| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الخالدي

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء  28 / 10 / 2014



المجتهد والسيد والمتكابر في عراق اليوم

د. علي الخالدي       
 

منذ الحملة اﻷيمانية التي أطلقها الدكتاتور المقبور ، تواجد السيد والمجتهد (رجل دين يلم بالحياة الدنيوية واﻷخروية ، وعلوم الطبيعة) في الحياة اﻹجتماعية العراقية ، وبعد سقوطه وبمساعدة العامل الخارجي والداخلي إعتلى البعض منهم السلم السياسي ، وإحتلوا مواقع حزبية ، وإدارية في الحكومة ، بعد أن أتاح لهم نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية فرص النهب والفساد التي رعاها وحماهم من المساءلة فأثروا سريعا وأصبحوا ، في عداد ملياردري العالم ، ولكي يميزوا أنفسهم عن بقية الناس ، وجلهم ممن كان يعتاش على الرعاية اﻹجتماعية في دول اللجوء ، و يَخفوا مآربهم وتراكم ثرواتهم ، إتبعوا سلوكا غريبا عن الشخصية العراقية اﻷصيلة المتواضعة ، فتناسوا ماضيهم ، وتعالوا على هموم الشعب ومآسيه ، يذكرونه في الحاجة اليه ، وينكروه عند المطالبة بحقوقه ، تغطرسوا وتكبروا في سلوكياتهم . تكورت كروشهم وإحمرت وجهوهم ليس خجلا وانما شبعا ، أوجعوا الشعب بتشظيه بأدائهم المتلبس بنصرة هذه الطائفة وتلك ، وخدعوه بتدينهم وأقامة الشعائر المذهبية ، وبإلتزاماتهم اﻹجتماعية غير مبالين ولا خائفين من عقاب الآخرة ، ترفعوا حتى على من إنتخبهم وتجاهلوا أوضاعه وصيحات بطون أطفاله التي تنام جياعا ، وتفترش اﻷرض وتلتحف السماء بعد كارثة الموصل والتهجير القسري . أبوا التخلي عن جنسية بلد لجوءهم ، بالرغم من تخلي رأس السلطة عن جنسيته الثانية ، آملا منهم أن يحذو حذوه ، لكن نظرتهم بقت مرتبطة بعواقب التخلي عنها ومن مسأءلة من أين لك هذا ، سيما و أنهم هربوا مليارداتهم لوطنهم الثاني ، فأصبحت عامل إستثمار مهم لا تستغني عنه تلك الدول .

خلال تواجدهم في موقع القرار ،عُميت بصيرتهم ، وأستولت الغطرسة والنرجسية على تصرفاتهم وأحاديثهم ، يهينون ويذبحون الشعب ثم يمشون في جنازته ، ضانين أنهم بهذا يستطيعوا مواصلة تغيير ألوانهم ، والعبث بمقدرات شعب يملك مفاتيح أضواء العقل والحكمة والدراية ، المتوارثة من حضارة بابل ونينوى وأور ، وسط تطبيل ، وتهريج محسوبيهم . ولكي لا تبان عورتهم ، وحتى لا تصبح أجسامهم عارية من ملوثات التكبر والتعالي والنظرة الدونية لناسهم ، غطوا خواءهم الفكري والثقافي وفشلهم في مراحل التعليم ، بتزوير شهادات جامعية ، ووضعوا قبل أسماءهم حرف الدي ، ليعطوا شرعية علمية لمناصبهم التي وصلوها بالمحاصصة والتوافق ، وبحجة التوازن غيبوا القادة النوعيين وألكفوؤين من إشغال مهام إدارية وعلمية يستحق الشعب خدماتهم لبياض أيديهم ، موهوا سياراتهم وأحاطوا أنفسهم برتل حماية يعرقل حركة الناس الذين أوصلوهم الى تلك اﻷماكن التي سهلت لهم السرقة دون مسائلة ، في وقت إن المرجعيات الدينية لا تقر أفعالهم ، والشعب المغلوب على أمره وخاصة فقراءه يتطلعوا إلى أن يفعلوا ذلك جهارا ويعلنوا براءتهم منهم لأنهم شوهوا دينهم بذلك .

مما يثير اﻷشمئزاز هو أن البعض منهم لا يعترف بالخطاء ، معتبرأ ذلك به شيء من اﻷهانة وإضعافه وكل ما نخشاه هو توريث سلوكياتهم تلك الى أدوات التغيير في الحكومة الجديدة ، وبشكل محاصصة طائفية إثنية ، محلاة و مجملة بصيغة التوازن في توزيع المناصب اﻷدارية ، الذي تلعب به المحسوبية والعشائرية دورا مشابها لما مر خلال السنوات العشر لاسيما ، إن أغلب المسؤولون ، كانوا مسؤولون في اﻷمس على أساس المعادلة التي قامت عليها طريقة توزيع المناصب بين اﻷحزاب ، ليتكبروا ويشكلو مع السيد والمجتهد قوة ﻹعاقة مواصلة عملية التغيير والتقدم الحضاري اللتان ينشدهما شعبنا بعد التغيير .
 

free web counter