|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  22  / 4 / 2016                                 باقر الفضلي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العراق : العملية السياسية، بين الصراع والتوافق..!(*)

باقر الفضلي
(موقع الناس)

هل ثمة من جديد في دوامة علاقات الكتل السياسية التي تهيمن على الساحة السياسية في العراق، منذ ثلاثة عشر عاماً ونيف، مما يمكن المرء أن يقف عنده ، ليقول بأن هناك في الحقيقة ما يبعث على إعادة النظر في كل ما كان قد تصوره عن حقيقة ما يدور على الصعيد السياسي العراقي من تغيرات تستوجب إعادة النظر في تقييم المواقف والتفاؤل المقرون بالأمل؛ بأن شيئاً ما قد تحقق فعلاً على صعيد تلك العلاقات، بين تلك الكتل التي بنيت العلاقة فيما بينها وفق الأسس الطائفية المذهبية والإثنية، على صعيد السلطة وإدارة البلاد، الأمر الذي وجد البعض منها نفسه، متسلطاً لفترات طويلة، لدرجة بات فيه إحتكار السلطة وكأنه البديل لإحتلال العراق في العام/2003، ولا عجب القول والحال؛ بإن ذلك قد تم تحت عباءة الديمقراطية الشكلية...!؟

أما اليوم وبعد الفشل المريع الذي خيم على ذلك التسلط، فقد تم سحب البساط من تحت أقدام تلك الكتل، التي ساعدت بعضها، الكثرة العددية للطائفة الواحدة، أن تستأثر بالسلطة وتحتكرها، على خلاف ما جرى النص عليه في نصوص الدستور، حول مبدأ تداول السلطة والمواطنة، وإستأثرت بها وكأنها قد ورثتها ممن كان قبلها، وإنفردت بها، مهمشة باقي المكونات الأخرى، الأمر الذي تفجر عنه ما كان أقرب الى الأزمة السياسية المستحكمة والمستديمة، منه الى مجرد عرض سياسي عابر..!؟

إن إستحكام الأزمة السياسية في العراق ومنذ بدايتها بعد الإحتلال في عام 2003، لم يأت من فراغ، بقدر ما ترسخت جذوره أصلا في عمق نفس الأسس التي قام عليها، وتفرع عنها ذلك المخطط الإستعماري الهادف الى وضع العراق في دائرة تسلطه، والتحكم في مقدراته وقدراته، ووضعه في دائرة الهيمنة الإستعمارية، ولا نريد القول هنا؛ بأن تلك القوى السياسية التي رحبت بدخول أمريكا الى العراق يومذاك، بإعتباره تحريراً؛ لم تك في غفلة عن كل ذلك، بل وجدت له من التأويل والتبرير والتفسير، ما يمنحها الفرصة في التحكم بمقدرات الوطن والشعب، فأبدعت في تكريسها لمبدأ المحاصصة الطائفية المذهبية والإثنية، لتكون ملاذاً لتفردها بالحكم، وفق الشكلية الديمقراطية، وتغييب مبدأ المواطنة، الأمر الذي أكدته تداعيات الأزمة الحالية، والذي عبر عنه التحرك الذي إنتاب مجلس النواب نفسه، وما نتج عنه من إستقطاب واضح المعالم، على صعيد الكتل السياسية، داخل ذلك المجلس، مما بدا أكثر وضوحاً مما كان عليه الأمر في السابق..!؟

وما يشار اليه اليوم من التمسك ب المحاصصة من قبل الكتل المتنفذة، فليس بالغريب عن طبيعة الأسس التي أرسيت عليهاالعملية السياسية، ف "المحاصصة" نفسها، سلاح ذو حدين؛ فهي من جهة، تعطي تفسيراً تبريرياً لما عناه نظام الحكم بعد الإحتلال، بإعتباره نظام حكم شمولي؛ تشارك في إدارته كافة مكونات الشعب العراقي السياسية، على الصعيدين الطائفي والإثني من جهة، ومن الجهة الآخرى، فهو يحقق بالنسبة لتلك الكتل السياسية؛ المشاركة في عملية التغيير بعد نيسان عام 2003، حصتها في ذلك النظام، ومقدار ما يحق لها المشاركة به في مؤسسات الدولة، وبالتالي فهو نظام ضامن لأي مكون طائفي أو إثني، تحقيق حصته من المشاركة وفي عدم التهميش، وطبقاً لهذا الأساس سارت جميع الكتل المؤسسة للعملية السياسية، وهونظام قد إتفقت على ديمومته، رغم تعارضه مع مبدأ المواطنة، الذي يتيح الحق لجميع المواطنين العراقيين، المشاركة الفعلية في آليات النظام الديمقراطي، ولكن من حيث الواقع العملي، فإن تلك المشاركة غالباً ما تجسدت في صورتها الشكلية، فالمواطن العراقي مساهم فعال، ولكن في إطار نظام الإنتخابات وقواعده التي تحكمها مصالح الكتل السياسية، وفي إطار قوائمها الإنتخابية، المصادق عليها من قبل المفوضية العليا "المستقلة" للإنتخابات..!؟

إن مصالح القوى السياسية، بأبعادها الطائفية أو الإثنية، وهي إغلبها وفي ذاتها، مصالح طبقية وطفيلية، من تقف وراء إستمرار مبدأ المحاصصة ، وهي من تعمل من أجل أن تضمن كما يسمى "إستحقاقها" وفقاً لذلك المبدأ؛ الأمر الذي جسدته ما يسمى "وثيقة الإصلاح" التي وقعتها الرئاسات الثلاث أخيراً، والتي تؤكد مصالح جميع الكتل السياسية، وإستحقاقاتها في سدة الحكم، وفقاً لما أصطلحوا عليه بمفهوم الديمقراطية التوافقية، وإعادة بناء الكابينة الوزارية طبقا لتلك الإستحقاقات التي يشملها مبدأ "المحاصصة" سيء الصيت، رغم أن جميع أصحاب تلك الإستحقاقات، هم من كان ينادي بضرورة إلغاء المحاصصة وتحشيد الجماهير وراء ذلك..!!؟

فحينما يتحول مبدأ المحاصصة الى مجرد شعار للتلويح به من قبل مسؤولي الكتل السياسية المتنفذين والمتمسكين بالسلطة، والمتصارعين على الإمساك بها، أمام أنظار المواطنين وحشود المتظاهرين، بإعتباره قاصم ظهر البعير، فهو لا يعدو في الواقع، أن يكون غير ممر لتلك الكتل المتصارعة، للوصول من خلاله الى هدف إحتواه تلك الجموع من المواطنين لضمان إصواتها في دورة جديدة من الإنتخابات..!؟

فالأزمة السياسية التي يعيشها العراق اليوم، وكما أشرنا فيما تقدم؛ هي نتاج الأسس التي بنيت عليها العملية السياسية منذ نيسان العام/2003 ، وبالتالي يصبح عسيراً البحث عن حلول واقعية وديمقراطية لفك إشكاليات الأزمة المذكورة، إن لم تنبر، كافة الجهات التي تقف وراء تلك العملية السياسية، لفك إرتباط تلك العملية من جذورها، بعيداً عن تمسكها الحديدي، بالمنافع التي إكتسبتها خلال تلك الفترة، والتخلي عن ما يدعى بمبدأ المحاصصة، عملياً، من خلال تثبيت ذلك في نصوص الدستور، وفسح الطريق للمواطن، أن يجد طريقه الحر الى البرلمان، بعيداً عن إحتكار القوائم الإنتخابية، التابعة للكتل السياسية، الأمر الذي يستدعي تشريع قانون جديد للإنتخابات، بملامح ديمقراطية، يضمن للمواطن العراقي، كامل حقوقه الديمقراطية في الترشيح والإنتخاب..!

لأربع سنوات خلت، كنا قد أشرنا الى مثالب العملية السياسية والمآخذ التي سجلت عليها والمصاعب التي تواجهها، الأمر الذي لم نجده قد وجد طريقه الى المعالجة، أو الخروج من المأزق الذي يحيط بطريق العملية نفسها ومن يقف ورائها من القوى السياسية، التي أصبح الإستقطاب الحالي أحد إشكالها الظاهرة ، والتي عبرت عنه أزمة مجلس النواب الحالية، كإنعكاس واضح المعالم، لما يمر به العراق من طريق مسدود، ولا أفق موعود، وهو أمر لم يعد في عالم الغيبيات، وقد جرى تناوله من قبل أكثر من جهة سياسية، آخرها ما جاء على لسان جريدة الحزب الشيوعي العراقي، طريق الشعب في عددها الصادر بتأريخ 17/4/2016 ..!؟ (**)
 

2016/4/22
 

(*) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=315652  (
(**) http://www.iraqicp.com/index.php/party/from-p/41896-2016-04-17-17-00-45























 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter