|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  15  / 11 / 2014                                د. علي الخالدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أفعال لا تقر

د. علي الخالدي

هناك في أفغانستان ، كما يقول شاهد عيان ، وهو مهندس مدني أنه عندما تجابههم مشكلة فنية ، تتطلب حلا سريعا ، ينبري أحد العاملين الى التطوع ﻹستشارة المجتهد ، والمجتهد هناك هو رجل دين حسب قولهم ملم بكافة العلوم الحياتية واﻷخروية وعارف ببواطن اﻷمور ، بجانب القضايا اﻹقتصادية والسياسية الفيزياء والكيمياء والرياضيات . بينما هنا في أوروبا يشكل مسؤول الجامع والحسينية رديفه في المعرفة وفي اﻹفتاء .

فكما أخبرتني معلمة بمدرسة إسلامية ، عندما كانت توضح دوران اﻷرض حول الشمس ، لم يقتنع أحد الطلبة بشرحها ، قائلا إنه سيسأل السيد عن هذه الظاهرة . مما يدل على أن الكثير من ألمتشددين اﻹسلاميين خريجي مدارس طالبان ، من تلامذة القاعدة وداعش ، قد وصلوا مبكرا ﻷوروبا وإنتشروا في الدول طلبا للجوء في الدول ( الكافرة ) التي أتاحت لهم كل مقومات الحياة الكريمة التي إفتقدوها في بلدانهم ، مبررين هجرتهم لهذه البلدان ، الى مسؤولياتهم الدينية في نشر معتقداتهم و تنظيفها من الكفرة ، بنشر تدينهم الجديد من جهة ، وليحافظوا على جيل المسلمين من اﻷنصهار والتأقلم بأوضاع البلدان التي منحتهم جنسيتها من جهة ثانية ، وأما كثرة اﻹنجاب (ليفاخروا به اﻷمم و تخشاه أوروبا) ، فهو بدافع زيادة دخل العائلة من الضمان اﻷجتماعي الذي يمنح لكل طفل ، حتى أن البعض منهم تحايل على تعدد الزيجات ، الذي تمنعه أنظمة الدولة المضيفة  .

من تلك المنطلقات يواصل المتشددون اﻷسلاميون تثبيت أقدامهم بالمجتمعات اﻷوربية ، عبر حث أبناءهم اﻹنخراط في منظمات الشباب والتحرك بينهم ، وإستغلال إمكانية الجمع بين تطلعاتهم المادية وأفكارهم الحداثية المعاصرة ، السهلة اﻷستغلال من قبل ذوي اﻷجندات والمشاريع المعادية للحداثة وبصورة خاصة بين اﻷوساط الشبابية الفقيرة ، لسهولة ربط حاجاتهم وتطلعاتهم بوشائج دينية أخروية ، عبر التظاهر بما يُدعى من عدل ومساواة بين الناس ، و تلعب في هذا الشأن المساعدات المالية واللوجستية السخية من لدن دول ومؤسسات وأفراد تدعم هكذا نشاطات ، تفتح أمكانية إخفاء أجندات لا تتماهى وأهدافها التي تمارسها بكل حرية بين الناس وبصورة خاصة ، في أوساط الشباب الضائع بين اﻷدمان على المخدرات والبطالة  .

موخرا أدركت المؤسسات الدينية على إختلاف مذاهبها ، وبدأت تحذر من التصاعد المستمر لهذه النشاطات ، بين أوساط الشباب بإستمالة عطفهم وإثارة نوازعهم المتمردة على الواقع المعاشي الذي يكتنف معيشتهم ، من بطالة وفقدان فرص العمل ، فيخدعوا بما يعرض عليهم من مكاسب دنوية وأخروية ، تُخفي إجندات غايتها تسويق إنتحاريين الى مناطق نشاطاتهم اﻷرهابية ، يعتبر الشباب ذلك ملاذا يخفف من أزماتهم النفسية والمادية ، و كوسيلة تمرد تبعدهم عن واقعهم ، الذي لم يلمسوا فيه العدل والمساواة بين الناس  .

مؤخرا إطلعت على أن هناك مؤسسة تحمل إسم المجتمع اﻷسلامي المجري ، تنشط بشكل واضح في المناطق الشرقية الفقيرة من المجر ، (حيث فيها أكبر عدد من الغجر) ، وقد نشرت المجلة اﻷسبوعية للتجارة العالمية المجرية قبل حوالي شهرين تحقيقا عنها مشيرة الى أسلمة أعداد منهم لظروف مادية ، وعندما تزايدت أعدادهم قلت المساعدات وقطعت مما دفع بعضهم التخلي عن اﻹسلام ، فاتجهت هذه المؤسسة الى مساعدة السلطات المحلية في أستنهاض نشاط بعض المؤسسات التي أعلنت إفلاسها كالمدارس ومؤسسات رعاية اﻷطفال واﻷيتام ، وقد أشار رئيس الوزراء الى أن هناك حوالي عشرين إرهابي مجري يقاتل في صفوف داعش بسوريا والعراق .

من هنا تظهر أهمية توحيد نشاط وجهود الجاليات لمراقبة نشاط هكذا تنظيمات للتأكد من خلو فعالياتها من أجندات إرهابية ، لا تخلو من أمتداد أصابع معادية لمصالح شعوب المنطقة ، تعمل على تزايد حدة التوترات بين الجاليات ، و يفقر الحضور والمساهمة في النشاطات التضامنية مع شعوبهم ، سيما وإن البعض منها ، لا زال قائم على إستيراد ما يجري في أوطانهم من خلافات وتنابز بين القوى السياسية والدينية ، يؤثر على نزاهة و مفعول مستلزمات النشاطات الهادفة الى لملمة صفوف المغتربين وتوحيد جهودهم الرامية نصرة شعوبهم المغلوبة على أمرها  .
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter