|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  7 / 11 / 2017                                 عبدالله حبة                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في يوم تسلل"شبح الشيوعية" الى بتروغراد

عبدالله حبه - موسكو
(موقع الناس)

تنشر في الصحف وتصدر عشرات الكتب وتنتج عدة أفلام بروسيا في الأشهر الأخيرة حول سلبيات وايجابيات ثورة اكتوبر الاشتراكية في عام 1917 بمناسبة الذكرى المئوية للثورة . ويتم التركيز بصورة خاصة على دور زعماء الثورة وقادة الدولة السوفيتية على مدى 70 عاما من وجودها. وكان لا بد وأن تصدر دراسات كثيرة عن فلاديمير لينين مفجر الثورة وأول زعيم للدولة السوفيتية. وخلافا لما كان ينشر في الفترة السوفيتية من تعظيم لشخصيته، تجاوزت الحدود أحيانا ، بدأ الباحثون الروس الآن في إعطاء تقييم موضوعي لدوره في تاريخ روسيا الحديث بالإعتماد على الوثائق السرية للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي التي رفعت عنها السرية الآن.ولاسيما الحديث عن لينين " المنظر" في فترة ما قبل الثورة ، ولينين " المطبق " بعد قيامها.ولا يماري أحد في أن لينين أبرز شخصية روسية تولت السلطة في القرن العشرين ، ولهذا أبقى الليبراليون إسمه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي على الشوارع والمؤسسات والمكتبات ومحطة المترو بموسكو وبقي تمثاله الضخم في ساحة اكتوبر في العاصمة الروسية.

وصدرت أخيرا عن دار نشر "مولودايا جفارديا" في سلسلة "حياة عظماء الرجال" سيرة حياة لينين جديدة بقلم ليف دانيلكين يتناول مؤلفها فيها بإسلوب ساخر مختلف مراحل حياة الزعيم البلشفي ، وبالاخص في فترة العمل السري والحياة في المهجر والتحضير لثورة أكتوبر.وربما تعتبر هذه السيرة الأكثر صدقا لإعتمادها على المصادر الرسمية للحزب والدولة. كما يعرض التلفزيون الروسي بهذه المناسبة مسلسلا عن حياة لينين قبيل قيام ثورة اكتوبر، وآخر عن تروتسكي "شيطان الثورة" مؤسس معسكرات الاعتقال "الغولاك".

وأود أن اقدم للقارئ فيما يلي بعض وقائع الأحداث التي جرت في بتروغراد لدى عودة لينين من المهجر ، لتكوين صورة حقيقية عن الوضع في العاصمة الروسية آنذاك عشية قيام ثورة " الأيام العشرة التي هزت العالم". .ففي ابريل عام 1917 توجه لينين في القطار من هلسنكي بصورة سرية الى المحطة الفنلندية في بتروغراد ليثبت إن " شبح الشيوعية " الذي جاب اوروبا ،ممثلا بشخصه، قد إستقر به المقام أخيرا في العاصمة الروسية آنذاك بعد فترة 10 أعوام قضاها لينين للدعوة الى الثورة من المدن الاوروبية التي عاش فيها في المهجر. وكان هدفه أسقاط ليس الحكم القيصري الذي كان قد سقط فعلا في فبراير 1917 ، ولا علاقة للبلاشفة بهذا الأمر ، وأقيم مكانه حكم الجنرالات والطغمة الاوليجاركية والصناعيين تحت راية الديمقراطية الزائفة، بل كان هدفه اسقاط حكومتهم "البرجوازية". وكان قد كتب لهذا الغرض منذ عام 1914 مبادئ الثورة بعنوان" موضوعات نيسان" التي حدد فيها مهام البلاشفة القادمة. علما إن لجنة الحزب في بتروغراد قررت استقبال لينين في محطة القطار بكامل هيئتها مع كتيبة حرس من البحارة وجوقة موسيقية. لأن المدينة كانت في الواقع منقسمة الى عدة مناطق نفوذ تسيطر عليها ميليشيات مسلحة تابعة لمختلف الاحزاب مع استمرار الحركة الثورية والفوضى في المدينة . ولم يعد هناك خوف من إعتقاله.وحملته السيارة مع الحرس الى قصر كان تابعا سابقا الى راقصة الباليه الشهيرة ماتيلدا ،واستولى عليه البلاشفة قسرا، وأتخذ مقرا للسوفيتات. وألقى لينين من شرفة هذا القصر أول خطاب له أمام أنصاره.

كان الوضع في روسيا يومذاك قد نضج فعلا لإندلاع الثورة بسبب نقمة أكثرية سكان البلاد من الفلاحين على سياسة الحكومة وكذلك غضب العمال بسبب تدهور الاحوال المعيشية والوقوف في طوابير طويلة لشراء الخبز والكيروسين. وكتب الفيلسوف الالماني ماكس فيبر عندئذ انه " لا يمكن أن يحل مشاكل روسيا سوى " قيام دكتاتورية إشتراكية – ثورية". لأن البلاد كانت تعاني من الضرائب المجحفة وديون الدولة الضخمة الى المؤسسات المالية الأجنبية والصراع بين اصحاب الأطيان والفلاحين على ملكية الأراضي. وفي الواقع إن مشكلة الأراضي بقيت مطروحة بحدة منذ صدور قانون تحرير الأقنان في عام 1861. ففي بلاد يشكل الفلاحون أغلبية السكان فيها لابد أن تعالج مشكلة ملكية الأراضي الزراعية بصورة جذرية ، وهذا ما لم تفعله الحكومات القيصرية وكذلك السلطة البرجوازية الجديدة. وقد تفاقم الوضع بحدة أكثر بعد بدء الحرب العالمية الأولى. ولهذا اصبحت قيد التداول فكرة الدكتاتورية ، والمقصود في الواقع إستبدال "دكتاتورية البرجوازية" بـ"دكتاتورية البروليتاريا" التي دعا اليها لينين.وكابد من هاتين الدكتاتوريتين في كلتا الحالتين غالبية بسطاء الناس وبضمنهم الفلاحين الذين كانوا دوما عرضة للإضطهاد في روسيا وحتى بعد ثورة اكتوبر حين أرغم الفلاحون على الانضمام الى الكولخوزات والسوفخوزات كعمال أجراء.

إن "موضوعات نيسان" التي إعتمدها لينين كأساس ايديلوجي للثورة تتلخص بمايلي : لا دعم للحكومة المؤقتة ، والتآخي بين الجنود بدلا من الحرب ،والتخلي عن فكرة الجمهورية البرلمانية( في الواقع تم حل الجمعية التأسيسية فعلا بمبادرة لينين في عام 1918)، وتسليم كل السلطة – الى السوفيتات، وتغيرت تسمية الحزب من الاشتراكي- الديمقراطي الى الشيوعي. لقد كانت هذه الموضوعات بمثابة " المنصة" التي إنطلق منها لينين في مسيرته الى قيادة الثورة.وقال لينين آنذاك "ان الديمقراطية هي احد اشكال الدولة. لكننا نحن الماركسيين ضد أية دولة". وبهذا تم رفض اي شكل للتعددية السياسية في الدولة القادمة وحصر السلطة بايدي البلاشفة الذين كانوا يشكلون أقلية سياسية في بدء الثورة، لكنهم كانوا أفضل تنظيما وأكثر إنضباطا من الأحزاب الأخرى.وعلق زملاء لينين السابقون في الحركة الاشتراكية – الديمقراطية على "موضوعات نيسان" بقولهم :"لم يعد هناك وجود للينين الاشتراكي – الديمقراطي ، ولينين الماركسي زعيم الحركة الاشتراكية – الديمقراطية" . وجرى إتهام لينين بالعودة الى افكار باكونين زعيم الفوضويين الروس ورفع راية الحرب الأهلية.وعلق بليخانوف أول من روج للماركسية في روسيا على ذلك بقوله : " ولكن هل ستقبل البروليتاريا الروسية بهذا المنطق"(؟). وكتب كامينيف أحد الرفاق المقربين من لينين في 8 ابريل في صحيفة " برافدا" يقول:" أما فيما يتعلق بالخطة العامة التي طرحها الرفيق لينين في "الموضوعات" فإنها غير مقبولة". إن البلاشفة عموما لم يتقبلوا شعار "جميع السلطة للسوفيتات" لأنهم كانوا على مدى عدة أعوام يؤكدون أن من الواجب أولا قيام ثورة برجوازية للتخلص من الحكم القيصري والأقطاعية وبعد ذلك حين ينضج المجتمع والتكنولوجيا في الانتاج يمكن بناء الإشتراكية. لكن لينين الذي عرف بطبعه الحاد وتعصبه للفكرة التي تشغل فكره أصر على رأيه وأقنع بقية كتلة البلاشفة بوجوب قيام الانتفاضة المسلحة واسقاط الحكومة المؤقتة بالقوة. علما إن البلاشفة القدماء كانوا يطالبون فقط بأن تشرف السوفيتات على عمل الحكومة المؤقتة في التحضير لإنعقاد الجمعية التأسيسة (البرلمان) وبناء سلطة على أسس ديمقراطية وبرلمانية تتولى معالجة كافة مشاكل البلاد. كما ان لينين عارض ان يكون بين ممثلي البلاشفة في الجمعية التأسيسية نواب من المثقفين "الثرثارين"، بل أن يكونوا جميعا من العمال والفلاحين.وكان يريد ان تكون الجمعية التأسيسية منبرا لترويج الشعارات الثورية فقط ، وليس للتعبير عن رأي الناخبين.

أن لينين "المنظر" قد تحول الى لينين "المطبق" لدى نشره كتاب "الدولة والثورة" وتوليه رئاسة أول حكومة سوفيتية. وحدث هذا بعد إقناع رفاقه بضرورة قيام الثورة فورا حتما باستغلال الطاقة الثورية للجماهير قبل أن تخمد وقبل فوات الأوان في ظروف فوضى السلطة في بتروغراد بسبب الحرب على الجبهة الالمانية وتردي الأوضاع الاقتصادية لأن الحكومة اضطرت لتوجيه نفقات كثيرة لتمويل الجيش، بينما إستغل الرأسماليون ذلك لجني المزيد من الأرباح الخيالية على حساب الشعب.زد على ذلك انتشر في شوارع العاصمة الروسية المسلحون من العمال (تنفيذا للأمر رقم 1 الصادر عن السوفيتات) والجنود الهاربين من الجبهة. وكان لا بد من تحقيق المشروع الذي أعد له لينين طوال حياته كلها تنفيذا لرؤيته الخاصة حول الماركسية. واراد ألا يتكرر خطأ الاشتراكيين الاوروبيين في الأممية الثانية حينما لم يستغلوا الحرب لإستثارة الجماهير والقيام بالثورات.

لقد إستغل لينين فترة العلنية النسبية التي تمتع بها خلال ثلاثة أشهر في شن حملة دعائية في إلقاء الخطب والكتابة في الصحف وفي طليعتها " برافدا" ليوضح أفكاره حول الاشتراكية ورفع شعار : الارض للفلاحين والمصانع للعمال والسلام للجنود. وكان يختار من اعمال ماركس وانجلز مصطلحات الاشتراكية ومفاهيم مغايرة لما كان يعترف به الاشتنراكيون الأخرون ومنهم بليخانوف زعيم الماركسيين الروس.

ويشرح لينين في كتابه "الدولة والثورة" ،الذي أنجزه كليا بعد قيام الثورة مباشرة ويعتبر من افضل أعماله ،معنى دكتاتورية البروليتاريا، وما هي أفضليات هذا الشكل المبتكر للحكم وآفاقه ، وكيفية إزالة البرجوازية وجهاز سلطتها من الوجود وفرض السلطة الجديدة قسرا بواسطة السلاح.وكان المقصود بهذا الكتاب أن يعالج حسب رأيه المسألة الكبرى الشاخصة أمام الاشتراكيين وهي : ماركس والدولة. وأعتمد هذا الكتاب بعد وفاة لينين بصفته مرشدا لعمل القيادة السوفيتية و"الكتاب المقدس" للشيوعي. لكن تبين لدى التطبيق ان " دكتاتورية البروليتارية " الواردة في الكتاب تعني في الواقع الطريق الى الخراب الاقتصادي وانخفاض انتاجية العمل وتسلط طبقة الموظفين الحزبيين "نومينكلاتورا" والتضييق على أبسط الحريات المدنية وفتح المعتقلات وسيطرة الإرهاب والدكتاتورية الستالينية ، والآثار السلبية لهذا كله التي قادت الى انهيار الدولة السوفيتية بعد مضي 70 عاما.ويبدو أن كاوتسكي (خصم لينين الفكري) كان على حق حين إعتبر ان تطور الرأسمالية والثورة التكنولوجية سيقودان في نهاية المطاف حتما الى خلق مجتمع أكثر عدالة كما يلاحظ ذلك الآن في البلدان الاسكندنافية.وقد اثبت عدم صحة الطريق الثوري فشل ثورات 1848 – 1851 وكومونة باريس عام 1871.

وفي بادئ الأمر وجد البلاشفة أنفسهم أقلية في البرلمان(الجمعية التأسيسية)، ولكنهم أفلحوا في جذب عدد كبير من البحارة والجنود المسلحين الى صفوفهم ، وقاموا بإنقلابهم على السلطة لدى الهجوم على القصر الشتوي في 7 نوفمبر 1917 . وأطلق على ذلك لاحقا تسمية - ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى. ووضع لينين أمامه هدف إزالة الطبقة البرجوازية والاقطاعيين من الوجود مهما كان الثمن.وبرأيه "ان الطباخة يمكن أن تدير شؤون دولة ". وكان لا بد أن تلقى هذه الحركة مقاومة من العناصر الأخرى في المجتمع الذين وجدوا أن من الواجب صيانة مؤسسات الدولة وتحولها تدريجيا الى هيئات خاضعة لرقابة البرلمان . بينما قال الماركسي بليخانوف وأنصاره أن من الأفضل الإستفادة من خبرة البرجوازية في ادارة الانتاج وممارسة الضغوط على البرجوازية بالطريق السلمي كما حدث ذلك في بلدان اوروبا الأخرى من دون قيام حروب أهلية وسفك دماء ودمار. وتظهر تجربة الصين وفيتنام اليوم صواب هذا الطريق. وهكذا بدأت الحرب الأهلية التي حصدت أرواح حوالي المليون ونصف المليون نسمة وقادت الى خراب البلاد وتدخل القوات الاجنبية الطامعة في الإستيلاء على أجزاء من روسيا. علما أن لينين قد تنازل مرغما عن بعض المناطق في البلطيق واوكرانيا ومولدافيا الى المانيا لدى توقيع صلح بريست.كما منح الى فنلندا الاستقلال.

إعتمد لينين في بداية الثورة على تروتسكي وستالين وكامينيف وزينوفييف (أعدمهما ستالين لاحقا) وسفردلوف وبونتش – بوريفتش وميليوتين ولوناتشارسكي وكولونتاي ومولوتوف ودزيرجينسكي واورجونيكدزه وغيرهم من قادة البلاشفة ، الذين شكلوا أول حكومة سوفيتية ، وكان لهم دور كبير في نجاح الثورة . وإعتمد لينين بصورة خاصة على تروتسكي وزير الدفاع وفيلكس دزيرجينسكي رئيس لجنة الطوارئ (الأمن) في تعبئة القوات المسلحة ومطاردة أعداء الثورة في فترة الحرب الأهلية وفي القضاء على حركات التمرد التي أعقبتها في فترة "الشيوعية العسكرية" و " الارهاب الأحمر". وتنشر في المؤلفات الكاملة للينين البرقيات السرية التي كان يبعث بها إلى المسؤولين (المجلد 5 ص 200و201 و204) مثل: "..خطة رائعة ! سننفذها سوية مع دزيرجينسكي. سنزحف بهيئة الخضر – المقصود بهم العصابات في اوكرانيا( وبعد ذلك نلقي اللوم عليهم )لمسافة 10 – 20 فرسخا ونشنق جميع الكولاك(أغنياء الفلاحين) ورجال الدين والاقطاعيين. وسنقدم مكافأة قدرها: 100000 روبل لقاء كل مشنوق..".و" يجب شن حرب لا هوادة فيها ضد الأغنياء والمنتفعين بهم والمثقفين البرجوازيين.. يجب التنكيل بهم لدى حدوث أقل انتهاك للقانون .. فيزج ببعضهم في السجن ،ويرغم بعضهم الآخر على تنظيف المراحيض ، وتعطى بطاقات صفراء الى الخارجين من السجن ..ويتم إعدام الفئة الرابعة ميدانيا .. كلما تنوعت العقوبات كان ذلك أفضل، وتغدو خبرتنا أكثر غنى..". وفي برقية الى تير-غابريليان مدير الأمن في باكو كتب".. يجب ان تكون مستعدا لإحراق باكو كليا في حالة حدوث هجوم ، ويجب نشر هذا في الصحف في باكو ". وكتب أيضا" بينزا ، رئيس اللجنة التنفيذية للمقاطعة .. يجب شن إرهاب جماعي لا هوادة فيه ضد الفلاحين الأثرياء (الكولاك) ورجال الدين والحرس الأبيض. يجب أن يزج بالمشبوهين في معسكر الاعتقال خارج المدينة ".ويجب " شنق (الشنق بالذات لكي يرى الناس) ما لا يقل عن 100 فرد من الكولاك والأغنياء ومصاصي الدماء. ويجب نشر أسماءهم. ومصادرة كل ممتلكاتهم..". و" الى وزير الثقافة لوناتشارسكي ...أنصحك بوضع جميع المسارح في تابوت. يجب على وزير الثقافة ألا يشغل نفسه بالمسارح بل بمحو الأمية ". وكتب " انصحكم بعدم التسرع في إبعاد الأجانب ، بل الأفضل أن يزج بهم في معسكر الاعتقال". وقد لا يصدق القارئ بأن كاتب مئات البرقيات المماثلة التي تحث على العنف قد كتبها رجل فيلسوف ومثقف كان يدعو الى العدالة والمساواة بين البشر. وربما أن الدافع لذلك هو أحوال الطوارئ السائدة آنذاك وخشية لينين من فشل ثورته حيث أراد تحقيق مشروعه في أقامة دكتاتورية البرليتاريا مهما كان الثمن. وهذا ماكن عليه الحال في بتروغراد قبيل إنتقال الحكومة السوفيتية الى موسكو .


 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter