقاباً على الغزو الغادر الذي شنه صدام حسين للكويت الشقيق.

ان الازمة التي تعيشها البلاد بسبب الصراعات بين القوى المتنفذة ، التي زادها عمقاً اتهام السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية بالتورط بدعم الارهاب ومشاركة عدد من افراد حمايته فيه بدعم منه،وكذلك مطالبة عدد من المحافظات بتحولها الى اقاليم تـُشم منها رائحة الطائفية ، تقلق ابناء الشعب ، نظراً للاحتمالات الخطيرة التي يمكن ان تؤدي اليها، بما في ذلك إثارة الفتنة الطائفية، مالم يجر تداركها بحل سلمي ينطلق من الدستور.

ان واقع الحال يدل على ان كل القوى مستهدفة من قبل الاعداء الذين يريدون نسف العملية السياسية وإلغاء االعمل بالدستور والعودة الى النظام الدكتاتوري . الامر الذي جعل الدعوة الى عقد مؤتمر وطني عام يضم جميع القوى السياسية في البلد ، المشاركة في الحكومة ومن هي خارجها ، ومنظمات المجتمع المدني ، تحظى-الدعوة- بتأييد واسع من قبل كل القوى ، بإعتبارها الطريق الاسلم لحل الازمة ، والخروج بالبلاد من المأزق الذي ادخلتها فيه الصراعات اللامبدئية بين القوى المتنفذة .

وبطبيعة الحال فإن عقد المؤتمر ونجاحه في اخراج البلاد من هذه الازمة يتطلب جهوداً حثيثة من قبل كل القوى الحريصة على سلامة الوطن وتجنيب الشعب مخاطر استمرار الازمة واحتمالات تطورها الى ما هو اسوأ ،بما في ذلك استمرار الارهاب وجرائم التخريب والتفجيرات الاجرامية وصولاً الى الفتنة الطائفية والحرب الاهلية .

واذا لم يستطع المؤتمر العام من النجاح في ما يعقد من اجله لا يبقى غير اللجوء الى ما ينص عليه الدستور في حالة كهذه ألا وهو الرجوع الى الشعب واجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب.

ان التجارب التي مر بها الشعب العراقي خلال السنوات الماضية ، تجعل المراقب السياسي يأمل ، رغم قتامة اللوحة السياسية، في ان تتمكن القوى المدركة لخطورة الوضع والاخطار المحدقة بالبلاد، من وضع حد لتردي الأوضاع والوصول الى حلول تبعد الاخطار المحتملة .     



 

free web counter