| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 21 / 11 / 2014 د. علي الخالدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
ايام سود ومستقبل غامض ستنجلي
د. علي الخالدي
يقوم رجال دين على إختلاف دياناتهم بتحرك مكوكي بين المؤمنين ، ومع منظمات وحكومات على إختلاف مرجعياتها وأنظمتها بعقد لقاءات ، بغية التأمل بما ستؤول اليه اﻷوضاع الجارية في الشرق اﻷوسط وبصورة خاصة في سوريا والعراق ، من أجل أيجاد مشتركات التفكير والعمل سويتا ، من خلال مؤتمر دولي يتناول الحوار بين اﻷديان يعقد في فينا ، وللبحث مجددا بالدور الوخيم العواقب على مستقبل اﻷديان والسلم العالمي ، وشروط صيانة التعددية الدينية والثقافية في البلدان المهددة بإمتداد سيطرة مفاهيم التشدد اﻷسلامي .
بالتأكيد سيسعى المتحاورون في هذا اللقاء، التأكيد على قيم السلام والتعاون وقبول الآخر ، كإسلوب لنشر ثقافة الحوار بين أتباع الديانات المختلفة , (سيحضر المؤتمر البطريك لويس ساكو بطريك الكلدان في العراق والعالم ) . ولضخامة مهام اﻹجتماع والمسؤولية الدولية التي أنطيت لمكوناته في تطبيق مقرراته تطلب أولا ، شرعنة مسألة اﻹعتماد على جهود العامل الخارجي الدولي ، في محاربة اﻹرهاب الذي أصبحت صيغته تهدد شعوب العالم ومنجزاتها الحضارية . وثانيا العمل على بذل كل ما من شأنه توثيق الئقة بين اﻷطراف المعنية ، وشحذ همم كافة المؤمنيين والقوى الوطنية للتصدي مبدئيا لمن عشعش بأجهزة اﻷنظمة اﻷمنية واﻷدارية من الطابور الخامس الذي تتماهى تحركاته مع أجندات تجددت و تصاعد جبروتها في اﻷونة اﻷخيرة في كل من سوريا والعراق على يد داعش والنصرة ، والتي إتسمت بمساعي العمل على التشظي المدروس لنسيج أنسجة مجتمات البلدين ، عبر أعمال القتل والتهجير القصري للكيانات الدينية التي لا تؤدي ولاء الطاعة لهم ، خالقة ظروف تقديس تاريخ مقولات وأحداث غريبة عن اﻷديان ، وعابرة لكل اﻹعتبارات والتحولات اﻹجتماعية والحضارية التي حققتها شعوبهما خلال القرون الماضية .
ففي العراق يستغل المتلونون وأصحاب اﻷجندات المعادية لمصالح شعبنا أمزجة تبني ظاهرة العنف التي هي ليست بالجديدة ، وإنما وليدة عصابات وإنتاج مساحات واسعة من الفساد واللصوصية السياسية , طعمت بنكرات إنتهازية وأنصاف المتعلمين واﻷميين الذين ترعرعوا في حقبة البعث الصدامي كي تتسلط على رقاب الناس والمناضلين ضد دكتاتوريتها . أستطاعت هذه العناصر التغلغل في اﻷجهزة اﻷمنية واﻷدارية وحتى في صفوف بعض اﻷحزاب بعد سقوط الصنم ، ولم تمس من قبل القائمين على نظام المحاصصة الطائفية واﻷثنية المقيت . شجعتها خطوات معادية لمصالح شعبنا وعمليته السياسية من حاملي ثقافة أستباحة المال العام ، وثقافة التلذذ واﻹستمتاع بإيذاء الآخرين سواءا بالقتل والذبح أو السلب والنهب واﻹختطاف والمساومة على إطلاق سراح المختطفين ، إغلب اﻷحيان يوجدوا كجثة ، ملقاة على قارعة طريق بعد دفع الفدية .
لقد نبه الحريصون على مصالح الوطن العليا الى ذلك أكثر من مرة ، ودعوا ﻷخذ الحيطة والحذر مع الخشية من الذين يتبرموا من الديمقراطية و حقوق اﻷنسان ، قدر تبرمهم من رقابة الدولة ومسؤوليتها بتعميق عملية التغيير التي كان شعبنا يأمل أن تتواصل بعد سقوط الصنم , لتصبح سيف يقطع دابر فسادهم وطرقهم الملتوية لمواصلة السحت الحرام ، هذا اﻷمر الذي جرى التهاون معه خلال العشر سنوات الماضية ، من قبل القائمين على مسار العملية السياسية ، فأوصلوا شعبنا الى ما عليه الآن .
أن هذه العناصر التي إستعلت على القانون إذا ما إنفلت زمامها ، ستستطيع إلغاء كل ما بذل من جهود لوضع التغيير على أسس سليمة ، وفي نهاية المطاف تقودنا الى العودة الى ما يشبه الحرب اﻷهلية التي جرت و التغيير لا زال يحبو ، فأدخلتنا في كوارث وأزمات ، أدت الى تصاعد روح اﻹنتقام ، وتكوين حواضن لداعش وحتى اﻷرتماء بأحضانها ، وخشيتنا حاليا أن تُفعل دورها ما لم يجري تطهير كافة اﻷجهزة اﻷمنية وأﻹدارية منها وإعتماد ذوي اﻷيادي البيضاء من القوى الوطنية ، لكونها تملك مستلزمات إنجاح عملية التغيير ، والقدرة على التطبيق الحي لمقرارات مؤتمر حوار اﻷديان التي تتطلع اليها مكونات شعبنا اﻷصيلة ، وهي تعيش أياما سوداء ، يكتنفها مستقبل غامض في شتاء قارص ، والتي بالتأكيد ستجليها إنتصارات جيشتنا الباسل ، وفرحة العودة الى بيوتهم .